بمناسبة ذكرى الشهداء الموافق 04/13 من كل سنة

فإني بهذه المناسبة  العظيمة اطلب من العلي القدير ان يرحم شهداء المسلمين عامةً و شهداء الموريتانين خاصةً ، ثم شهداء الناصريين بصفة اخص ، و ان تبقى شيئً من الخصوصية فأني احتفظ به  زيادة لصديقي الوفي الشهيد الورع التقي محمد امين ولد محمد الحسن و لزوجه زينب بنت اخليل تلك المرأة العظيمة في دينها و خلقها و عفتها و سخائها ، و لن يستطيع من يعرف أيا منهما ان ينتقص صفة واحدة  مما وصفتهما به .
و إليكم  نبذة ولو  موجزة من حياة المرحوم النضالية محمد لمين ولد محمد الحسن ً و ذلك من يوم عرفته في اواخر سنة 1976 في المغرب الى ان توفاه الله في حادث سير مؤلم في شهر يناير سنة 2000 في منطقة (ايجناون) التابعة لمقاطعة واد الناكه.
عرفت الأخ محمد الامين في ثانوية المعهد الاسلامي في عين المعزة في مكناس سنة 1976 كان يوم ذاك في بداية الثلاثين من العمر ، و لكنه كان يتصرف بنضج من تجاوز الاربعين بحكمة و ذكاء و تدبير حيث انه كان بعض التلاميذ يتبناه كأب له رغم تقاربهم في السن ! 
وكان يشرف على شؤون الطلاب إبان العطل حتى انه يشتري لهم المجلات على نفقته الخاصة و يقرأها لهم ، في الوقت الذي كان على الكل ان يشتري مجلة خاصة به  .
و لقد دخل معنا في سنة 1978 في مكتب رابطة  الطلاب الوحدويين الناصريين ، و كان نعم الرجل في ديناميكية عمله الناصري ، و ايضاح رؤيته  له و ما مدى جاذبيته لمن يتصل بهم في شأن ذلك   العمل الناصري.
و لما عاد الى البلاد و دخل في قيادة جانب من عمل التنظيم الناصري ، رغم اني لم اكن موجودا  هنالك حينئذ ، لكن من خلال ما سمعت عنه  من ثقات  الناصريين ، و كذا معرفتي السابقة  به فإنه ظل يحمل لواء قيادة ذلك التنظيم الذي اضاف اليه دما جديدا استطاع التنظيم بواسطته تحريك الساحة الوطنية التي كانت شبه راكدة قبل احداث 1984.
و حيث انه بعد الانتفاضة اصبح من المطلوبين الناصريين من طرف الامن  مما اضطره ذلك الى الاختفاء مؤقتا عند بعض اقاربه في مقاطعة توجنين ، حتى وجده  ابن عمه عبد الله ولد صدفه امد الله في عمره  الذي أتاه براحلة وذهب به الى الضفة الغربية من نهر السنغال حيث استقر به المقام بعض الوقت مع اقارب له في مدينة كولخ، حيث ألتحق به فيها طويل العمر اسلم ولد ذي النورين الذي اصطحبه معه الى ليبيا ، و لما منع من الدخول الى مدينة طرابلس بسبب لحيته التي ظنوه بسببها من جماعة الاخوان المسلمين الذين كانوا يومئذ غير مرغوب فيهم  في ليبا ، مما اضطر ذلك  اسلم ولد النورين الى ان يدبر له تذكرة الى دمشق ، و بالتالي يقوم بالإتصالات اللازمة الشئء الذي جعل السلطات الليبية تطلب من سفيرها في سوريا القيام بشؤون عودته الى ليبيًا في اسرع وقت ممكن ، حيث عاد الى طرابلس و لم يتكاسل ولم يبحث فيها عن عمل و لا دراسة. بل غادر ها بعد مدة قليلة الى مدينة (جنيف) حيث كان ينعقد هنالك مؤتمر اتحاد العمال العالمي ، حيث نقل من خلال تلك التظاهرة المشاكل التي تعرض لها الناصريون في موريتانيًا من بطش و قتل و تنكيل و سجن مما كان لتلك  الاتصالات الاثر البليغ في إطلاق سراح السجناء الناصريين من السجون الموريتانية.
ثم عاد الى البلاد لليتخذ له أسرة سنة 1986 لليكون من خلالها مأوى للضيوف و العاطلين و سندًا للمرضى ، حتى انه لمًا احتجت انا شخصيا لعملية جراحية في نواكشوط  سنة 1997 و قد كانت فاشلة مما جعل ذلك  محمد لمين يقوم بنقلي الى دكار ، و لما  انتهى ما لدينا من نقود يومئذ  استدان هو بذمته كل ما نحتاج من مال ، و ظل يمرضني قرابة شهرين متتالين  و لما تعرض لضغوط من طرف الادارة التي كان يعمل فيها قال لهم كلمته المشهورة ( لن نعود الا بزميلي حيا معافى ان شاء الله ) و كان  ذلك ما قام به فعلا .
فهذا جزءً بسيط من ملامح قيادة ذلك الرجل العظيم و ما مدى رحمته و وفائه بالنسبة لذويه و اصدقائه .
اما في ما يخص جوانب عمله الاداري فكان مواظبا عليه و  لا يستقبل زوار مكتبه الا بأولوية حسب  حضورهم ولو كانوا اقرب المقربين منه ، و قد كان رحمه الله  نظيف الكف حيث ترك اطفاله في سكن مؤجر رغم كونه كان المدير المساعد لادارة  (دومن) و ما ادراك ما ادارة دومن يومئذ!
و في جانب الاعمال الخيرية فقد  كان يرأس منظمة خيرية تعاملت مع منظمة ألمانية كانت تساعد في اقامة منشآت تعليمية و فلاحية في بعض القرى الفقيرة في كل من موقاطعتي كنكوصه و باركيول التابعتين لولاية لعصابة.
و كان آخر ما قام به  رحمة الله علينا و عليه  في هذا الشأن انه ذهب الى العمال الذين كانوا يبنون منشآت في منطقة القبرة بعد ان انهوا عملهم فيها ببناء منشآت تحفظ الحبوب و ادوات الزراعة و بناء السدود الرملية و  كذا اقسام تعليمية ، و كل ما يتطلب ذلك من ادوات حيث للأسف الشديد وافاه الأجل المحتوم صحبة اولائك العمال وهو عائد بهم الى نواكشوط في ذلك الحادث الاليم الذي سبقت  الاشارة اليه  إنَّا لله و انا اليه راجعون.
و في الختام فإني اطلب من الله عز و جل ان يرحم محمد لمين ولد محمد الحسن هو و زينب بنت اخليل و ان يتغمدهما برحمته الواسعة ، و ان يمد في اعمار ذريتهما و ان يجعلهم في ما كانا يريدان ان يروهما فيه من سعادة و نجاح ، و ان يحقق للناصريين ما كان يريد لهم من حرية و اشتراكية و وحدة و انتصار على العداء و الظالمين.
ملاحظة: اني اطلب من الاخوة الناصريين ان يسجلوا اسم المرحوم محمد لمين ولد محمد الحسن بماء الذهب في سجل الشهداء الخالدين امثال الشهيد سيدي محمد ولد ابات و الشهيد احمد ولد احمد محمود ، و ان يعاملوا اسرته بنفس معاملة اسر الشهداء لأنه في واقع الامر قد توفى وهو يقوم بعمل ناصري خدمة لسكان قريتين و طنيتين من اشد قرانا فقرا و وفاقه  لا أذهب الله عنه اجر ذلك.
ذ/ اسلمو ولد محمد المختار ولد مانه