وابن تيمية أيضا صوفي ، تلقى الطريقة القادرية فيما تلقي ؛ ولذلك لا تجد له هجوما إطلاقا على الطريقة القادرية ، على كثرة ما هاجم الطرق الصوفية الأخرى .
وفي دار الكتب المصرية رقم ( ٦ مجاميع ش خط » نسخة خطية من کتاب «صلة الخلف بموصول السلف » للإمام الحافظ السروداني صاحب «جامع الأصول و الزوائد » وبها تسجيل لسند الشيخ ابن تيمية في الطريقة القادرية ، وهو ينقل عن ابن تيمية قوله بالنص : « الفقه الحنبلي أخذته مع الطريقة القادرية ، إذنا عن قدوة الحنابلة ... أبي عبد الله محمد بن بدر الدين البلباني الصالحي ، ثم ذكر السند بفرعيه إلى الشيخ موفق الدين بن قدامة ، ثم قال : وهو عن التقي بن حمزة عن قطب المذهبين - كذا - مولانا الشيخ عبد القادر الكيلاني ، ثم استمر بذكر السند إلى الإمام أحمد ، ثم إلى سیدنا عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس عن سيدنا رسول الله ﷺ لي وهذا المشرب الثابت ، وهو الذي غلب على ذوق ابن تيمية ، وهو يكتب في بعض رسائله المعروفة عن الفناء عند الصوفية ، فلا يوشك أن يختلف معهم في أصل ذي بال ، وأنت عندما تقرأ لابن تيمية بعض الإشراقات الروحية القليلة في كتاباته الجافة ، فإنما يكون ذلك من أثر ما ترسب في أعماقه من تربية صوفية قديمة .
وهكذا لا توشك أن تجد سندا لمحدث أو عالم معروف سلفًا وخلفًا ، إلا وفي مشيخته صوفي عظيم ، هو الذي ينفحه الذوق والتسامي والمدد.