ولد محم يفتح النار على الاسلاميين ويضع النقاط على إخفاقاتهم

أعتبر أننا كأشخاص آمنا بالمشروع الإسلامي، وبغض النظر عن مواقعنا ومواقفنا، أن من حق الآخرين علينا أن نتصارح ونتحدث أمامهم بوضوح وشفافية عن هذه التجربة نقدا وتقييما، باعتبارها تجربة ممتدة في الزمان والمكان لا تتوقف إلا بتوقف حركة الإنسان على هذه الأرض، ولا تختص بأشخاص ولا جماعات، ولا ينالهم منها إلا ما أدوا وقدموا، ومدى اقترابه من الأصل والمثال أو ابتعاده عنه.

فبالمقارنة بين خطاب النشأة لدى الحركة الإسلامية وواقع التجربة بالإمكان الجزم بأن الأهداف والشعارات التي أسست لهذا المشروع ضاعت وتم تذويبها من خلال:
أولا - العجز عن تقديم مشروع يَنزل بشعار "الإسلام هو الحل" إلى واقع الناس (قبل اختفائه)، ويقدم رؤية خاصة بالإسلاميين في الحكم والاقتصاد وكل مظاهر حركة المجتمع، فأسلم الإسلاميون أمرهم إلى المنظومة الديموقراطية التعددية التي قدموا أنفسهم في النصف الأول من القرن الماضي بديلا عنها وحاربوها بقوة، كما انهار التنظير في مجال الإقتصاد الإسلامي لصالح اقتصاد السوق، وأخيرا وفي المسألة الفلسطينية، التي اعتُبرت قضية الإسلامين الأولى بدأ التصدع بوصول الإخوان المسلمين إلى الحكم بمصر وقبولهم بكل اتفاقيات السلام التي عابوا على الرئيس السادات واغتالوه تعلة ذلك، وصولا إلى التطبيع بين العدو وحكومة العدالة والتنمية بالمغرب، وعلى هذه الثلاث قس أداء الإسلاميين في مجالات الحياة الأخرى.

ثانيا - خطاب الخصوصية الوطنية والذي هو - وبرغم أهميته - محكوم بمنظومة قانونية عنيدة لا تتيح للإسلاميين أكثر مما تتيح لغيرهم، وهنا يختفي الفارق بين الإسلاميين وغيرهم من ألوان الطيف الوطني بكل دولة، اللهم إلا تلك العبارة البالغة الميوعة والغموض وهي " الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية" والتي لاتتجاوز شعارا يكرس مستوى آخر من مستويات التناقض مع الحياة الديموقراطية والذي دفع الكثيرين ليطرحوا ذلك السؤال المرير عن دخول الإسلاميين في آخر المطاف إلى المنازلة الديموقراطية والتي نشأوا على رفضها وقدموا أنفسهم بديلا عنها في مراحل كثيرة، هل كان اختيارا أم اضطرارا.

كل ذلك يثير مجموعة من الأسئلة تلح على الذين تابعوا كل أو بعض هذه التجربة، وبغض النظر عن زاوية الرؤية لديهم، وأهمها:

١-ما هو الفرق في النهاية بين الإسلامين وباقي الأحزاب السياسية، وماذا أضافوا للبلدان التي حكموا غير ما كان بالإمكان أن تضيفه الأحزاب العلمانية والوطنية والتي لا ترفع شعار "المرجعية الإسلامية" ولا "الإسلام هو الحل"، (مثال المغرب، ماليزيا، تونس، تركيا، مصر) وهل هذه النماذج الباهتة تستحق ما قدم الإسلاميون وحدهم من شهداء وضحايا .

٢- ماذا بقي من الإسلاميين بعد كل هذه "المراجعات"، وماذا بقي من منظومتهم الفكرية التي نشّأوا عليها أجيالا عديدة وعلى مدى قرن تقريبا؟
٣- ما هو إسهام الإسلاميين على المستوى الإنساني في معالجة مشاكل وإشكالات الإنسان المعاصر، وهي إسهامات بحكم الثورة الرقمية والفضاءات المفتوحة لا يمكن أن تعيقها الديكتاتوريات ولا القمع ولا الخصوصيات الوطنية؟

٤- وقد اتخذ الإسلاميون ما تعرضوا له من قمع وتنكيل مشجبا علقوا عليه الكثير من أخطائهم والعديد من النواقص في أدائهم وإنتاجهم، وفي ذلك نسبة كبيرة من الحقيقة، ففي أية خانة سيصنفون إخفاقاتهم والتباين الكبير بين الخطاب والممارسة لديهم وهُم في السلطة؟
(مثال السودان والمغرب وتونس وتركيا) .

سيدي محمد ولد محم/ وزير سابق