موسوعة ضخمة تضم التاريخ منذ بدأ الخلق إلى القرن الثامن الهجري

كتاب "البداية والنهاية" لمؤلفه ابن كثير الدمشقي، من أمهات الكتب. وهو موسوعة ضخمة تضم التاريخ منذ بدأ الخلق إلى القرن الثامن الهجري، وقد خصص جزء النهاية للحديث عن الفتن والملاحم. ويعتبر هذا الكتاب أحد أكثر مصادر التاريخ الإسلامي شمولا، إذ يسرد كل القصص التي حدثت منذ بدء الخلق وحتى عصره، بل إنه يتحدث عن بعض القصص التي ستحدث في المستقبل. وهكذا، يسرد كتاب البداية والنهاية قصة الخلق وإرسال الإنسان إلى الأرض من الجنة، وقصة حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحياة الخلفاء وكل القصص المتعلقة بالتاريخ الإسلامي.

والمؤلف هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضَوْ بن درع القرشي الحَصْلي، البُصروي، الشافعي، الدمشقي. ولد سنة 701 هـ بمجدل قرب دمشق. وهو عالم، مُحدّث ومفسر وفقيه، ومؤرخ.

ألف ابن كثير حوالي 20 مصنفا في مختلف المعارف، لعل أشهرها تفسير القرآن العظيم، وكتاب البداية والنهاية، وكتاب طبقات الشافعية، كتاب الباعث الحثيث، وكتاب شرح اختصار علوم الحديث، وكتاب السيرة النبوية، وله كذلك كتاب شرح صحيح البخاري.

انتهى ابن كثير من تأليف كتابه "البداية والنهاية" سنة 768 هـ، وهو يستعرض من خلاله التاريخ من بدء خلق السماوات والأرض والملائكة إلى خلق آدم. ثم يتطرق إلى قصص الأنبياء مختصرًا ثم التفصيل في الأحداث التاريخية منذ مبعث النبى محمد حتى وفاة المؤلف. كما يسرد كتاب ابن كثير أيضا قصة الدجال، ومجيء الإمام المهدي، والنبي عيسى عليه السلام، كما يحتوي وصفا مفصلا للجنة والنار وسكانهما.

وقد انتهج ابن كثير، طريقة التبويب على السنوات، تبدأ السنة بقوله «ثم دخلت سنة كذا..» ثم يسرد الأحداث التاريخية فيها ثم يذكر أبرز من توفوا في تلك السنة. أما جزء النهاية من الكتاب، ففيه علامات الساعة إلى يوم الحساب بالتفصيل.

ويجمع كثير من الدارسين على أن ابن كثير قد تحرى الصدق والتزم التثبت من الحقيقة واجتنب التحيز والميل مع الهوى، رغم أنه أحياناً كان يتسم بالجدل والمناظرة في مسائل خلافية، مثل الخلاف بين المسلمين وأهل الكتاب، والخلاف بين أهل السنة و بين الشيعة، و في ذكر الفرق المنحرفة الخارجة على الإسلام، إلا أنه رغم ذلك، ظل في مثل هذه المواضع يناظر ويجادل ويقارع الحجة بالبرهان ليثبت لما يعتقده صحيحاً في نظره. هو في تلك المواقف لا يكتفي بدور المؤرخ فحسب، بل هو يتصرف كعالم دين شديد التمسك بموقف أهل السنة، يلسع بالنقد اللاذع من يخالفه ويجاهر بالعداء من ينابذه، و لا يتحرز من تخطئتهم وتكذيبهم وتجهيلهم ولعنهم على طريقة أهل الجدل والمناظرة.

وقد تميز ابن كثير بجرأته في الحق وصراحته في النقد حتى في حوادث عصره، لا يحاكي أحداً ولا يجامل، ولا يخاف في الحق لومة لائم. ولهذا كله ولهذه الدقة والنزاهة والنقد والصراحة.. نال ابن كثير إعجاب المؤرخين والعلماء من بعده، كما كان سبباً في تقدير الدارسين له في مختلف العصور.

وقد ظل كتاب "البداية والنهاية" هو الأساس أو المرجع العام لتاريخ المسلمين منذ زمن النبي آدم عليه السلام وحتى وقت وفاة مؤلفه العظيم.

توفي ابن كثير سنة 774 هجرية ودفن بجوار ابن تيمية في مقبرة الصوفية خارج باب النصر من دمشق.

يقع كتاب البداية والنهاية في 15 جزء وحوالي 20 مجلدا، ويمكن الإطلاع على متنه في الرابط التالي

https://al-maktaba.org/book/23708