نبذة عن حياة شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم انياس

نبذة عن حياة شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم انياس

( 1900 م – 1975 م)

مولده:

ولد الشيخ إبراهيم انياس رضي الله عنه يوم الخميس 15 رجب 1318هـ الموافق: 08 نوفمبر 1900م في بلدة طيبة نياسين العامرة، (مقاطعة نيورو - إقليم كولخ) في جمهورية السنغال

أما والده فهو العلامة المؤلف الناسك الشيخ الحاج عبد الله بن السيد محمد انياس.

وأما أمه فهي السيدة الفاضلة عائشة بنت السيد إبراهيم.

ومن المعلوم أن أول من قدم من أجداد الشيخ إلى القطر السنغالي هو الأمير الرضى العربي الذي قدم من بلاد المغرب، وتزوج ملكة البلد المسماة "جيل".

وهنا يجدر بنا التنبيه إلى أن في السنغال لقب "انيص" وهو لقب يختلف تماما عن "نياس" التي هي لقب أهل الحاج عبد الله نياس..

نشأته:

نشأ الشيخ إبراهيم انياس في كنف والده الذي فطن بجلاء لامارات نبوغه ونجابته، فأقرأه القرآن برواية ورش عن نافع (حفظاً ورسما وأداء)، ليواصل مشواره في تحصيل العلوم على والده فتبحر فيها وتعمق، فلم يخرج من بيته قط الى طلب العلم، مما كان له الأثر الكبير في نبوغه في سنٍ مبكرة في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، واللغة وفنونها، والتصوف، حتى أصبح مرجعاً في ذلك كله .

دعوته:

أقبل الناس على الشيخ إبراهيم لما رأوا من ورعه واستقامته وتواضعه وتمكنه في العلوم ولما يبلغ الثلاثين من العمر، فنهلوا -عربا وعجما.. علماء ومتعلمين- من معين علومه الذي لا ينضب فأضاءت علومه لهم الطريق، وأنارت لهم الدروب لما تميز به من تربية النفوس وتزكيتها، وأصبحت قريته التي أسسها وسماها "مدينة"، (أربعة كلمترات من وسط عاصمة اقليم كولخ)، منارة علمٍ وتربية .

تربيته:

ربى الشيخ أصحابه تربية روحية مميزة وظهرت كفاءته للدعوة إلى الله وبرزت خصوصيته من خلال الفيضة التي تفجرت على يديه وامتدت لتعم الأرض.. وقد اتصف الشيخ بما كان يدعو إليه من البر والجد..

كان أول تحرك روحي من الفيضة، التي وقعت على يد الشيخ إبراهيم، فى سنة 1348هـ (الموافق 1929م).

أهداف الدعوة عند الشيخ:

عند انتقال الشيخ إلى مدينته سنة 1349هـ ،حدد للحياة في مدينته التي أقامها أربعة أهداف:

- حفظ القرآن وتلاوته

- تعلم العلوم الدينية وتطبيقها

- ذكر الله ومراقبته في السر والعلانية

- تصفية القلوب لتتلقى سلسبيل التوحيد..

وقد حدد الشيخ أهداف دعوته في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة "البلاد" السعودية:
- دعوة غير المسلمين للدخول في دين الله وترك الوثنية وغيرها من الديانات الباطلة.
-الجد والاجتهاد في توعية المسلمين ونصحهم وإرشادهم ليزداد المؤمنون إيماناً مع إيمانهم
.- تجنيد كل الطاقات الممكنة لنشر لغة القرآن.
- الدعوة إلى تعميق الشعور بالأخوة الإسلامية.
- ربط الدعوة بالحركات والهيئات الإسلامية في العالم
.- التصدي للقوى التي تسعى لفتنة المسلمين من حركات تنصيرية، ومن صهيونية سافرة ومتسترة وقوى ماسونية وغيرها.

ومن اجل الدعوة إلى الله وفي سبيله جاب الشيخ أفريقيا وكل الأقطار الإسلامية، وكثيراً من الأقطار الأخرى ، وأدت به جوﻻته حتى إلى الصين في سنة 1963 ، ينشر دين الله ويدعو إلى الإسلام بالكلمة الطيبة، ويبث علمه بين الناس ويحاور العلماء.

الشيخ إبراهيم والتوجيه والإرشاد:

تبرهن توجيهات الشيخ على علو همته ورسوخ قدمه فلنأخذ بعض الأمثلة من أقواله وَمِمَّا كان يتمثل به من أقوال الصالحين:

بالقيل والقال فلا تشتغلوا** وبصلاة الفاتح القلب اشغلوا*

ومنها:

الله قل وذر الوجود وما حوى** إن كنت مرتادا بلوغ كمال*

فالغير دون الله إن حققته ** عدم على التفصيل والإجمال *

وكان يقول لأصحابه ضمن توجيهاته لهم: " شأننا ستر المقامات وترك الكرامات، لا ندعي الدعوى ولا مزية ولا خصوصية، ولا نهتم بخرق العوائد والإخبار بالكشوفات، لأن ذلك حيض الرجال، وإنما المعتبر عندنا الكشف النوراني لا الظلماني، وآياتنا في قلوبنا لأننا ورثة محمديون والوارث المحمدي آياته في قلبه، وهي أن يكون في كل نفس يزداد علما وحالا وذوقا"..

وهو القائل:

والأمة قصدي فيهم أن أسوقهم** إلى حضرة البر الرحيم إلهنا

وتعلم هل في الخلق أحنى عليهم ** مدى الدهر مني والبعيد كما دنا

اهتمامه بالقرآن الكريم:

للشيخ إبراهيم نياس اهتمامات فائقة بالقرآن الكريم تجسدت في حرصه على تفسيره وتدبره وتحفيظه لأبنائه وبناته وكل من ارتبط به، وتشجيع الحفاظ والمقرئين والطلبة على حفظ القرءان.. وكذلك في تلاوة القرءان آناء الليل وأطراف النهار.. يقول في ذلك:

نور بنور الذكر والفرقان **بطنان ذا العبد مع الظهران *

فلتجعلن حفظ كتابك الكريم **كرامتي إلى لقائك العظيم *

شوقي وحبي فيك لا يشفيه** سوى حلولي وارتحالي فيه *

ومن ذلك استغاثاته وتوسلاته وفق حروف آيات من القرءان الكريم.

وقام الشيخ بتفسير القرءان الكريم كاملا عدة مرات باللغة العربية وباللغات المحلية.
وقام سيدى محمد بن الشيخ عبد الله جزاه الله خيرا بجمع هذا التفسير باللغة العربية وكتبه وحققه ونشره فى (6) مجلدات تحت عنوان : " فى رياض التفسير " .

الشيخ إبراهيم ومحبته للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :

بلغت دواوين الشيخ وقصائده في مدح الحبيب المصطفى عليه أفضل صلاة وازكي تسليم ما يقارب ستة آلاف (6000) بيت، تضاف إلى ذلك الأنظام والخطب والتوجيهات والرسائل والفتاوى التي ترتكز كلها على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بشريعته والاهتداء بهديه..

يقول الشيخ في إحدى مديحياته للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام:

تمسك بأذيال النبي متابعا ** مذاهبه والمحدثات فلا لا *

فتغنيك عن دستور "كرز" وخالد**وتغنيك عن "جون" يروم محالا*

فما نبليون أو لينين ومركس** بموحى إليهم خل عنك خبالا*

كتاب من الله الجليل جلاله** قديم وباق لا يخاف زوالا*

وقال ايضا :

فمن لسوى الهادي يروم قيادتي ** وذاك المعنّى وهو أشقى وأخيب

فلم ارض تغييرا ولست مبدلا ** فمذهب غير الهاشمي لست اذهب

ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى ** وقد خاب من يبغى اعوجاجي ويطلب

ومن قوله :

إنا اعتصمنا بالإله ودينه ال ** سلام والإيمان والإحسان

ونحب أهل الله صفوة خلقه ** ما ضرنا هذيان ذي هذيان

وقد ألف في نصرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام كتابه "نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله وهدى". أما إذا تعلق الأمر بالمس من مكانة سيدنا الشيخ التجاني رضي الله عنه وطريقته فذلك ما يشمر له عن ساعد الجد ويفرغ فيه الجعب ويغضب فيه لله تبارك وتعالى.

الشيخ إبراهيم وحج بيت الله الحرام :

في الفترة ما بين 1355 و1391 للهجرة النبوية الشريفة حج الشيخ سبع عشرة حجة، واعتمر وزار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم اكثر من ذلك .

مؤلفات الشيخ إبراهيم رضي الله عنه

زادت مؤلفات الشيخ على الثلاثين في مجالات التصوف والفقه والنحو والتوجيه لكن اغلبها كان في مدح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنها :

- كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس

- مسرة المجامع في مسائل الجامع

- الخمر الحلال في مدح سيد الرجال

- تيسير الوصول إلى حضرة الرسول

- طيب الأنفاس في مدائح الختم ابي العباس

- روض المحبين في مدح سيد العارفين

- النور الرباني في مدح السيد أحمد التجاني

- روح الأدب لما حواه من حكم وأدب

- نور البصر في مدح سيد البشر

- السر الأكبر والكبريت الأحمر

- تحفة الأطفال في حقائق الأفعال

- الفيض الأحمدي في المولد المحمدي

- تبصرة الأنام في أن العلم هو الإمام

- روح الحب في مدح القطب

- رفع الملام عمن رفع وقبض اقتداء بسيد الأنام

- نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله وهدى

- تنبيه الأذكياء في كون أحمد التجاني خاتم الأولياء

- وجه التحقيق في كون جامع مدينه هو العتيق

- تحفة أهل الحاضرة بما ينفع الحاج سيما في الطائرة

- الحجة البالغة في كون إذاعة القرءان سائغة

- إرشاد السارين في عدم زكاة هارين

- جواهر الرسائل

- البيان والتبيين عن التجانية والتجانيين

- الجواب الموسع عن نازلة السلم

- كشف الغمة في رفع مراء علماء الأمة في توحيد الرؤية

- رسالة التوبة

- رسالة انيامي

- سبيل السلام في إبقاء المقام

- الصارم الأحمدي

- شرح المرهفات القطع.

وقد صدر سنة 2012 كتاب يحتوي فتاوي الشيخ تحت عنوان "إتحاف السامع والراوي ببعض أجوبة الشيخ والفتاوي" جمعه ونشره الإمام الشيخ التجاني سيس جزاه الله خيرا ..

*الشيخ إبراهيم والطريقة التجانية*:

نشأ الشيخ إبراهيم نياس في محيط تجاني حيث اخذ الطريقة التجانية عن والده العالم الجليل الحاج عبد الله نياس الذي تولى تربيته وتعليمه.

وقد أجازه ضمن اجازاته المطلقة التي تزيد على الخمسين (مرتبة حسب التاريخ):

- سيدي محمد محمود الشنقيطى التيشيتى والشيخ إذ ذاك في العشرين من عمره (1340هـ)

- أعطاه سيدي عبد الله ولد الحاج العلوي الإذن المطلق عام 1345 هجرية

- حصل فى نفس السنة كذلك على الإذن المطلق من سيدي محمد الكبير ولد محم

- وفى عام 1349 هجرية أجازه سيدي محمد سعيد بن الشيخ احمدو بن الشيخ محمد الحافظ

- أجازه قاضى القضاة سيدي احمد سكيرج العياشى رضي الله عنه مع بشارات واردة في حق الشيخ إبراهيم نياس ومنها قوله :

شهدت لكم فتحا مبينا بما لكم **به الحق من بين البرية قد خصا

ورثت عن الشيخ التجاني خلافة ** واني لكم فيها أنص لكم نصا

واني أرى الشيخ التجاني خاتما ** وأنت الذي قد صرت في الخاتم الفصا

وما قلت هذا عن هوى وتبجح ** وﻻ كان من شطح رقصت به رقصا

لكنه عن وارد جاء ناشرا ** لواء سرور منه حاسدكم غصا

وكم طائر فخرا يعد مزاحما ** لكم في المعالي والجناح له قصا

- أجازه كذلك الشيخ محمد الحافظ بن عبد العزيز المصري وغيرهم من أعلام الطريقة التجانية

وللشيخ ثلاث عشرة إجازة كاملة تامة تحتوي على واحد وخمسين خليفة مصرحا باسمه، مشهورا من أكابر أهل الطريقة تتصل بالختم التجاني رضي الله عنه من طرق ثمانية من أكمل خلفائه المباشرين له وهم:

- الخليفة سيدي علي التماسيي

- الخليفة سيدي محمد البناني،

- الخليفة الشيخ محمد الحافظ،

- الخليفة سيدي موسى بن معزوز،

- الخليفة سيدي محمد بن أبي النصر،

- الخليفة الشيخ عبد الوهاب بن الأحمر،

- الخليفة سيدي محمد الغالي،

- الخليفة الشيخ الطيب السفياني..

أصحاب الشيخ إبراهيم رضي الله عنه

قدر عدد أتباع الشيخ، في السبعينيات من القرن العشرين، في مختلف مناطق إفريقيا وخارجها بحوالي ثلاثين مليونا. وقد تتلمذ عليه عدد كبير من أبناء شنقيط من أسرٍ ذات عراقةٍ في العلم والصلاح،

مكانة الشيخ إبراهيم العلمية:

كانت للشيخ رحمه الله مكانة علمية بارزة في العالم الإسلامي، فقد كان محل التكريم والعناية في جميع الدول الإسلامية، وقد زارها كلها تقريباً، كما زار المجتمعات الإسلامية في الدول الأخرى، وقابل علماء عصره وأفادهم واستفاد منهم.

ولقد كان الشيخ إبراهيم نياس محل تقدير عبر العالم.. ويمكن أن نذكر من ذلك أنه في سنة 1960م انتخب عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى للبحوث الإسلامية بالقاهرة، وعضوا في المجمع العلمي للأزهر الشريف، وفي المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر.. وانتخب كذلك في سنة 1962 رئيسا للمؤتمر الإسلامي العالمي بكراتشي، وعضوا في اللجنة التي عهد إليها بإعداد مشروع رابطة العالم الإسلامي، ثم عضوا مؤسسا ونائبا للرئيس في رابطة العالم الإسلامي. وفي سنة 1964 انتخب شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس نائبا لرئيس المؤتمر الإسلامي العالمي في كراتشي (باكستان) وفي نفس السنة انتخب عضوا في المؤتمر العام لمجلس البحوث الإسلامية بالقاهرة.

وفي سنة 1966 شارك الشيخ في مؤتمر أكرا "نحو عالم خال من القنبلة النووية".

وفي سنة 1969 شارك الشيخ في الجمعية التأسيسية لرابطة الجامعات الإسلامية بفاس (المغرب)، وكان عضوا في اللجنة التنفيذية .

وحصل الشيخ على الكثير من الميداليات والأوسمة عبر العالم منها : وسام العرش بالمغرب، وميدالية قرطاج بتونس، و أكبر وسام تقدير في السنغال، ودكتوراه فخرية من ليبيا، والميدالية النيجيرية.

وكانت له صلات قوية بمشايخ الأزهر أمثال الشيخ محمود شلتوت، والشيخ الدكتور عبد الحليم محمود، وهما رئيسان سابقان للأزهر وقد أكرمه علماء الأزهر بأن لقبوه "شيخ الإسلام" (يقال بأن الشيخ شلتوت هو الذي لقبه بهذه الصفة).وقد أكرمه مشايخ الأزهر مرة أخرى عندما طلبوا منه أن يؤم صلاة الجمعة في الأزهر، وكان ذلك فى صفر من عام 1381هـ (21/7/1961م)، وبعد صلاة الجمعة علق الشيخ محمد الغزالي على خطبة الشيخ بقوله: " إننا مطمئنون على مستقبل العالم الإسلامي ما دام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم شيخ الإسلام إبراهيم نياس".والشيخ هو أول إفريقي ينال شرف إمامة المسلمين في الأزهر الشريف.

أقوال أهل العلم عنه:

قيل فى مدح الشيخ ما لو جمع لصار عدة دواوين( وقد قام الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله بجمع ما امكن من هذا الشعر وذلك فى ثلاث مجلدات تحت عنوان : ءافاق الشعر فى الشيخ ابراهيم نياس ) .
من ذلك هذه الأبيات من قصيدة للشاعر موناك التندغي:

قطب التجانية الشهير وتاجها**وإمامها وجدوده تيجانها

ذو الرتبة العليا التي تنحط عنـ**ـها العارفون ولو سما عرفانها

وبه الشريعة قد تمكن صيتها**وبه الحقيقة قد سما بنيانها

ومن قصيدة للقاضي محمد عبد الله بن المصطفى العلوي الملقب أبوه يمدح فيها الشيخ:

عليه من آيات الخلافة آية **من الله لا تخفى على من تأملا

على وجهه نور من الله ساطع **أبى الله إلا أن يتم ويكملا

تضلع من "عبدين" لله دره **ودرهما لله نهلا ومنهلا

ويقول العلامة الشيخ محمد الحسن بن أحمدو الخديم شيخ محظرة التيسير:

وردنا الشيخ إبراهيم هيما **لنشرب فيضه حتى نهيما

عسى -وحجابنا ليل بهيم- ** يزيل عن الحجا الليل البهيما.

وقال العالم الرباني الشيخان بن محمد الطلبة الشنقيطي في قصيدة يمدحه بها:

أشمس بدت بالليل طالعها سعد** وما كان شأن الشمس بالليل أن تبدو

ويقول ,أستاذ الجيل العلامة محمد فال (أباه) بن عبد الله:

رعيت أبا إسحاق والبيت والمسعى ** رياضاً من العرفان طيبة المرعـى

إلى أن يقول:
له ورع قد صير الندب واجبـا ** كما صير المكروه من ورعٍ منعـا

وموعظة لو باشرت جلمدا غدا ** لصولتها الجلمود يستهـمل الدمعـا

أيا قارئ القـرآن متقـن فنـه ** وقارئـه عشـراً وقارئـه سبعـا

إلى أن يقول:

وجددت علم الشرع من بعدما عفا ** وكاد ظلام الجهل أن يكسف الشرعا

اعتنق الإسلام على يديه في يوم واحد أكثر من عشرة آلاف شخص، وقدر عدد من أسلموا على يديه بعشرة ملايين. ويقدر أصحابه اليوم بعشرات الملايين في مختلف قارات العالم.
ناهض الشيخ الاستعمار، وخدم اللغة العربية في إفريقيا، اضطلع بمهام الدعوة إلى الله بجدارة حيث زار مختلف دول العالم لاستنهاض همم المسلمين من اجل الإقبال على الله والإعراض عما سواه.

قوة الشيخ إبراهيم في الحق:

كانت للشيخ صلات مع كبار زعماء العالم بما فيهم قادة حركات التحرر. وكانت له علاقة مع الرئيس جمال عبد الناصر وقد قابله عدة مراتٍ، ولما وقعت هزيمة يونيو 1967م وجه الشيخ رسالة إلى عبد الناصر أوضح له فيها المنهج والمخرج الصحيح، وطريق النصر، يقول في الرسالة : وعلينا أن نسير مع خط النصر (إن تنصروا الله ينصركم)، (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)... فاتق الله يا أخي.. واتبع سبيل قائدك الأعلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يقول: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي) وكان خلقه القرآن...( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر).... فسر على هذا الخط الذي يسير عليه النصر... ولا بد من الوقوف بباب الله بالتضرع والدعاء ".

الشيخ واللغة العربية:

كان الشيخ كثير الاعتناء باللغة العربية، ومن أهم مظاهر ذلك رفضه إدخال أبنائه إلى المدرسة الفرنسية إبان فترة الاستعمار الفرنسي رغم الضغوط التي مورست عليه من قبل الفرنسيين؛ وأرسل أبناءه إلى الأزهر الشريف، حيث تخرجوا دعاةً وأساتذة .وقد أسس الشيخ معهداً للغة العربية والعلوم الشرعية في مدينته بكولخ في السنغال، واستقدم له بعثات تعليمية من الأزهر الشريف .واستمر هذا المعهد في العطاء ونشر اللغة العربية، وتخرجت فيه أجيال بعد أجيال، ويشرف الآن عليه أبناء الشيخ وأحفاده وتوجد في المعهد بعثة تعليمية من موريتانيا مكونة من عدة أساتذة يدرسون في مختلف المراحل والتخصصات .

الشيخ إبراهيم وقانون الأحوال الشخصية

في السنغال:اختار مشايخ السنغال الشيخ إبراهيم نياس رضي الله عنه على أساس مكانته العلمية، لكتابة تقرير إلى الحكومة السنغالية يتضمن الرأي في مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أعدته الحكومة بعيد استقلال البلاد سنة 1960 وطلبت من الشيوخ إبداء رأيهم فيه. وأعد الشيخ تقريراً عن القانون أوجز فيه بعض الملاحظات من أهمها أن القانون تضمن أبواباً ومواد تتعلق بالنكاح والطلاق ومدة الحمل والميراث وثبوت النسب وهي قضايا وأحكام قد فصلت في الشريعة الإسلامية تفصيلاً لا مزيد عليه ولا داعي لتطويره، ولا يجوز لمسلم الخروج فيها عن دائرة الشريعة الإسلامية في مصادرها الأربعة المعروفة وهي ( الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس).كما طالب التقرير الحكومة السنغالية بترجمة القانون كاملاً إلى اللغة العربية ليطلع عليه المشايخ ويدرسوه .

الشيخ في الصحافة العربية:

اهتمت الصحف العربية بنشاط الشيخ ودعوته وأجرت معه الصحف مقابلات عديدة، وأعدت وسائل الإعلام التقارير والمقالات عنه وعن مدرسته وتصوفه ومكانته بين المسلمين في غرب أفريقيا وخارجها.ومن الصحف المصرية التي نشرت موضوعات عن نشاط الشيخ وحياته ودعوته،مجلة الأزهر ومجلة المصور، وصحيفة الأهرام، وصحيفة المساء، وصحيفة آخر ساعة، وصحيفة الأخبار، ومجلة روز اليوسف ومن الصحف غير المصرية :صحيفة الأنباء المغربية، والبلاد السعودية، والشعب الموريتانية، وغيرها من الصحف والمجلات العربية.وكانت صحيفة الأهرام المصرية قد نشرت في عددها الصادر يوم 27/12/1999م مقالا عن الشيخ، وهو الزعيم الديني الإفريقي الوحيد الذي يوجد له ملف خاص في ارشيف مؤسسة الأهرام.كما اهتمت الإذاعات العربية بنشاط الشيخ الدعوي حيث أجرت معه عدة مقابلات، منها مقابلة أجرتها معه الإذاعة المصرية بتاريخ 16 مارس 1961م.

من شمائل الشيخ إبراهيم رضي الله عنه:

كان الشيخ عابدا زاهدا عالي الهمة لا ينام في الْيَوْمَ أكثر من ساعتين، متصوفا متمسكا بالكتاب و السنة ، وكان إذا شكوا إليه مخالفات بعض المنتسبين للتصوف يكرر الكلمة المشهورة عن شيخه مؤسس الطريقة التجانية الشيخ سيدي أحمد التجاني: إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فَخُذُوه و إن خالف فاتركوه.

وتميز الشيخ بالكرم والسخاء والجود والحياء والصبر والوقار وحسن الخلق مع كل مخلوق واعطاء كل ذى حق حقه والتخلق بالأخلاق النبوية واتباع سنة خير البرية .. وقد بلغ الغاية في التضرع إلى الله والإعراض عما سواه وتقوى الله في السر والجهر وحسن الظن بالله وتفويض الأمر إليه ، وتخصص الشيخ في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

انتقال الشيخ إبراهيم إلى بارئه

فى يوم السبت 15 رجب 1395 هجرية الموافق 26 يوليو 1975 انتقل الشيخ رضي الله عنه إلى رحمة مولاه في لندن ( عاصمة بريطانيا العظمى ) ودفن بجوار مسجده في مدينته بكولخ ، وذلك بعد أن خدم الإسلام والأمة المحمدية كما أدى واجبه للقارة الإفريقية في كثير من المواقف ، جزي الله عنا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه خير الجزاء .

ومن الملاحظ أن الشيخ إبراهيم انتقل إلى ربه في اليوم الذي ولد فيه وهو 15 رجب.

رحل جثمان الشيخ إبراهيم ولم ترحل تربيته ولا مكانته ولا دعوته ولا آدابه وأخلاقه.. رحل وله في قلوب الموريتانيين الكثير من المحبة والتقدير، أكسبتهما زياراته لموريتانيا في الأعوام 1952 – 1954 – 1967م طعما خاصا ونكهة خاصة.

رحم الله الشيخ إبراهيم إنياس برحمته الواسعة.

اشتركت فى اعداد هذه النبذة مجموعة من كتاب الفيضة التجانية الابراهيمية واعتمدت فيها على العديد من الكتب والمصادر

محمد الحافظ بن محم