الحركات السياسية الموريتانية في مواجهة مواسم مارس 1981 1982 198

 

تمهيد
+
ظلت نتائج مؤتمر كيهيدى1964 تلقي بظلالها على  الساحة السياسية , حيث قررالمؤتمرون الإبقاء على حزب واحد تحت رئاسة المخطار ولد داداه رئيسا ونائبه احمد باب ولد  احمد مسكه
.حتى سنة 1967 حين خرجت حركة القوميين اليساريين  عن هذا الاجماع  وخاضت نضالاتها مجتمعة خارج اسوار حزب الشعب 

وقد  انبثق عنها ثلاث حركات سياسية هي :
حزب الكادحين الموريتانيين الذي يصفه البعض بأنه تعايش بين القوميين ممثلين فى سميدع و  احمدو ولد عبد القادر والامام ولد اطفيل الذى كان ناصريا لكنه ضمن حزب الكادحين وله نصوص في كراس سطور حمراء   وماركسيين ممثلين فى ولد بدر الدين وجماعته 
القوميون الناصريون ممثلين فى الطالب جد ومحمدن التمين  وسيدن ولد ميلود وسيد محمد ولد العيل والرشيد ولد صالح واحمد ولد مدالله واحمد ولد الطلبه
البعثيين ممثلين فى احمد ولد الوافى (ومحمد يحظيه ولد الطلب ) وجدو ولد السالك   ومحمد يحظيه ولد ابريد الليل
وقد كان القوميون يتمترسون بالنضال النقابي داخل نقابة المعلمين العرب  الذى كان اول رئيس لها السيد عبدو ولد احمد (من مدينة برين ) ثم محمد ولد ددٌاه
وأحيانا تحت عنوان ما عرف بنضال الثانويات الذى كان يقوده القومي البارز ممد ولد احمد  من البعثيين .
ولم يكن التمايز الايديلوجي فى السبعينيات اهم مايميز العمل السياسي خاصة حين يتعلق الامر بالبعثيين والناصريين .
بعدالإصلاحات التى قام بها نظام حزب الشعب (العملة التاميم دخول الجامعة العربية )
انهال من كانوخارج اسوار الحزب الحاكم على الاصطفاف داخله مما اثمر عن تاسيس المجلس الاعلى للشباب برئاسة التجانى كريم وعضوية آخرين منهم الرشيد ولد صالح ومحمد يحظيه ولد ابريدالليل .. وقد تصدر  القوميين واجهة  النشاط الثقافى   والاعلامي خاصة فقد كان  كابر هاشم بمثابة جهازتنفس للإذاعة الوطنية  كما كان للشاعر ناجى  محمد الامام دور كبير فى النشاط الاعلامى والثقافى سواء داخل الحزب وخارجه لانه كان يعمل بالأمانة الدائمة لحزب الشعب ..و كان الكورى ولد احميتى  يعمل على إصدار  إصدار مجلة مريمُ النسائية التى كان يصدرها المجلس الاعلى للنساء  فالحزب آن ذاك فى حالة انتعاش نسبي بتقبله للكل ..

إلا  ان هذا الوئام لم يدم طويلا
فقد بدات الحرب الباردة تحمل اثقالهاإلى المنطقة بعد قضية الصحراء مما ادى إلى الإطاحة بنظام الحزب الذى كان فى هذه الفترة (1975-1978) محط رحال هذه الحركات التى كان بعضها  إما فى دروب سجنه اوفى دهاليز نسيانه قبل تلك الإصلاحات ..

والواقع ان انقلاب 10/يوليو 1978
كان بمثابة انتكاسة ديمقراطية ليس لانه كانت هناك ديمقراطية لانها لم تكن ، ولكن لانه كان هناك تعايش سياسي داخل حزب الشعب في حين لم يكن هذا التعايش ممكنا لاداخل اروقة اللجنة ولابين مؤيديها من الحركات السياسية ..
اي انه بعد هذا الانقلاب والصراعات الملامسة له ما ان  استتب الامر يوم 31 /مايو 1979 للرئيس المقدم محمد خون  ولد هيدالة

حتى وضع في السجن قيادات قومية كانت تقود العمل الناصرى فى السبعينيات منها
سيد محمد ولد العيل خريج الكويت والطالب جدو وسيدى ولد محمد محمود  والسنى عبداو
وبعد إطلاق سراحهم تم حرمانهم من رواتبهم  كان ذلك سنة 1980
ولم يكن السجن الوسيلة القمعية الوحيدة بل كان اختراق الحركات السياسية خاصة الناصريين أحد اساليبه ففى سنة 1979عملت مخابرات النظام  على اخترافدق الحركة الناصرية لتمكين الاخوان المسلمين من جذب بعض منتسبيها
وحتى لاتمر سنة من سنوات حكم ولد هيدالة ادون  سجناء  اودع قائد الانقلاب  العاشر من يوليو فى السجن سنة 1981 ليدشن بذلك مسارا سياسيا سمته الابرز التفرد بالسلطة وغياب اي شراكة سياسية إلا ما اتيح لحركة MND
أ والاخوان المسلمين رغم محدودية وزنها السياسى ان ذاك إلا ان اشتراكها معه في التمترس بالمؤسسة الدينية مكن الفريقين من اختزال الدولة فى شخصه .

المحور الثانى  كفاح الحركات السياسية 1981
1982
1984

  فى حين كان بيان 30مارس1964   الذي اعلن فيه الزعيم المصرى جمال عبد الناصر عن الملامح العامة للدستور المصرى الجديد بحيث يتيح الحريات الفردية والجماعية وحرية الابداع والنشر ومجانية التعيليم كان للرئيس محمد خون ولد هيدالة  مع  شهر مارس شان آخر

مارس 1981
بعد ان اودع  اودع  الرئيس محمد خون ولد هيدالة قائد انقلاب العاشريوليو السجن فى سنة 1981 لم ينتظر طويلا حتى  كان  سجن باسكنو معدا  للسيدان المحامى الشاعر محمدو  محمدو ولد اشدو والاستاذ والسياسي البارز التجانى كريم رئيس المجلس الاعلى للشباب الآنف الذكر ..على خلفية حراك بدأ سلميا كانت القوى السياسية الداعمة لنظام المخطار ولد داداه   قد التأمت فيه وشكلت ماعرف فى ذلك الوقت بالتحالف من اجل موريتانيا الديمقراطية لتكون رحلة مارس بعدذلك جسرا يسير عليه هيدالة لتعزيز لم شمل معارضيه لكن  داخل السجون  !
كان ذلك مارس 1981 ومامهد له من اعتقال للرئيس السابق المصطفى محمد السالك ومن قبله فى 1980 سجن قياديين قوميين ناصريين سبق وان اشرت إليهم وكذلك سجن احد ابرز سجناء مارس 1981 الا وهو ولد الشدو

اما فى مارس 1982 فقد دشن ولد هيدالة هذالموسم بتمهيد له بماقبله ، حيث اعتقل الشاعر والمفكر الناصرى ناجى محمد الامام وبعد ماتم من مرارة الاعتقال وحسرة فراق الاهل والخلان.. وصل إلى الموسم المنشود مارس 1982 حيث تم الزج بالبعثيين فى السجون ولم يستثن من ذلك الشعراء بل كانو هدفا يكاد يكون اوليا  لمخابرات ولد هيدالة فقد سجن الشاعر ذاكرة الوطن الخليل ولد النحوى كما سجن الشاعر الشاب الحالم فاضل امين  فضلا عن الكثير من النخب البعثية ..

وظلت سنة 1983 سنة  ترقب و قلق لم يكن لاي شاب حالم ان يطيقه حتى مارس 1984

مارس 1984
لم يطل انتظار الشباب الذى كان يغلى طموحا وتطلعا إلى غد افضل وهو يرى كل  الدروب امامه مسدودة وخلاص اللجنة العسكرية للخلاص يضيق عن أحلامه
فانطلق الشباب  تحت لواء الحركة الناصرية التى جمعت بين كونها حركة ثقافية وفكرية وسياسية اجتماعية
كما انها تتميز بكون  معظم ناشطيها من الطبقة المتوسطة
١سذقد كان مؤطرو هذه الحركة يشكلون روافد ثقافية للمنتسبين .كما كانت معظم الاحياء تستضيف مدارس يتطوع فيها شبان وفتيات ناصريات لتعليم من هم مقبلون على الامتحانات النهائية  واحيانا يشكلون فصولا لمحو الامية واذكر انى كنت اتوجه الى مدرسة ادرس فيها رغم كونى اسكن فى العاصمة والمدرسة فى اقصى المقاطعة السادسةو كان  النائب الخليل ولد الطيب الذى  كان قدد رسني يدرسنى مادة الرياضيات عندماكنت احضر شهادة الباكلوريا .
و قد كان لفئة الحراطين نصيب اوفر فى هذه الفصول الدراسية التى كان الشباب الناصريون يخدمون فيها
وبمعنى ما لم تكن الحركة الناصرية سرية فلم نكن نخفى أننا ناصريون ولقرب روافدنا الفكرية والثقافية من المجتمع لم نتلق اي رفض .
كنا تتعاطى الثقافة والفكرو السياسة على حد سواء
بدات الحركة الاحتجاجية السلمية بشكل حضاري  فلم تكن ذات صلة باي عمل تخريبى ولاحتى أي عمل انقلابي
فى1 مارس 1984عمت الكتابات الجدرانية  والمنشورات التى تطالب بتحسين اوضاع المدارس  بشكل خاص و الاوضاع العامة بشكل خاص
وما إن أشرقت شمس فاتح مارس حتى لكان نظام ولد هيدالة كان يبحث عن اية ذريعة للتخلص من ءاخر من بقي فى الساحة من القوميين 
فاكتظت مدرسة الشرطة وغيرها من المفوضيات بالمعتقلين  اذكرمنهم حمود ولد عبدى والمحمد الامين ولد الناتى الشيخ بكاي  والخليل ولد الطيب ومحمد سالم ولد بمب وغيرهم كثير حتى بلغ العدد مايقارب المائة  وتلقوا  مالم تتلقه العصابات الإجرامية
استمر ذلك طيلة شهر مارس حتى الثالث عشر إبريل  حيث استشهد إثر ذلك المهندس الفذ ذى الاخلاق الحميدة سيد محمد لبات  كما استشهد تلميذ فى الثانوية اسمه احمد محمود . واستمرت بعد ذلك عملية التنكيل التى كان طابعها العام  السجن والتعذيب والقتل  والإقامة الجبرية وطرد الطلاب بل والتلاميذ ايضا من الدراسة  ومضايقة الموظفين ..
والملاحظ ان مخابرات ولد هيدالة كانت تتحاشى فى الاعتقالات بعض الأشخاص ذوي الصلات بالرموز الدينية كنوع من الحفاظ على  التمترس بالدين الذى كان هجا لها .

وقد اسفرت هذه الانتفاضة عن عزلة مقيتة للنظام  اهتز  على إثرهامن داخله حتى أطاح براسه فى 12  ديسمبر 1984
وويمكن القول إن هذه الانتفاضة مكنت من :

إطلاق جميع السجناء السياسيين بمن فيهم المسجنون على خلفية انقلاب العاشر يوليو 1978
تبنى مسارتعددي محدود تمثل فى: الانتخابات البلدية  1986 التي كان الفوز فيها للمرشح الذى دعمه الناصريون رغم انهم خرجو لتوهم من مأساة 1984
كما انجزت انتخابات نقابية لم يكن الفوز فيها للناصريين لانهم تعرضو لمؤامرة من قبل الاخوان المسلمين
ظهور دستور 1991 الذى يكفل اللغة  العربية لغة رسمية للبلاد.
وقد ادت هذه النتائج إلى دخول معظم القيادات الناصرية فى حلف مع ولد الطايع .. قبل علاقاته مع اسرائيل حيث انسحب معظمهم إلى المعارضة . ليبدا مشوار مقاومة التطبيع الذى خاضه الناصريون مع جهات اخرى على إثره تمت محاكمة وسجن  مجموعة من التاصريين فى رمضان 1996
منهم محمدالحافظ ولد اسماعيل
محمد سالم ولد الداه
عبد الرحمن ولد القاظي
عبد الله العتيق ولد اياهى
واعمر ولد الرابح
ويحيا ولد اخيارهم
اماالذين تم إيقافهم فهم :
الزعيم مسعود ولد بلخير
حمود ولد عبدى
الكورى ولد احميتى  وقد اطلق سراحهم قبل المحاكمة

والملاحظ ان من اتجه من الناصريين   إلى الحزب الجمهوري اوإلى المعارضة كان دائما من افضل القيادات ولم يكونو طرفا فى أي عملية فساد مالى او إدارى .
وبالرغم من  ماحققه مسار الكفاح من نتائج بعد انتفاضة الناصريين السلمية إلا انها خلفت جراحا " لها فى القلب عمق "
ليس اقلها شانا معاناة الافراد سجنا وقتلا وسرقة أحلام
معاناة الاسر التى سجن معيلوها ..
ثم  ان غياب هذا الكم من الشباب عن الساحة ادى إلى العودة إلى الوراء على مستوى الساحة الثقافية
وكذا المشهد الحداثى حيث كانو يمنعون القبيلة ان تطل على المشهد السياسي.
وربما كانذلك من اسباب استهداف القوميين لانهم عندما غيبوا تمكنت السلطة من تمرير مشاريعها عن طريق التحالفات القبلية .

إن انتفاضة الناصريين الطلابية السلمية قوبلت بانواع من الإساءة الى حقوق الانسان تستحق بموجبها ان تكون من ضمن اهم ملفات العدالة  المحلية .