كثر هم الشعراء أينما اتجهت، لكن قلة قليلة هم الذين جمعوا بين موهبتين عظيمتين: الشعر والخط.
في هذا التقرير تقترب الجزيرة نت من عوالم 3 شعراء عرب، من اليمن وتونس ومصر، يجيدون فن الخط العربي، ولكل منهم حكايته، لكن يبدو أن الشعر طغى على موهبة الخط والنقش بالحروف، إذ إنه فضاء لا نهاية له، فيما يبقى الخط فنا للمتعة والجمال وربما لحظة هروب من معركة الشعر وما يستنزفه من جهد وتفكير وتحليق في سماوات الخيال البعيدة.
مفاجآت الحمادي
يحيى الحمادي واحد من أهم كتاب القصيدة العمودية في المشهد الشعري اليمني والعربي الراهن، وهو أيضا رسام بورتريه مدهش، لم يكن مفاجئا لأصدقائه ومتابعيه على فيسبوك أن يطل عليهم بين فترة وأخرى بنماذج من أعماله الفنية كخطاط وإن لم يستثمر موهبته في الخط كما يجب، إلا أنه أعطى الشعر الكثير من وقته وانشغاله، وحصيلته حتى الآن 6 دواوين شعرية هي: عام الخيام، ورغوة الجمر، وحادي الخيام، والخروج الثاني من الجنة، ونحت في الدخان، واليمن السعير.
موهبة الحمادي في الخط قديمة تعود إلى المرحلة الأساسية في المدرسة، حيث بدأ بكتابة الوسائل التعليمية، وبعدها في المرحلة الثانوية الكتابات والرسوم على الحائط الداخلي للمدرسة، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الفنية بصنعاء، والتي تعلم فيها قواعد الخط العربي على يد الخطاط العراقي الراحل جعفر عبود.
التفكر في الجمال
"كانت البداية إذًا للخط وهو باعتباره القائد إلى الشعر، وذلك من خلال الأبيات الشعرية والمختارات القرآنية التي نقشتها أنا أو نقشها الخطاطون القدامى قبلي، حيث إن التمعن في تفاصيل الحرف وانسياباته وتعرجاته الأنيقة يجعلك أكثر وعيا وتدبرا لمعاني الكلمات، فالتفكر في الجمال هو البوابة الأوسع والمورد الأعذب للإبداع" يقول الشاعر والخطاط اليمني يحيى الحمادي في حديثه للجزيرة نت.
الحمادي مأخوذ بالشعر وعوالمه، ومفتون بالخط ومتعته، ويعترف هنا بأن "الشعر عملية معقدة وتتطلب الكثير من الوقت والصبر، سواء من حيث التثقيف والمواكبة أو الكتابة، بعكس الخط الذي في حال إجادتك لقواعده وشروطه فإنه يصبح متعة ومتنفسا تلجأ إليه دون جهد مضن، ولهذا -بالنسبة إلي- فقد استأثر الشعر بالنصيب الأكبر من الوقت والجهد، واستأثر الخط بالنصيب المستحق من الجمال والمتعة".