اهتم المصريون القدماء بالموت منذ فجر التاريخ، وتصوروه مرحلة من مراحل الحياة، وكان كل شيء وغاية كل فكر هو بلوغ المتوفى حياة جديدة تضمن له الخلود بسلام، بدءا من بناء مقبرته أو بيت الأبدية ونقوش جدرانها، وتحنيطه لضمان حفظ جسده وملامحه، وإقامة شعائر جنائزية خاصة وقراءة نصوص وصلوات، وصولا إلى البعث والخلود.
يُعرف عصر ما قبل الأسرات الملكية في تاريخ مصر القديم في المقام الأول من خلال جباناته، فخلال النصف الأول من الألفية الرابعة قبل الميلاد، تأثرت العادات الجنائزية بأسلوبين ينتميان إلى شكلين من أشكال الحضارة المبكرة هما: حضارة "نقادة" في الجنوب، وحضارة "بوتو" في الشمال.
لم تهتم حضارة الشمال كثيرا بوضع مقتنيات جنائزية مع المتوفى في ذلك العصر العتيق، في حين ازدهر وضع المقتنيات الجنائزية في حضارة الجنوب، إذ كانت توضع الأوعية والأواني كي تصاحب المتوفى في رحلة الخلود، والغرض منها أن يوضع فيها بعض الأطعمة التي سيحتاج إليها المتوفى في أبديته، وهي تدل على إيمان المصري منذ تلك العصور السحيقة بوجود عالم آخر يحيا فيه ويتزود باحتياجات هي نفس احتياجاته في الدنيا