صدر التقرير العام لندوة المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل، المنظمة بقصر المؤتمرات في أنواكشوط بتاريخ 25 يوليو/تموز 2020..

 

-1-

نظم المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل يوم السبت المواقف 25 يوليو 2020 في رحاب قصر المؤتمرات بأنواكشوط، ندوة فكرية حول موضوع "موريتانيا بعد عام، فاتح أغسطس: ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟"، شارك في أشغالها أكثر من ستين شخصية مصدرية وطنية من الفاعلين السياسيين، والأكاديميين، والباحثين والخبراء وقادة الرأي من مختلف الأطياف في الساحة الوطنية، وقد قدم المشاركون مداخلاتهم وتعليقاتهم النقدية عبر أربع جلسات للنقاش المفتوح.

وقد حرص المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل على ضبط وتوثيق أشغال الندوة من خلال الاعتماد على ثلاثة مقررين للندوة، إضافة إلى تسجيل مجمل فعالياتها بالصوت والصورة.

وتنبع أهمية الندوة ليس فقط في اختيار موضوعها أي التفكير في كيفية وضع تصور متفق عليه بين النخب لموريتانيا الممكنة وإثارة البحث عن أي تدبير مطلوب للبلاد في الأفق المنظور، أو في توقيتها الذي يتزامن مع انقضاء السنة الأولى من مأمورية السيد رئيس الجمهورية المنتخب في 22 يونيو 2019 والذي تم تنصيبه رسميا في فاتح أغسطس 2019، وإنما تكمن أهمية الندوة أيضًا في نوعية الشخصيات المصدرية المشاركة فيها، وما يتمتعون به من تبصر وحكمة وخبرة وتجربة، وقد حضروا جميعا تلبية لدعوة المركز ،وللتعبير عن آرائهم، وتقديم تجاربهم،ومناقشة أفكارهم النقدية في فضاء يسعى المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل من خلاله إلى المساهمة في رفع مستوى نقاش القضايا العمومية التي تتعلق بمصير البلاد وشعبها ومصالحها العليا، من مستوى الخصومات والمُماحكات السياسوية التقليدية، والارتقاء بالجدل العام إلى مستوى التفكير العقلاني والنقاش الموضوعي.

عقدت الندوة على أساس بعض الأفكار والرؤى لدى المركز الذي يطمح من خلالها إلى تحقيق هدف استراتيجي/سياسي، يمكِّنُه من لعب دور "المستهل" بين أصحاب الرأي والفاعلين والنخب بمختلف مشاربهم، وبين صُنَّاع القرار، وذلك من خلال تسليط الضوء - بشكل منتظم ومعمق- على أهم الإضاءات والإكراهات في الواقع الموريتاني الراهن، والبحث عن حلول عملية ومستدامة للخروج منها.

كما يأتي تنظيم الندوة مواكبة للمنعرج الذي أخذته البلاد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، واستثمارا للمناخ السياسي العام، السائد في البلاد حاليا، والذي يتسم بقدر من الإنفتاح والإيجابية في التعاطي مع مختلف القضايا.

ويثير الموضوع الرئيس للندوة "موريتانيا بعد عام: فاتح أغسطس، ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟ تساؤلات مركزية وثيقة الصلة بجملة من القضايا الحيوية الأخرى المرتبطة بديناميكيات التغيُّر السياسي والاجتماعي، التي لا تنفصم عُراها بين الدولة والمجتمع في موريتانيا؛ فضلا عن كونها تساؤلات تكتسي أهمية إستشرافية من منظور جيو-استراتيجي، حيث أن مدى نجاح تجربة الحكم الجديد في البلاد ضمن أفق 2024، قد يشكل عاملا حاسما لضمان فرص استقرار البلاد في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهها على المدى المتوسط في منظور 10 من إلى 25 سنة قادمة.

-2-

وقد تركزت أعمال الندوة ومناقشاتها طيلة يوم كامل من الساعة العشرة والنصف صباحا إلى حدود الثامنة ليلا على مواضيع وإشكالات وتساؤلات كانت بمثابة حصص للعصف الذهني، وتوليد الأفكار، وتحسيس للرأي العام الوطني وكذا لأصحاب القرار، حول قضايا جوهرية تحظى بالحد الأدنى من الإجماع الوطني حولها، وتأتي في مقدمتها:

 الفرص المتاحة للتوصل إلى تدبير سياسي عقلاني للحكامة في البلاد؛

 بلورة سيناريوهات مستقبلية لموريتانيا الممكنة ؛

 طرح خيارات بديلة متعددة يمكن الحوار والمفاضلة فيما بينها؛

وقد شملت مناقشات الندوة ومداخلات المشاركين نحو عشرة محاور رئيسية هي:

- المحور الأول: الإستقرار السياسي، الوحدة الوطنية، التعايش السلمي ومشكل اللغات؛

- المحور الثاني: تكريس ثقافة المساءلة وممارسة محاربة الفساد وتطبيق القانون؛

- المحور الثالث: الحكامة الرشيدة، إبعاد المؤسسة العسكرية عن ممارسة السياسة والحكم والإنقلابات؛

- المحور الرابع: مراجعة السياسة الخارجية واستقلالية القرار الوطني؛

- المحور الخامس: مشكلة الغبن وإدماج الفئات المهمشة؛

- المحور السادس: إعادة تأسيس الجمهورية وتفعيل دولة القانون والمؤسسات؛

- المحور السابع : التنمية المستدامة وإصلاح القطاعات الخدمية: التعليم والصحة، والسكن، النقل، إلخ؛

- المحور الثامن: إصلاح المدونة الإنتخابية ومراجعة المسار الإنتخابي؛

- المحور التاسع: التمكين الإقتصادي للمرأة ومكانة النوع ؛

- المحور العاشر: استخلاص الدروس والعبر من جائحة كوفيد 19 والعمل على رسم استراتيجيات وخطط لتدبير الأزمات وللتصدي والاستجابة للكوارث؛

يتألف هذا التقرير العام للندوة من متن وملحقات. وترتكز منهجية إعداده من أجل تسهيل مقروئيته، على ضرورة المزاوجة بين الحرص على عدم اختزال المداخلات التي أثرت أشغال الندوة أو التضحية ببعض جزئياتها، وبين ضرورة تسليط الضوء على أهم الأفكار والاقتراحات والتوصيات الواردة فيها.

لذلك، فقد ارتأى المركز بأن يعرض ضمن المتن وفي الجزء الأول من التقرير العام، بعض ومضات من أفكار واقتراحات المتدخلين كمقبلات للتقرير، على أن يتم تقديم ملخصات مركزة لجميع المداخلات -حسب التسلسل الزمني للمتدخلين- في الجزء الثاني من التقرير.

وفي الأخير، حاولت الندوة صياغة مجموعة كبيرة من التوصيات التي تصب في رهانات موضوعها. وقد فضل المركز بعد فرز التوصيات الواردة في سياق المداخلات، أن يخصص لها الجزء الثالث والأخير من متن التقرير العام من أجل إبراز أهميتها.

كما حرصنا في المركز على وضع ملحقات للتقرير العام تتضمن برنامج الندوة ولائحة المدعوين، ولائحة الحضور، ولائحة المتدخلين وبروتوكول المداخلات، إضافة إلى بعض الصور من وقائع الندوة.

-4-

وتجدر الإشارة إلى أن الندوة قد حظيت باهتمام إعلامي منقطع النظير، من طرف جميع وسائل الإعلام والإتصال المرئية والمسموعة والمقروءة، سواء العمومية منها والخصوصية. فقد نقلت أهم وقائعها إذاعة موريتانيا نقلا حيا ومباشرا على جميع محطاتها، كما غطتها قناة التلفزة الموريتانية وكذلك أغلبية القنوات الوطنية والدولية العاملة في موريتانيا، إضافة إلى بث وقائعها على الهواء مباشرة عبر تقنيات يوتوب وفيسبوك.. كما غطتها بشكل مركز وكالة صحراء ميديا، وكذا العديد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الأخرى.

لذا، انتهز فرصة صدور هذا التقرير من أجل تقديم الشكر والعرفان لجميع وسائل الإعلام والتواصل بمختلف أنواعها، على مواكبتهم للمركز من خلال نقل وتغطية ومتابعة أشغال ندوته الفكرية، والشكر موصول إلى إدارة قصر المؤتمرات على حسن تعاملها مع المركز وضيوفه.

-5-

وفي الأخير، لا يفوتني كذلك إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل باسمي شخصيا، وباسم المركز إلى هيئة مقرري الندوة وهم د. محمد الأمين ولد إبراهيم، ود. أم كلثوم بنت حامدينو، والأستاذ الكاتب الصحفي محمد المختار ولد محمذن فال، كما أقدر شكري وعرفاني بالجميل كذلك إلى جميع أعضاء لجنة التنظيم، وكل أصدقاء المركز، وكذا إلى جميع الزملاء على حسن تعاونهم وعلى المساعدة القيمة في تنظيم هذه الندوة، فلهم مني جميعا كل الامتنان والتقدير.