أجرى باحثون من مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) تقييمًا لخطر تكوّن جلطات الدم لدى الأشخاص الذين تعرضوا لكسورٍ بالورك في المملكة العربية السعودية. وتتناول الدراسة تحديد مدى شيوع الانصمام الخثاري الوريدي (VTE) بين هؤلاء المرضى، وهي خطوة مهمة نحو الوقاية من مثل هذه المُضاعفات المُهدِّدة للحياة.
يحدث الانصمام الخثاري الوريدي حين تتشكَّل جلطاتٌ دموية في الجهاز الوريدي العميق. ويمكن أن تُسبِّب هذه الجلطات آثارًا موضعية، تشمل ألمًا وتورُّمًا وتغيّراتٍ جلدية، كما يُمكن أن تنتقل إلى الرئتين مما قد يؤدي إلى حدوث انسداد أو انصمام رئوي (PE) مُميت. يشيع الانصمام الخثاري الوريدي بعد الخضوع لجراحات تقويم العظام، ولا سيِّما بعد جراحات الورك والركبة، إلا أن أسبابه غير واضحة.
بحَثَ سالم الذويخ من كيمارك بالتعاون مع زملائه مدى شيوع الانصمام الخثاري الوريدي بين المرضى ممن يعانون كسورًا في الورك أو الحُق، وهو تجويف مفصل الورك، في المملكة العربية السعودية. يقول الذويخ مُوضحًا: "لم تُنشر أي دراسة في بلدنا أو منطقة الخليج بخصوص مدى شيوع الانصمام الخثاري الوريدي في حالات كسور الحُق والورك. فأردنا اكتشاف مدى شيوعها من أجل تقييم مستوى أدائنا في الوقاية من الانصمام الخثاري الوريدي بالمقارنة مع البلدانٍ الأخرى".
وحلَّل الباحثون سجلات 995 شخصًا يعانون كسورًا بالورك أو الحُق بمركز علاج الرضوح من الدرجة الأولى بمدينة الملك عبد العزيز الطبية في المملكة العربية السعودية بين أعوام 2009 و2015. وصُنِّف المرضى وفقًا لما إذا كانوا قد أُصيبوا بتجلّط الأوردة العميقة (خثار وريدي عميق) أو الانصمام الرئوي أو كليهما، أو لم يتعرضوا لأيٍ منهما.
وكان معدل شيوع الانصمام الخثاري الوريدي بين المرضى الذين يعانون كسورًا بالحُق 5%، فيما كان معدل شيوعه بين المصابين بكسورٍ بالورك 3%. وأشارت المقارنة مع الدراسات التي أُجريت في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب شرق آسيا إلى أن المعدل المُحدَّد لحدوث الانصمام الخثاري الوريدي بين المرضى الذين يعانون كسورًا بالورك كان متشابهًا، ولكن كان المعدّل أقل بين المرضى الذين يعانون كسرًا في الحُق. ويخلص الذويخ إلى أن "النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن شيوع الانصمام الخثاري الوريدي في حالات كسور الحُق والورك لا يخرج عن المألوف بالمملكة العربية السعودية، ومعدل شيوع هذه الحالة لدينا مماثل لنظيره في البلدان المتقدمة".
واستنادًا إلى الجهود البحثية السابقة التي تشير إلى وجود صلة بين تركيز الهيموجلوبين في الدم وخطر الإصابة بالانصمام الخثاري الوريدي، بحث الذويخ وزملاؤه هذه العلاقة في بياناتهم، ووجدوا أن تركيزات الهيموجلوبين وقت دخول المستشفى لم تختلف بين المرضى الذين أُصيبوا بالانصمام الخثاري الوريدي والذين لم يُصابوا به، مما يُشير إلى غياب تأثير تركيز الهيموجلوبين في هذا السياق.
يقول الذويخ مُوضحًا: "تتمثل خطوتنا التالية في اكتشاف الارتباطات بين الانصمام الخثاري الوريدي لدى هؤلاء المرضى وعوامل الخطورة الأخرى، مثل الأمراض المُصاحبة، ومؤشر كتلة الجسم، وطول الإجراء الجراحي، ومدة الإقامة في المستشفى. نحن نهدف إلى وضع مقياس يُستنَد إليه في تقييم خطر التعرُّض للانصمام الخثاري الوريدي بهدف تقليل هذه المُضاعفات أو الوقاية منها".