*الهجرة الأولى إلى الحبشة*
كانت بداية الاعتداءات على الصحابة من قبل قريش في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة، …بدأت ضعيفة، ثم لم تزل تشتد يومًا فيومًا وشهرًا فشهرًا، حتى تفاقمت في أواسط السنة الخامسة، ونبا بهم المقام في مكة، وأخذوا يفكرون في حيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علم أن أصْحَمَة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل، لا يُظْلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم من الفتن.
وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة، وكان مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما: «إنهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهم السلام».
كان رحيل هؤلاء تسللاً في ظلمة الليل – حتى لا تفطن لهم قريش – خرجوا إلى البحر ويمموا ميناء شعيبة، وقيضت لهم الأقدار سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، وفطنت لهم قريش، فخرجت في آثارهم، لكن لما بلغت إلى الشاطئ كانوا قد انطلقوا آمنين، وأقام المسلمون في الحبشة في أحسن جوار.
*الإسراء والمعراج*
حيث أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلى إماما بالأنبياء بها، ثم أُعرِج به إلى سدرة المنتهى مرورا بالسماوات السبع بمرافقة جبريل عليه السلام، في مشهد عظيم من التكريم الإلهي للنبي عليه الصلاة والسلام، وفي هذا المعراج تم فرض الصلاة، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة من عظيم الآيات العجب العجاب، ويكفى القدس شرفا وفضلا أنها اولى القبلتين وأنها أرضُ الإسراء وموضع المعراج، المعجزة الخالدة التى حارت فيها العقول وقصرت عن ادراك كنهها الألباب.
*سرية عبد الله بن جحش*
بعث رسول الله ﷺ عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مَقْفَلَه من بدر الأولى، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، فيمضي لما أمره به، ولا يستكره من أصحابه أحدا.
فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم، فلما نظر في الكتاب قال: سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بما في الكتاب.
وقال: قد نهاني أن استكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله ﷺ فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد.
وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن، فوق الفرع يقال له: بحران، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة، فمرت عير لقريش فيها عمرو بن الحضرمي.
قال ابن هشام: واسم الحضرمي عبد الله بن عباد أحد الصدف وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة، فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه.
فلما رأوه أمنوا، وقال عمار: لا بأس عليكم منهم، وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب، فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم، وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم.
فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله ﷺ.
وفي ذلك نزل قول الله عز وجل { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }. صدق الله العظيم
*غزوة تبوك*
كانت هذه الغزوة في السنة التاسعة للهجرة، في شهر رجب، وهي آخر غزوةٍ غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لما رواه كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: (لم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها).
وذلك أن قيصر الروم خشي أن يكون لتأثير وبُروز المسلمين في معركة "مؤتة" أثر لاستقلال قبائل العرب التابعة لحكمه وانضمامهم للمسلمين، فصار يعد العدة لمحاربتهم، وانضمت إليه بعض قبائل العرب كلخم وجذام وغسان (الرحيق المختوم/ ص 413) وخرج إلى البلقاء في جيش قوامه 40000 مقاتل.
فعلم بذلك رسول الله صلى عليه وسلم وانتدب الناس للخروج وحث على ذلك ولم يُوَرِّ في هذه الغزوة، فاستجاب الناس لطلب الله ورسوله في الجهاد ولم يبق في المدينة إلا المنافقون وأهل الأعذار من الضعفاء، لكنَّ الغزوة كشفت عن إيمان المؤمنين، ونفاق المنافقين، لأنَّ الشدائد دائماً تُظهر معادن الناس، والغزوة كانت في الحر الشديد الذي يرافقه الشُح في الماء والمال، والبُعد في الطريق. فسير لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا قوامه 30000 مقاتل.
وتخلف عنهم نفر من المسلمين من غير عذر وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع و أبو خيثمة، لكن الأخير لحق بالجيش في تبوك (محمد رسول الله /محمد رضا/ ص237)
ولقد عانى المسلمون في هذه الرحلة جهودا شاقة وأتعابا جسيمة فكان الثمانية أو التسعة يتعاقبون بعيرا واحدا وأكلوا أوراق الأشجار حتى تورمت شفاههم وشربوا ماء كروش الأباعر بعد نحرها رغم الحاجة الماسة لاستبقائها، مما جعل الغزوة تسمى العسرة، كما جاء في سورة التوبة (الرحيق المختوم/ص 417)
ولما انتهوا إلى تبوك لم يجدوا هناك كيدا ولا قتالا فاختفى وتفرق أولئك الذين تجمعوا للقتال، ثم أتاه "يوحَنَّا" حاكم أيلة، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أهل "جرباء" و"أذرح" و كتب لهم بذلك كتابا (محمد سعيد البوطي / فقه السيرة/ ص328)
وقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعلى مشارفها قال "هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه" متفق عليه.
ثم قال لأصحابه إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم..." متفق عليه، قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة، قال "وهم بالمدينة حبسهم العذر".
وجاء المعذرون وطفقوا يحلفون ويعتذرون، وقبل عذرهم واستغفر لهم، و أرجأ أمر كعب وهلال ومُرارة إلى أن نزلت توبتهم في القرآن الكريم.
وقد نزلت في هذه الغزوة جل آيات سورة التوبة كما وقعت فيها معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم.
*وفاة ملك الحبشة النجاشي*
وهو أصحمةُ بن أبجر النجاشي، واسمهُ باللغةِ العربيةِ عطية، والنجاشيُ هو لقبهُ، أسلمَ في عهدِ رسول الله، على يد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أولُ من أسلمَ من الملوكِ.
حكمَ الحبشة وهو يبلغُ من العمر تسع سنين، بعدما توفيَّ عمه الذي كان يحكم الحبشةَ آنذاك إثرَ صاعقةٍ أصابتهُ، واشتهر بعدلهِ بين الناس، وبأخلاقهِ الطيبة، وبسيرتهِ الحسنة، التي كانت قد وصلت مكة المكرمة، حتى أن رسولَ الله لما أمر الصحابة بالهجرة إلى الحبشة، أخبَرَهم بأنَّ ملك الحبشةِ النجاشي لا يُظلم عندهُ أحد، وهو من استقبل المُسلمين بعدَ فرارهم بدينهم من ظُلم قريش، وكان له موقفٌ مع المُسلمين، سُجِّل في تاريخ الدعوةِ الإسلامية، توفيَّ النجاشي في رجب من السنةِ التاسعةِ للهجرة، وصلّى عليه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صلاةَ الغائب، فلما سَمِعَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بخبرِ وفاتهِ قال: "صلُّوا على أخٍ لَكم ماتَ بغيرِ أرضِكُم قالوا من هوَ قالَ النَّجاشيُّ" صحيح ابن ماجه،
*فتح دمشق*
عندما انتصر المسلمون في معركة اليرموك أمر القائد أبو عبيدة جنوده بالتحرك نحو دمشق في شهر رجب من سنة 14هــ ، فنزل الجيش في منطقة مرج الصُفر، وقبل أن يسير الجيش إلى المكان المُراد، وضع الأمير أبو عبيدة في قلب الجيش خالد بن الوليد ووضع نفسه وعمرو بن العاص على الجانبين، وعلى الخيل عياض بن غنم، وعلى الرجالة شُرحبيل بن حسنة، بعد وصولهم إلى دِمشق نزل خالد إلى الباب الشرقي ونزل القائد على باب الجابية الكبير، فيما نزل يزيد بن أبي سُفيان على باب الجابية الصغير، ونزل عمرو وشُرحبيل على بقية الأبواب، ونصبوا المجانيق ورصدوا المكان من جميع الاتجاهات.
عند دخول المُسلمين للمدينة بعد خطة خالد بن الوليد العبقرية استمرت أحداث فتح دمشق، فقد ذهب الروم عند أمير جيش المسلمين أبي عبيدة وبذلوا له الصُلح خوفًا من الموت بعد أن وقعت المدينة منهُم، وقبل الأمير منهُم الصُلح ودخل مدينتهم بعد أن طلبوا منه أن يمنعهم من أهل ذلك الجانب، ودخل أهل كل باب بصلح مما يليهم، إلا خالد دخل عنوة.
*وفاة الإمام الشافعي*
هو محمد بن إدريس بن العباس يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف بن قصي ولد سنة 150هــ في غزة بفلسطين، هو ثالث الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، كان شاعرا مجيدا وراميا ماهرا ورحالة، أكثر العلماء من الثناء عليه وفيه قال أحمد بن حنبل "كان الشافعي كالشمس للدنيا و كالعافية للناس" توفي رضي الله عنه بمصر ودفن بها في رجب سنة 204هـــ