نبذة من تاريخ الانتخابات

كتب :محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ

إن أول من انتُخب في البرلمان باسم موريتانيا هما الزعيمان السنغاليان : المحامي آمادو لامينْ گَيْ المولود في 20 سبتمبر 1891 والمتوفَّى في 10 يونيو 1968 والأديب ليوبولْ سدارْ سانغور المولود في 9 اكتوبر 1906 والمتوفّى في 20 ديسمبر 2001 الرئيس السنغالي الأسبق.
كان ذلك في عهد الاستعمار الفرنسي وفي إطار الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية،وباسم الحزب الاشتراكي. فقد كانت موريتانيا والسنغال آنذاك تشكلان دائرة انتخابية واحدة وظفر المعنيان بمأموريتين أولاهما في الجمعية الوطنية التأسيسية الأولى من 21 أكتوبر 1945 إلى 10 يونيو 1946 والثانية في الجمعية التأسيسية الوطنية الثانية من 2 يونيو 1946 إلى 27 نوفمبر 1946م.
ومع قيام الجمهورية الفرنسية الرابعة ، أصبح كل من موريتانيا والسنغال دائرة انتخابية مستقلة . وفي أول انتخابات برلمانية يتم تنظيمها في ذلك الإطار فاز الرجلان لفترة انتدابٍ ثالثة دائما باسم الحزب الاشتراكي نائبين عن دائرة السنغال بينما انتخب الزعيم أحمدُ بن حرمه المولود في 1 مارس 1912 والمتوفى يوم 7 يوليو 1979 باسم الحزب الاشتراكي كذلك نائباً عن موريتانيا. وتم تنظيم الاقتراع يوم 10 نوفمبر 1946 وامتدتْ المأمورية من 10 نوفمبر 1946 إلى 4 يوليو 1951م.
هذا وقد استخدم في تلك الانتخابات نظام اقتراع اللائحة ذو الشوط الواحد مع التمثيل النسبي الذي توزع بموجبه المقاعد المتنافس عليها في الدائرة الانتخابية المعنية على أساس القاسم الانتخابي وتوزيع المقاعد المتبقية طبقا لقاعدة الباقي الأكبر.
وهذا النظام الانتخابي Mode de scrutin المستخدم ابّان انتخاب أول نائب موريتاني منذ 77 سنةً هو ذاته المعتمد لدينا في جميع الاقتراعات الستة المنظمة اليوم السبت 13 مايو 2023 باستثناء الانتخابات التشريعية في الدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد (18) أو المقعديْن (70).إذ في تلك الاقتراعات يطبق نظام الأغلبية ذو الشوطين الذي يحتمل فيه تنظيم شوط ثانٍ.
وينسحب ذلك على 88 نائبا يتوزعون على 53 دائرة انتخابية.
وهو نظامٌ مفاده أن مَنْ مِنَ الأشخاص المترشحين في الدوائر ذات الشوط الواحد ( في الخارج والداخل ) أو اللوائح المترشحة في الدوائر ذات الشوطين ( في المقاطعات ) حصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها يظفر تلقائيا بالمقعد أو المقعديْن وتقتصر الانتخابات عندئذ على شوط واحد. أما إذا لم يحصل أيٌّ من المترشحِينَ المذكورين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها في الشوط الأول ، فإنه ينظم عندئذ شوطٌ ثانٍ بعد أسبوعين، بين المترشحيْن الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها .و في نتائج الشوط الثاني يفوزُ المترشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها بالمقعد أو بالمقعديْن موضع المنافسة.وإذا تعادلت الأصوات بينهما يفوز الأسن ، وإذا تعادلا في السنّ يحسم الموضوع باللجوء إلى القرعة ..
الطريف في الموضوع هو تطبيق هذا النظام وهو نظام الأغلبية ذو الشوطين في الدوائر ذات المقعد الواحد من الانتخابات التشريعية أي في 18 دائرة انتخابية يُحتمل فيها تنظيم شوط ثانٍ يكلف جهدا كبيرا وتصرف فيه مبالغ باهظة ولا يغير النتيجة بأي حال من الأحوال .في بعض الدول الافريقية يطبقون نظام الأغلبية تماما كما نطبقه في الانتخابات البرلمانية ولكنْ باستثناءٍ يتعلق بالدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد إذ يقتصر فيها الاقتراع على شوط واحد يُفوزُ فيه بالمقعد موضع المنافسة المترشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها.فلعل التجربة الحالية في هذا المجال تعضد لدى المسؤولين المعنيين و الأحزاب السياسية الاقتراح الذي ما فتئنا نكرره بضرورة اعتماد إلغاء الشوط الثاني في جميع الانتخابات بدون استثناء باعتماد ما يترتب عنه ذلك من نظم انتخابية معتمدة ..

محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ

رحم الله السلف وبارك في الخلف .