altفي يوم 6 /7/ 020 سجلت قوى النكوص والشقاق والتفرقة أول نجاح ملموس تضيفه إلى رصيدها في المجال. وذلك عندما نجحت في حمل لجنتها البرلمانية - بمرأى ومسمع من الجميع- على توجيه استدعاء إلى الرئيس المنتهية ولايته؛ بغية الاستماع إلى "شهادته" في بعض الملفات.
فلقد أحدثت بفعلتها تلك شرخا وخرقا بارزا في جسم سلطة التغيير والإصلاح المنبثقة عن حركتي 3 و6 أغسطس، التي قادت ونفذت خلال العشرية الماضية - وما تزال تقود وتنفذ- تمردا ناجحا على نظام الفساد الذي ما يزال جاثما ومهيمنا حتى الساعة على جل مفاصل الدولة يحرك بيادقه في كل اتجاه.
وأيا كانت أسباب ودوافع ومآلات هذا الاستدعاء فإن المستهدف به ليس الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي أنجز مهماته بنجاح وغادر كرسي الرئاسة طوعا مرفوع الرأس؛ وإنما المستهدف به بوضوح شديد هو الإطاحة بثلاثة أمور هي:
1. مصداقية عهد الإصلاح، ومنجزاته الكبيرة، وبرنامجه؛ وفي مقدمتها: الحرب على الفساد، والعمل الدائب على توسيع مساحة العزة والكرامة، وإعلاء صرح الوطن والدولة، وصيانة الحرية والديمقراطية، وإشراك الشعب في خيرات بلده وفي تقرير مصيره، التي تم زرعها عنوة في جسم نظام الفساد.
2. الصورة العظيمة التي طبعتها موريتانيا في جبين التاريخ، على مرأى ومسمع من العالم، يوم حققت التداول السلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين. فتشويه تلك الصورة، والإطاحة برموزها، هدف لا غنى عنه للرجعيين والاستعمار والصهيونية.
3. رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وعهده وتعهداته. وذلك عن طريق فصله عن سربه والانفراد به.
وعليه، فإني أستنهض بهذه السطور همم عقلاء البلد وقواه الوطنية كي يبادروا بتلافي هذا الشرخ، ويعيدوا المياه إلى مجاريها، ويضربوا بيد من حكمة على هذه الفتنة في مهدها، حتى لا يتصدع صرح الإصلاح والخير والنماء والحرية الذي تم إرساؤه في بلادنا!
فمن البديهي جدا أن المتضررين من الإصلاح لن يألوا جهدا في تخريبه والقضاء عليه وعلى رموزه، ولديهم الوسائل والأسلحة {وفيكم سماعون لهم}.
وبديهي كذلك أن عهد وتعهدات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني التي صوت له الشعب على أساسها؛ والتي أثق شخصيا في إخلاصه وجده في تنفيذها، لا يمكن أن تنفذ بمعزل عما بنته سلطة الثالث والسادس من أغسطس ورموزُها الذين كان في طليعتهم؛ ومن المستحيل أن تنفذ بأيدي المفسدين الذين يُوضِعُون في خطب وده وعزله عن سربه، ليخلو لهم وجهه، فيستحوذوا عليه ويسخروه في خدمة مصالحهم ويقضوا عليه!
وبديهي أيضا أن منجزات عشرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز ورؤيته الوطنية لا يمكن الحفاظ عليها وصيانتها وتطويرها في صالح موريتانيا إلا عن طريق رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وعهده وتعهداته! فمسؤولية الأمانة على من تحملها.. وعيب الديار على من بقي فيها.
ولذلك، فإن وحدة وتكاتف الرجلين هي نواة الوحدة الوطنية ووحدة الوطنيين والشعب خلفهما. وهي أيضا ضمان لا غنى عنه من أجل التقدم والنجاح والوصول إلى بر الأمان! ولن يفيد أيا منهما المبطلون إلا خسارا!
وبصفتي من سن توظيف الأدب في استنطاق المواقف السياسية والاجتماعية عبر أعمدة جريدة البيان تحت عنوان "ندوة البيان" سنة 1992، فإني أتخيل مدى المرارة التي شعر بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وهو يرى صديقه وشريكه وسلفه الرئيس محمد ولد عبد العزيز يمر أمام الرئاسة متجها إلى البرلمان، فينشد مخاطبا إياه قول امحمد في موقف مماثل:
تِدْفَارِكْ يَالْعَگلْ الْ لِمْهَـــدّْ ** الِّ خَاطِمْ فُمْ الْمَحْرَدْ
وَامْرَيْدِيمْ أُذَاكْ امْنْ ابْلَــدْ ** فِيهْ ادْيَرَاتْ الْخَــوَّانَه
مَاهْ انتَ بِيهْ الْمُمَــــــرْمَدْ ** ذَاكْ الْمُمَــرْمَدْ بِيهْ آنَ
اُمَوْطَ بِيكْ افْدَارْ انتِجْبَارْ ** يَعَگْلِي (گوْمِي) خِيَانَه
غَيْرْ اتْعَامَ عَن ذِيكْ الدَّارْ ** لاَ تَحْرَگْ فِيـــهَا كِتَّانَه.