تعزية فى وفاة حفيد الشيخ أحمد التجانى

فقدت الأمة الإسلامية بفقدان شيخنا وسيدنا سيدي علال بن سيدي احميدة التجاني رجلا حصيفا وشريفا عفيقا قل مثله وفقد شكله.

تعرفت على المرحوم الشريف التجاني سيدي علال عام 1994 م حيث استقبلته في المطار عند قدومه إلى موريتانيا، وتوطدت الصلات بيني وبينه حين تعرفت إليه عن قرب، وسافرت معه وائتمنني وائتمنته وعرفت خصاله الحميدة وصفاته العجيبة التي اختصه الله بها.

عرفت في الفقيد حسن الخلق الجبلي وجمال الخَلْق الطبعي، وعرفت فيه فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين.

كان رحمه الله نموذجا للشيخ المربي بحاله ومقاله، متواضعا في غير ضعة، متعففا عما في أيدي الناس، غنيا بربه واثقا بفضله متشبثا بحبه، يعامل الخلق لله ويراعي في كل مخلوق حق من خلقه.

وكان سمحا كريما جامعا مثلا ... شيخا عزيزا سخيا بالذي كسبه

تعود الصدق بذلا والوفا شرفا ... وحيثما حل حل الخير إذ جذبه

ومن أهم ما عرفته في سيدنا الشريف سيدي علال الصرامة في الحق وقبوله والتمسك به إن ظهر له وصدعه به بين يدي الكبير والصغير، وكان رضي الله عنه يستمع للنصح بعقل الحاذق الفطن، وإذا ظهر له صواب رأي الناصح عمل به في الحال، ولا يتوانى عن العدول عن رأيه إذا رأى غيره خيرا منه، وتلك السيادة القعساء.

ربطت الفقيد علاقات مميزة مع شيخنا ووالدنا محمد مختار بن دهاه أساسها المحبة في الله والاحترام والتقدير والتوافق في المشرب الصوفي المشيد على التحلي بالصفات الحميدة والتخلي عن ضدها.

زار شيخنا وسيدنا علال كل المدن المنسوبة للوالد دهاه رضي الله عنهما من انفني إلى بوخشيبية وأم الجناح، وسكن مدة في مدينة الخير فأحبها وأحبه أهلها وله معهم من الحكايات الجميلة ما لا يتسع المقام لسرده وتفصيله.

فقدنا بفقد شيخنا وسيدنا علال رجلا مصلحا أحبه الله ووضع له القبول في الأرض فأحبه أهل الأرض، ويتضح ذلك جليا في مساعيه الحميدة في المصالحة بين الإخوة السودانيين الذين نغبطهم على ما اختصهم به الله من حياته ومقامه.

رحل سيدنا علال والأمة عامة والتجانيون خاصة في أمس الحاجة لوجوده ولكنه أمر الله الذي لا معقب لحكمه ولاراد لقضائه، ولكنه خلف بفضل الله أبناء بررة غذاهم بحكمته وحملهم سره وأقامهم في الناس مقام نفسه ، وما مات من خلف مثل سيدنا البشير حفظه الله وأطال بقاءه وأدام علينا نعمته به، فبه وبإخوته الأبرار يبقى المدد ويستمر العطاء وتنزل البركة والرحمة.

أَتَتــهُ الخِلافَــــــةُ مُنقادَةً **** إلَيـــهِ تُجَــــرِّرُ أَذيــالَها

وَلَــم تَـــكُ تَصلُحُ إِلّا لَـهُ **** وَلَـــم يَــكُ يَصلُـحُ إِلّا لَها

وبهذه المناسبة الأليمة فإنني أتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة باسمي شخصيا وباسم الخليفة السيد محمد الكبير بن دهاه وباسم كافة أفراد أسرة الشيخ محمد مختار بن دهاه إلى أسرة العلم والفضل والأخلاق والتربية أسرة شيخنا وسيدنا سيدي أحمد بن محمد التجاني كل باسمه وجميل وسمه وإلى أسرة الفقيد الخاصة وإلى جميع أتباع الطريقة التجانية في مشارق الأرض ومغاربها وإلى الأمة الإسلامية جمعاء ونسأل الله جلت قدرته وتعالى عزه وتقدس مجده وكرمه أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويبارك في عقبه رجالا ونساء ويلهمنا وإياهم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.

د. محمد الحنفي دهاه