(( كان الشيخ النحوي ذلك الكبريت الأحمر، سمت رباني و شمائل محمدية لا تخطئها البصيرة ولا البصر السوي، همة معلقة بمعاقد العرش، و قوة في الحق و دماثة في الخلق، ولين في الجانب و بشاشة مرسلة، و حمد دائب، و تواضع مشهود، وجنة حاضرة دائبة الجنى جنية القطوف))..
هكذا، و بكل صدق، وصف أخي و صديقي الخليل النحوي هذا الشيخ الجليل ذى القدر الكبير،الشيخ محمدو النحوي السابق في الشيخ إبراهيم نياس، و المتميز بالسعي الحثيث إلى منافع المسلمين و الوقوف في حوائجهم و تفريج الكرب عنهم، و بحسن الخلق مع كل مخلوق، و بهمته العالية، وبخصاله الحميدة التي انطبعت كذلك في ذريته المباركة، و عرفوا بها كبارا وصغارا و حيثما حلوا و ارتحلوا- بارك الله فيهم- .
جاء ما كتبه أخي الخليل النحوي ضمن تقديمه لكتاب (( الشيخ محمدو النحوي إمام السابقين و قطب المسلمين)) لمؤلفه صلاح الدين بن الشيخ محمد الحافظ النحوي..
يقع هذا الكتاب، الصادر 1435هـ ، 2014م ، في ( 393 ) صفحة من الورق الصقيل و بتجليد فاخر و إخراج جيد، وقد طبع لدى دار الفكر للنشر و التوزيع في بيروت – لبنان - .
حينما قرأت هذا الكتاب منذ أشهر، و جدت أن قراءته كانت ممتعة و مفيدة بالنسبة لي، و قررت أن أعود إليه مرة أخرى لأعد عرضا عنه، لكننى قبل ذلك حاولت أن أتذكر بعد أول قراءة له، أهم الأمور الواردة فيه و التي لا أريد أن تضيع من ذاكرتي، مع أن هناك الكثير مما أحرص على دوام تذكره، و قد سجلت هذه الأمور على عجل و هي:
1) الفتح على الشيخ محمدو النحوي :
كان الشيخ محمدو يقول: محمد الحافظ بن محمد عالي دللته على الشيخ إبراهيم نياس و نصحته بصحبته، وفتح عليه قبلي، فكنت أقول: محمد الحافظ بن محمد عالي سبقته مجازا و سبقني حقيقة.
استبطأ الشيخ النحوي الفتح و قرر أنه لن يجالس أحدا حتى يكشف عنه الحجاب..
و ذهب إلى بستان للشيخ بعيد من بلدة كوسي.. ولما حان وقت الغداء أرسل الشيخ ابراهيم نياس في طلبه فلما جاء للشيخ قال له: (( محمدو تطلب الله في الخلاء، لا يطلب هنالك إلا الغائب، الله حاضر، الله حاضر، الله حاضر))..
وفي مجلس آخر يضيف الشيخ محمدو: (( أخذ الشيخ برأسي، ولى لمة كبيرة أيامها، فصار يهزها هزا قويا و يقول: "يا بني لا تشرك بالله شيئا إن الشرك لظلم عظيم".. يا محمدو (( وقل جاء الحق و زهق الباطل عن الباطل كان زهوقا ))..و قد فتح على محمدو الفتح الأكبر بعد ذلك..
2)- قصة السيدين عبد الله ولد الحاج (تياه) و اباه النحوي:
كان القطب الكبير عبد الله بن الحاج ( تياه ) يزور العلامة اباه النحوي و نقل الكتاب عن الشيخ محمدو أحد هذه المجالس:
(( ما إن يصل ( تياه ) برفقة جمع غفير إلى خيمتنا حتى يبدأ خطابه المعهود لوالدنا:
" السلام عليكم، السلام عليكم، ما هو سبب مجيئي لك و اهتمامي بك أيها الشيخ، أسير على أقدامي و أتجاوز أبناء عمومتي جميعا، و مشايخي الكرام، و مرادي أن التقي ب " شيباني من أهل الشرق "..و ما أتى بالفرنسيين " النصارى" و لا سبب القحط و لا حبس المطر عن المسلمين إلا ذنوبه الكثيرة"..
فيبكي والدنا بكاء شديدا حتى يسمع نحيبه، و يرتفع صوت بكائه.. و حينها يلتفت عبد الله ولد الحاج إلى الحاضرين و يقول: أبشروا جميعا فإن الله قد غفر لكم بفضل هذه الدموع التي انهمرت من خشية الله..إنما كنت أبحث عن الخير بكلامي هذا و أنا أعلم جيدا كيف أبحث عنه..
و بعد ذلك يضع يده على والدنا اباه و يقول له: إذا ضمنتني سأشهد لك..
و يقول له الوالد بعد إلحاح: ضمنتك و البخيل من لا يضمن على الله..
و حينها يشهد تياه لوالدنا شهادة عظيمة وبقوله: "أشهد أن الذات العالية راضية عنك"..
3) - رسالة " البادة " للسيد الشيخ الهادي بن السيد:
أورد المؤلف استشهادات من رسالة قد أرسلها السيد الشيخ الهادي بن السيد لوالدته صفية بنت الشيخ احمدو ولد الشيخ محمد الحافظ، على أثر ارتحاله إلى السنغال طلبا للشيخ المربي و التحاقه بالشيخ ابراهيم نياس، و يذكر المؤلف أن هذه الرسالة طويلة و جامعة و أنها رهن النشر حاليا..
و الرسالة مؤرخة بعام 1352هـ، ومنها:
(( وانظري، ولينظر غيرك، مالنا من الزمن و بلغنا فيه مبلغ الرجال - و الحمد لله رب العالمين - ..و أردت أن أقص عليكم بعض أخبار من معي من التلامذة العلويين و غيرهم، وخبرهم أنهم سالمون و لله الحمد و الشكر و فتح عليهم كلا و يترقون في المعارف في كل لحظة و كل ساعة، يتفاوتون بتفاوت مشاهدهم، وأدناهم مشهدا لا يلحق به مشاهد أكابر التجانيين سواهم ،وما شهدنا إلا بما علمنا، ومنذ أتوا إلى الشيخ لم تضع طرفة عين من عمر واحد منهم))..
4) - تقديم الخليل النحوي للكتاب:
ذكر أخي الخليل النحوي في تقديمه لهذا الكتاب أنه كان ينوي أن يؤلف كتابا عن الوالد المربي الشيخ النحوي وكتب (( كنت أمنى نفسي بسياحة ماتعة شائقة أتحين لها لحظات صفاء، و أصطحب فيها قلما وقرطاسا، لأتقلب في رياض نضرات من شمائل الشيخ الوالد (الشيخ النحوي) أمتع بها نفسي أولا و أحمل بها قبسا للآخرين و أؤدي بها قسطا يسيرا من حق كبير وهو حق الوالد المربي و الشيخ المعلم المرقي و الإمام القدوة)).
و يذكر الخليل أنه عندما كان يستبطئ سانحة ينطلق فيها لسانه و تنطاع له فيها يراعة منحتها مهلة لم تعهدها من ذي قبل، إذ جاءه قرة عينه ( صلاح الدين ) يستأذنه في التصدي لتلك المهمة التي كان يدخرها لنفسه، فساعده في ذلك راجيا له النجاح..و خلص الأخ الخليل في تقديمه إلى أنه (( بحسب صلاح الدين أنه بذل الجهد و وفى بالوعد، و ما بين بوحه و صمت الصامتين، تتشكل لوحة ذات أضواء و ظلال ، وهي الصورة الناطقة الصامتة لحادي الركب، سابق السابقين، سيظل المكنون منها أكبر من المكتوب..))..
5) - مقدمة المؤلف:
ختم مؤلف الكتاب الشاب الرابح صلاح الدين بن الشيخ محمد الحافظ النحوي مقدمته لهذا الكتاب التي كتبها في مكة المكرمة أوائل رمضان 1435هـ (2014)..ختمها بمايلي:
(( فيا أيها الدارسون إن أردتم أن تقتبسوا ما شاء الله من معلومات شرعية و لغوية و تاريخية و فكرية بجهد ممتع تنقاد له النفوس و تستنير به العقول فألفوا كتابا عن رجل عظيم..
و يا أيها المحبون إن أردتم أن تزداد اللوعة و تتقد الأفئدة و ترسل المآقي درها لله و في الله فتذاكروا بين الفينة و الأخرى سيرة أحد أعظم المحبين، فهي بلا ريب تشق طريقها إلى القلوب شقا في كل وقت وحين)).
جهد كبير
هذه أمور سجلتها عند قراءتي الأولى لهذا الكتاب و ها أنا أعود إليه لأقدم عنه عرضا مختصرا يعينني على تذكر محتوياته، و يفيد القارئ الذي لم يتسن له الاطلاع عليه..
وأبدأ بالتأكيد على أن المؤلف - بارك الله فيه - بذل جهدا كبيرا في هذا الكتاب فقد استمر عمله، كما ذكر في مقدمته ، سبع سنوات ،
وقام برحلات داخلية وخارجية قابل فيها عشرات الشخصيات التي ربطتها علاقة بالشيخ النحوي، وحصل على كم كبير من الوثائق و الرسائل و المعلومات التي لم يستطع نشرها كلها..
ومن خلال هذا الكتاب اطلعت على معلومات كثيرة عن الشيخ النحوي و محيطه لم أكن على علم بها، و أنا الذي أعتبر نفسي أحد أفراد هذه الأسرة الكريمة، بحكم صداقتي الخاصة بأخي الخليل النحوي التي بدأناها مبكرا في طفولتنا وهي مستمرة و الحمد لله رب العالمين، وبحكم أواصر القربى و الرحم الديني والطيني بيننا، و بحكم أن الشيخ محمدو النحوي أحد رجالات منطقتنا المتميزين و أنه معاصر لوالد ى أحمد بدي بن محم أسأل الله لهما الرحمة و الغفران، و أن يلحقنا بهما غير مفتونين، ويحشرنا و إياهما في زمرة الصديقين و الشهداء و الصالحين..
توطئة و مدخل و فصول
احتوى الكتاب على (7) فصول، سبقها إذن من الخليفة الشيخ التيجاني انياس و إذن من الشيخ محمد الحافظ النحوي، و تقديم من الخليل النحوي و مقدمة للمؤلف، و توطئة عنوانها "أعلام التصوف أئمة الناس" وردت فيها نبذة عن حياة كل من الأئمة التالية أسماؤهم:
الحسن البصري (المتوفى 110هـ)، وسفيان الثوري ( المتوفى 161هـ)، وعبدالله بن المبارك ( المتوفى 181هـ)، و داوود الطائي ( المتوفى 162هـ )، الفضيل بن عياض( 186هـ)، عبد الله بن مسلمة بن قعنب ( المتوفى 221هـ)، أبو عبد الرحمن السلمي ( المتوفي 412 هـ )، و أبو نعيم الأصبهاني ( المتوفى 430هـ )، أبوالقاسم القشري( المتوفى 465هـ)، جمال الدين أبو إسحاق الشيرازي( المتوفى 476هـ ) أبو حامد الغزالي ( المتوفى 505هـ )، محيي الدين بن شرف الدين النووي( المتوفى 676هـ )، و العز بن عبد السلام ( المتوفى 660هـ )، و تقي الدين السبكي( المتوفى 757 هـ )، مجد الدين الفيروز أبادي (المتوفى 817هــ )، و محمد بن جرير الجزري ( المتوفى 833 هـ )، جلال الدين السيوطي ( المتوفى 911 هـ )، عبد الوهاب الشعراني ( المتوفى 973هـ )، و عبد الوهاب بن عاشر ( المتوفى 1040هـ ) و الشيخ أحمد بن محمد التيجاني ( المتوفى 1230هـ ) و الشيخ ابراهيم الرياحي ( المتوفى1266هـ)، محمد يحيى الولاتي المتوفى ( 1330 هـ )، الشيخ محمد الحافظ بن عبد اللطيف المصري( المتوفى 1398هـ )، الشيخ ابراهيم بن الحاج عبد الله نياس ( المتوفى 1395هـ ).
و سبق الفصول كذلك " مدخل تعريفي بوالد صاحب السيرة العطرة، الامام الحافظ القاضي اباه النحوي "..وهو اباه بن محمد بن عبد الله بن النحوي المولود عام 1260هـ - 1844 - و المتوفى عام 1351هـ - 1932م - . نشأ من أبوين كريمين شريفين زينبيين ( محمدي النحوي و ميمونة بنت عبدى )، وارتحل مبكرا لطلب العلم و بقي طالبا ثلاثة عقود من الزمن و درس في محظرة العلامة المختار بن ابيه الجكني ثم في محظرة العلامة اجدود بن اكتوشن العلوي ثم في محظرة العلامة المصطفى بن احمد فال العلوي ثم في محظرة العلامة لمرابط محمذن فال بن أحمدوفال التندغي..
و بعد أن تخرج من هذه المحاظر ارتحل إلى الشيخ أحمد ( آب ) بن محمدي ( بدي ) العلوي لينتسب للطريقة التيجانية على يديه، واستقر في منطقة ( العقل ) بجوار السادات العلويين، و تزوج السيدة مريم بنت محمد حرمة بن اكتوشن التي أنجبت له السادة: محمد ( الراجل )، و محمد عبد الرحمن، و عبد الوهاب، و عيشة و فطمة، وبعد وفاتها تزوج السيدة رقية بنت سيد الحسن التي أنجبت له السيد محمدو.. ويورد المؤلف تفاصيل عن الدراسة المحظرية للعلامة اباه، و انتسابه للطريقة التجانية و استقراره في أرض العلويين، وحديثه مع عبد الله بن الحاج و برنامجه اليومي و شهادة الشيخ ابراهيم نياس له، و موجز عن حياة أبنائه و أجداده.
و أشفعت الفصول بتذ يلين أحدهما عن أسرة آل محمدو النحوي و الثاني حوى رسائل و مخطوطات.. و للأسف فقد سقطت فهرسة المحتويات على الطابع و أرجو إثباتها في الطبعة الثانية إن شاء الله.
مقتطفات من حياة الشيخ النحوي
يتناول الفصل الأول لمحات و مقتطفات من حياة الشيخ النحوي و يعرفه المؤلف بأنه الشيخ محمدو بن اباه بن محمدي بن عبد الله بن النحوي الزينبي نسبا و العلوي موطنا ، و المنتهى نسبه إلى سيدنا علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .. و أم سيدنا علي سيدنا المذكور السيدة زينب بنت الإمام علي كرم الله و جهه و رضي الله عنه و عن والدتها فاطمة الزهراء " سيدة نساء العالمين " . و لد الشيخ محمدو على الراجح في شهر ذي الحجة من عام 1327هـ الموافق 1909م فى ( اللك ) بمقاطعة اركيز. وبعد أن حفظ القرآن الكريم بدأ دراسة المتون على يد والده ثم على العلامة أحمدو ولد دهاه و العلامة الأمين ولد سيدي و العلامة الأديب محمد عبد الله بن ففا قبل أن يلتحق بمحظرة التندغيين محظرة أهل أحمدوفال.
و يتعرض المؤلف لدعوة الشيخ النحوي إلى الله في غامبيا و السنغال و في بلاد الحرمين الشريفين، قبل أن يذكر زواياه في باب الفتح التي تأسست في ال22 ربيع الثاني 1422هـ، 14 يوليو 2001م، و في مقام إبراهيم التي شهدت توسعة خاصة وأخذت اسم مقام إبراهيم في عام 1991، وفي نواكشوط بحي السعادة ( السبخة ) التي بنى بها جامع النور عام 1987م و جرى بها الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة 1989م..
ويذكر المؤلف أن الشيخ النحوي بنى في برينة بيته الأول سنة 1966م.. و قد استقبل فيه الشيخ ابراهيم نياس سنة 1967م..و تحت عنوان: (( مظاهر من استقامته و انتقاله إلى الرفيق الأعلى)) يقول المؤلف (( هكذا ظل شيخنا النحوي رضي الله عنه آية عظيمة في الاستقامة، و الصبر على العبادة، و دوام الجد و الاجتهاد في الطاعات، في السنوات الاخيرة من عمره، كما كان في أيام شبابه ))..و قد توفي الشيخ النحوي رحمه الله في التاسعة و النصف من ليلة الأحد 27 محرم 1424هـ الموافق 30 مارس 2003م، و دفن في روضته الشريفة المحاذية للمسجد الجامع برباط الفتح، و أثبتت المؤلف ثلاثة مراثي للأستاذ الفقيه محمد ولد بتار و الأستاذ الأديب محمد الحافظ بن احمدو و الطبيب العارف الشيخ بن المشري..
و يتعرض المؤلف للآثار المباركة للشيخ النحوي مستهلا بمنافعه للمسلمين ثم بمدرسته الأخلاقية الفذة، ثم بروعة الدعوة إلى الله ..و يركز على حسن علاقاته مع الأعلام و المشايخ الذين عاصروه، ويذكر منهم العلامة المختار بن حامدن الديماني، والشيخ عبد الله بن الشيخ سيديا الأبيري، و العلامة محمد علوي المالكي الحسني، و الشيخ سيدي محمد التاكنيتي، و العلامة محمدن ولد احويبلل الحسني، و الشيخ موسى ابراهيم اتشادي ، و الشيخ أبا بكر السوداني، و الشيخ التجاني بن الشيخ ابراهيم نياس..و يذكر لكل واحد من هؤلاء حكايات و شهادات على علاقاته بالشيخ النحوي..
37 موسما في الحرمين و منافعه للمسلمين
يخصص المؤلف الفصل الثاني لسبع و ثلاثين موسما في بلاد الحرمين..و يذكر ان الشيخ النحوي حج (23) حجة كانت أولاها في سنة 1374هـ، الموافق 1955م مع شيخه شيخ الاسلام الشيخ ابراهيم نياس الذي حج معه سبع مرات..وكانت آخر حجة للشيخ النحوي عام 1406هـ، 1986م..و اعتمر في رمضان (14) مرة ( ما بين 1407هـ إلى 1420هـ ). وكان كثيرا ما يستهل برنامجه في الديار المقدسة بزيارة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام و يكون جل مقامه بالمدينة المنورة، ثم أنه ما جلس قط بالمسجد النبوي إلا في الروضة الشريفة رغم ما دون ذلك من مشقة بالغة..
واعتاد الشيخ النحوي لدى العودة من الديار المقدسة المرور بالبلاد المغربية لزيارة الشيخ سيدي احمدي التجاني رضي الله عنه في فاس المحروسة.. ويختم المؤلف هذا الفصل بتأصيل للطريقة التجانية من خلال حوار بين الشيخ النحوي و بعض المعترضين..
ويختار المؤلف للفصل الثالث عنوان " صفات محمدية محمدية "..و يبدأ هذه الصفات التي يتحلى بها الشيخ النحوي بحسن الظن بالله لدرجة اليقين، ثم الاستقامة على الطاعات، و الزهد في الدنيا، و التفقه في الدين، و حسن الخلق مع كل مخلوق، و التواضع، و توقير الكبير و رحمة الصغير، وسعة الصدر و الحلم و عدم انتصاره لنفسه، و المسالمة و البعد عن الخلافات و الفتن، و الدفع بالتي هي أحسن، و الوفاء بالعهد، و الصبر و شدة التحمل، و العرفان بالجميل.. و استدل المؤلف بأقوال أعلام ممن عاصروا الشيخ النحوي و شهدوا له بهذه الخصال..
يتناول الفصل الرابع منافع الشيخ النحوي للمسلمين و يورد المؤلف شهادات لبعض المشايخ على منافعه للمسلمين و تميزه في ذلك مما عبر عنه كذلك الأدباء في شعر جميل، و كذلك الأمر بالنسبة لكرمه و إيثاره، و دلالته على الخير، و تفريجه للكروب، و صلته لأرحامه و اهتمامه بالناس و سعيه في إصلاح ذات البين، و وجاهته عند السلطات..ويعطي المؤلف الدليل على تحلي الشيخ النحوي بهذه الخصال من خلال حكايات يرويها عمن قابلهم، و كذلك يعطي الدليل على منافعه للمسلمين في بلاد الحرمين خاصة، و يتحدث عن سيارات الشيخ النحوي التي لا تضيق عن راكب..
حياته مع الشيخ ابراهيم انياس
أما الفصل الخامس فيتناول خمسة و أربعين عاما قضاها الشيخ محمدو النحوي مع شيخ الإسلام الشيخ ابراهيم انياس الذي لقنه الورد التجاني في اواخر ذي الحجة 1348هـ الموافق لشهر مايو 1930م، و الشيخ النحوي إذ ذاك في الحادية و العشرين من عمره..و بقي الشيخ النحوي مع الشيخ ابراهيم نياس إلى و فاته يوم السبت 15 رحب 1395هــ الموافق 26 يوليو 1975م.
اختار المؤلف لهذا الفصل عنوان: بهجة الأنام بطلائع السابق إلى شيخ الإسلام)).. و يذكر في هذه الطلائع أن الشيخ النحوي هو اول من ذكر الله بالإسم المفرد (( الله )) في عموم الفيضة التجانية ، و أنه أول من سبق إلى صاحب الفيضة من العرب، فقد تعرف على الشيخ ابراهيم نياس في عام 1345هـ، خلال مرافقته لأخيه الأكبر عبد الوهاب النحوي في زيارة للسنغال و أعطاه الشيخ عناية خاصة..و بعد ثلاث سنوات عاد إليه ليصحبه في الله و ينقل عن الشيخ ابراهيم نياس قوله: (( نعم محمدو هو أول من بايعني، و لولاه ما عرفتهم و ما عرفوني))..والشيخ محمدو هو ثاني من فتح عليه من العرب الشناقطة على يد الشيخ ابراهيم انياس، بعد السيد محمد الحافظ بن محمد عالي، و ذلك في ال22 ربيع الثاني 1351هــ الموافق 25 اغشت 1932م..و الشيخ النحوي هو اول من دل " البياضين " على الشيخ ابراهيم انياس..وقد قال له الشيخ من "رآك فقد رآني"، و هو أحد رجال التصريف لكون الشيخ كان يكلفه بالمهام فتنجز في أسرع وقت و على أحسن حال ، وقد خدم الشيخ خمسا وأربعين سنة ما أذن له في أن يفارقه في غضونها أكثر من شهر إلا في حالات نادرة، وهو أحد كبار العارفين على مستوى الفيضة التجانية ، و هو الرائد في منافع المسلمين و وصفه الشيخ ابراهيم انياس بانه الأديب الأمثل..
تناول الفصل السادس من هذا الكتاب علاقات الشيخ النحوي بخلفاء الشيخ السابقين بدءا بالخليفة سيدي عالي بن الحسن سيس ( المولود 1324هـ -1906م - و المتوفى 1402هـ -1982م -)، ثم بسيدي محمد الحافظ بن محمد عالي ( المولود 1326هـ - 1908 م – م و المتوفى 1362هـ - 1943) ، ثم الخليفة الشيخ الهادي بن سيدي مولود فال المولود (1324هـ - 1906م و المتوفى 1402هـ 1982) ، ثم الخليفة الشيخ الشيخان بن محمد الحافظ ( المولود 1326- 1908 و المتوفى 1406هـ - 1986 م ) ثم الخليفة الشيخ محمد المشري بن الحاج ( المولود 1334هـ - 1916م ) و المتوفى 1395هـ- 1975م ) ثم الخليفة الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد الله ( المولود 1323 هـ - 1905م و المتوفى 1410 هـ 1990) .
اختار المؤلف للفصل السابع عنوان ( و أما بنعمة ربك فحدث )، وفي هذا الفصل يروي الشيخ محمدو النحوي تفاصيل رحلته الأولى إلى كوسي و هي الرحلة التي صحب فيها أخاه عبد الوهاب النحوي إلى السنغال ليلتقي لأول مرة بالشيخ ابراهيم انياس و تبدأ العلاقة بينهما و يروي كيف درس على الشيخ قبل أن يأخذ الورد التجاني منه و كيف فتح عليه و يورد قصصا عجيبة من بداية عهد صحبة الشيخ النحوي للشيخ ابراهيم انياس منها : متاع للشيخ محجوز في دكار يتم تخليصه في ساعات ، و منها: بركة الخمسة و العشرين درهما التي قضى منها كل الديون و الحاجات ولم تنفد ، و منها كذلك مدى تقدير الشيخ للشرفاء العلويين.
آل الشيخ النحوي و الرسائل و المخطوطات
و ينتهي الكتاب بتذييلين أولاهما الكلام عن آل الشيخ النحوي بدءا بالوالدة فاطمة بنت فتن ( ماتي ) – المولودة 1338هـ - 1920م _ و المتوفاة 4 محرم 1418هـ - 11 مايو 1997ـــ ، ثم بالأبناء السيد محمد الأمين المولود 1363هـ -1944م و المتوفى 1399هـ - 1979م ، ثم الطبيب محمدن المولود 1368هـ 1949م و المتوفى 1422هـ- 2002م، ثم الخليفة الشيخ محمد الحافظ المولود 1370هـ - 1951م أطال الله بقاءه، ثم العلامة الخليل المولود 1374- 1955م أطال الله بقاءه.. زيختم المؤلف هذا التذييل بأقوال تزكية و إشادة بالشيخ محمد الحافظ النحوي بدأت بما قاله عنه الشيخ محمدو النحوي في وصية خلافته ثم بما قاله الشيخ الشيخان بن محمد الطلبة ثم العلامة الشيخ سيدي محمد بن آب ثم العلامة حمدا ولد التاه، ثم الخليفة احمدو ولد لمرابط، ثم العلامة الشيخ محمدفال ( اباه ) بن عبد الله، ثم الشيخ مدني بن الشيخ المنتقى تال، ثم الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله، وأخيرا قصيدة للخليل النحوي.
أما التذييل الثاني للكتاب فقد تضمن رسائل و مخطوطات و منها 12 رسالة من الشيخ ابراهيم انياس موجهة إلى الشيخ محمدو النحوي ، ورسالة واحدة موجهة من الشيخ محمدو النحوي إلى الشيخ ابراهيم نياس و رسالة الرباط ، و رسالة الوصية بالخلافة، ومسك الختام مقتطفات من دعاء الشيخ النحوي.
و أخيرا:
إذا كان المؤلف قد نصح الدارسين بأن يؤلفوا عن رجل عظيم إذا كانوا يريدون الحصول على معلومات شرعية و لغوية و تاريخية وفكرية، فإنني أنصح المهتمين بالتصوف عموما و بالفيضة التجانية الإبراهيمية خصوصا بقراءة هذا الكتاب ليحصلوا على معلومات مهمة و موثقة لم تنشر من قبل و ليطلعوا على سيرة رجل عظيم أفنى عمره في خدمة الشيخ ابراهيم نياس و في منافع المسلمين ، وليكتشفوا المزيد من إبداعات آل النحوي ومن أبرز ذلك تلك التسجيلات التي كانت أهم مصادر هذا الكتاب و أكبرها قيمة، زادهم الله إبداعا و تألقا و توفيقا و بارك الله فينا و فيهم.
محمد الحافظ بن محم
نوفمبر 2016