أسئلة مشروعة ضمن مشهد سياسي ضبابي؟

بالنسبة للكثيرين، وأنا منهم، لا توجد ضبابية في المشهد السياسي، فالصورة واضحة والخيارات محددة، وفي خطوطها العريضة هناك إجماع على الأجندات المنتظرة. لكن من وجهة نظر مراقبين، لا يوجد مشهد سياسي خال من حراك داخلي، يحمل معه عناصر قوة، ومفاتيح إرباك، وعناصر مفاجأة أحيانا.
والأكثر إثارة وغرابة في حالتنا السياسية اليوم، هي حالة الصمت المطبق لقادة الرأي، والموت السريري للزعامات حد النأي، وغياب التوجيه والتحليل حتى ولو من باب تزيين المشي، وهي عناصر أساسية لتنمية الفكر، وتزاحم العقول، وتنشيط الحياة السياسية، فقد رحل ولد ابريد الليل ورحلت معه ثقافة التنظير الاستراتيجي، وذهب الدكتور الشيخ ولد حرمه ومعه المنهج "الفعّال" في الاستقراء والاستنباط والاستنتاج، وتقاعد محمد الشيخ ولد سيدي محمد فلم يعد هناك مجال لتهليل أفيح ولا لصوت أصدح، ودخل أحمد ولد هارون في صمت ربما يكون انتخابيا، وصمتت أصوات كانت إلى عهد قريب تحدث ضجيجا ولو ميكانيكيا، وأصبح ربيع الإخوان "زغرودة شتاء"، وتغيير التكتل "ميثاقا لا نخلفه"، وتقدم مولود "دياليكتيك في سيبيريا"، حتى ولد الفاظل أسلم حقيبته وصمت عن حملة حوادث السير .
بعد طول انتظار جاء "تيار من أجل الوطن"، وقد جاء تيارا باردا "علينا في الأغلبية" لا يختلف كثيرا عن تيارات الكناري التي تتنسم الأطلسي ليلا ، لتلقي برذاذها صباحا وضحى عبر تضاريس صحراء ملتهبة، لتهدئة سخونة تزداد كلما اتجهنا شرقا وشمالا، وفي جميع الأحوال هو جزء من حراك منتظر. فهل يلبي هذا التيار الرغبة الجامحة لدى البعض، وخاصة في صفوف الأغلبية، نحو التغيير المنشود في ظل الاستقرار؟ .
في هذا المشهد الضبابي تنطلق ألسنة صاعدة من رحم معارضة منتهية، سئمت الركود وتجفيف المنابع، فحاولت خلق معارضة جديدة، ربما من المصلحة دعمها وتعزيزها، لكن هل تصلح بديلا حقيقيا وجادا لخلق توازن تحتاجه الديمقراطية، أم تركها معارضة ملتبسة، أم ستكون بقوة دفعها من الدخل، وهو دفع ليس رباعيا في جميع الأحوال، معارضة جادة تستطيع إقناع المواطن البسيط، سهل الإقناع؟ .
في هذا المشهد الضبابي، هل ستكتفي مؤسسة المعارضة بـ "صلاة المحاذاة" في الانتخابات القادمة؟ أم ستدفع بمتهور وتنتخب غيره؟.
وعلى رأي مارك، بما يفكر "المارد في قمقمه"، هل سيكون سيد النزال، أم سيكتفي بالتفرج عن بعد من فسحة بإحدى جنبات شارعه؟.
أسئلة عديدة نكتفي بإثارتها الآن،