نظم المركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات، مساء أمس الاثنين، بفندق "موري سانتر" ندوة فكرية لنقاش كتاب "السودان على طريق المصالحة" للدبلوماسي والأكاديمي الموريتاني البروفيسور محمد الحسن لبات.
أنعش الندوة عدد من رموز الثقافة والفكر في البلاد، مثل: د.السيد ولد أباه، ومحمد جميل منصور، والوزير محمد محمود ولد جعفر، والشيخ بونا عمر لي، والدكتور مصطفى فاتي، وسط حضور كبير من وزراء خارجية وسفراء ورؤساء حكومات وشخصيات علمية ودبلوماسية مرموقة.
وشارك في الندوة المؤلف محمد الحسن ولد لبات من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا عبر تقنية زووم.
مدير المركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات الدكتور سيد أعمر شيخنا رحب، في مستهل الندوة، بالحضور وبمؤلف الكتاب، معتبرا أن كتاب "السودان على طريق المصالحة" كتاب استثنائي؛ لأنه أولا يتناول قصة نجاح باهر للدبلوماسية القارية والدبلوماسية الموريتانية، أنقذ بلدا شقيقا من الانزلاق في أتون الصراع والاحتراب الداخلي، ولأنه ثانيا يبرز القدرة الفكرية للبروفيسور ولد لبات الذي تقمص دور القاص والمؤرخ ليدون لنا هذه التجربة المهمة.
وأرجع ولد شيخنا نجاح مهمة الوسيط الإفريقي في السودان إلى خلفيته الأكاديمية وخبرته الدبلوماسية وحسن تمثله وتوظيفه للانتماء الشنقيطي في بلد مثل السودان، يقدر الشناقطة ويعرف فضلهم.
بعد كلمة مدير المركز تدخل مؤلف الكتاب البروفيسور محمد الحسن لبات شاكرا مدير المركز الدكتور سيد أعمر شيخنا على تنظيم هذه الندوة رفيعة المستوى، وكذا الأساتدة المشاركين في إنعاش الندوة.
واستعرض ولد لبات سياق الوساطة ومساراتها والأهداف التي من أجلها دوّن شهادته في كتاب يروي قصة هذه الوساطة، التي جنبت السودان مزالق عدم الاستقرار، وأسست لتحول ديمقراطي توافقي.
الوزير والسفير الأسبق محمد محمود ولد جعفر قدم ورقة بعنوان: "وساطة الاتحاد الإفريقي بين براعة الوسيط وفاعلية الدبلوماسية القارية"، تناول فيها أوضاع القارة والتحديات المؤسسية والتنموية التي تواجهها وسط تنافس دولي كبير، مما يحتم على الأفارقة تفعيل الاتحاد الإفريقي ومؤسساته من أجل احتواء الصراعات وإرساء أجواء الوفاق والسلم.
واستعرض ولد جعفر الميزات الاستثنائية التي تميز بها ولد لبات، والتي ساهمت في نجاح مهمته بكفاءة مشهودة.
الشيخ بونا عمر لي تناول في ورقته أهمية العلاقات الموريتانية السودانية التاريخية، والتي ساهمت كما يظهر في الكتاب في خلق أرضية صلبة لنجاح الوساطة التي قام بها ولد لبات.
الدكتور مصطفى فاتي تناول في مداخلته الأدوار التي قامت بها النخب السياسية والثقافية السودانية في تعزيز الحوار وبناء جسور الثقة وإنجاح الوساطة التي ساهمت في تجنيب السودان مخاطر محدقة.
واستعرض الدكتور مصطفى فاتي عددا من المشاهد والمواقف التي ذكر ولد لبات في كتابه والتي عكست مستوى تفاعله العاطفي مع النخب السودانية.
الأستاذ محمد جميل منصور، الرئيس السابق لحزب "تواصل"، تناول محورا بعنوان: "دواهي الإحباط ودوافع الأمل في مسار الوساطة، مستعرضا أهم التحديات التي واجهت الوسيط الإفريقي البروفيسور لبات، وكيف تشبث بالأمل واستطاع بحكمته وعقلانيته دفع الوساطة إلى النجاح.
وتوقف ولد منصور كثيرا عند دعوة ولد لبات إلى تعزيز ثقافة الاعتذار وجبر الخواطر، وكيف أعلن في كتابه عن أسفه على الموقف الصامت إزاء قضايا الإرث الإنساني في موريتانيا مطلع التسعينيات.
الفيلسوف الدكتور السيد ولد أباه عقب على مداخلات الضيوف، منبها إلى أن كتاب محمد الحسن ولد لبات هو أول كتاب باللغة العربية في علم الوساطة الدبلوماسية، معتبرا الكتاب مزيج من الفكر والقانون والفلسفة، حمل إشراقات وأفكار محلقة.
وتدخل في الندوة كل من: الرئيس الخليل ولد الطيب، والسفير المختار ولد داهي، والحسين أعمر جودة، والمحامي محمد درامي.
وفي نهاية التدخلات أجاب البروفيسور محمد الحسن ولد لبات، الذي ظل طوال وقت الندوة على اتصال بالحضور عبر تقنية زووم، على أسئلة المتدخلين، شاكرا إياهم على مداخلاتهم النوعية التي أعادت لها الأمل في البلاد ونخبها، ومثمنا وطنيتهم وتعلقهم بسمعة البلاد ورفعتها.