في كل سانحة يتم فيها عرض الصفحات المطوية من حياة الشهيد البطل صدام حسين يتأكد بجلاء أن الانتماء الأصيل والعميق لأي بلد أو أمة لا يكون متجذرا إلا ذا ارتكز إلى تضحية ووفاء وجهد مشهود ، وإلا كانت جميع المساومات الذاتية الأخرى تخلفا وجحودا، لا يليق الركون إليهما ، "لأن الحب لا يوجد إلا مقرونا بالتضحية " وهذا ما أكدت عليه الأدبيات السياسية من خلال ذلك الشعارالثوري :" قضت الرجولة أن نمد أجسامنا جسورا فقل لرفاقي هيا اعبروا " .
وبما أن الأمة الحية تكتب في كل منازلة تاريخ أبطالها وتعترف بجميلهم ،حقا مكتسبا ونكاية للعدو ، وتشجيعا لميزة الإيثار والتضحية ، فإننا نسجل في زمن تداخل الخنادق والاستلاب الفكري والحضاري والتحولات الهيكلية الدولية التي تطورت إلى حروب خارجيَّة وبَيْنيَّة وَأهليَّة، واحتلال مباشر لبعض الأقطار العربية ، أن القائد صدام حسين رمز الوحدة العربية والكرامة الإنسانية ، قد أضفى شعورا في أمته بالقيمة الشخصية والعدالة الاجتماعية ، والكرامة الوطنية ، وفي عهده ارتبطت شعارات الكفاح من أجل حرية الجماهير العربية بكافة فئاتها، بمسألة التفاعل والتساند بين النضال القومي التحرري والنضال الاجتماعي التقدمي، حتى وصل القوميون في زمنه إلى ذروة الفخر والكبرياء ـ دون رؤية الفضل على الغير ـ
لذلك فإن تنازع البقاء على هذا النحو سيحدو بالشرفاء والغيورين للمساهمة في الدفاع عن الأمة ، ليتطلعوا حينها إلى ماهو أبعد من عرض الصفحات المطوية المليئة بالخصوصيات ، باعتبار أن الثبات أزلي فيما يخلد ويبقى ،والمرونة سمة لما يخلد ويتطور .
ومع هذا فقد استلهم المناضلون العرب من القائد صدام حسين أن فلسفة التثبيط وسياسة القعود مع الخالفين اللتين ينتهجهما أعداء الأمة والشعوبيون ، في كل المناسبات ، ينبغي أن يتم التصدى لهما بحزم وقوة ، بعيدا عن روح الاستكانة والخضوع والخنوع ، "إذ أن الذي يضحي من اجل أمته دفاعا عن مجدها الغابر وسعادة مستقبلها، لأرفع نفساً وأخصب حياة من الذي يحصر تضحيته في شخص واحد " كما قال المؤسس أحمد ميشل عفلق ، وهذا هو محل الإعتراف بالجميل لأولئك الشرفاء عبر الزمن الذين يرفضون مغادرة الميدان، رغم سلطة العقل المجتمعيِّ ، لأن الأفكار تستمد أهميتها، وتاريخيتها، من خلال الوعي النقدي الشمولي للواقع ، ذلك أن في أغوارالإنسان ثغرة لا تسدها إلا الحرية ،وتبعا لذلك على المرء أن يقف في وجه من يصادر شرط نشوء غيره .
مع أن من يبالغ في الخصوصيات والذاتيات ، والانخراط في التعاطي مع الإطار القطري الضيق الذي ارتضاه الاستعمار أصلا ، ويضع البلاد في الإطارالمنعزل ، يكرس دون شك آثارا رجعية خلافا لتوجهات كونية تتوسل للوحدة والاندماج بكل السبل والوسائل لتحقيق نفس المقصد.
لذلك فإن أبناء هذه الأمة قد حملوا في صدورهم حب قائدهم صدام حسين الذي ناضل من أجل الوحدة العربية ، وكتبوا الكثير من الملاحم الشعرية في شأنه ، وألفوا الكتب حوله وترجموا له في جميع المناسبات .
وانسجاما مع هذا الموقف ينظم الموريتانيون في مثل هذه الايام من كل سنة تظاهرات كبرى تخليدا واحتفاء بذكرى استشهاد الامين العام السابق لحزب البعث صدام حسين ، ويكون من اللافت فيها حضورأغلبية قادة التيارات السياسية التقليدية في موريتانيا ، من اليساريين والإسلاميين والقوميين ، ورؤساء بعض الأحزاب الحديثة ، فضلا عن العلماء وشيوخ المحاظر والبرلمانيين والمحامين والأساتذة الجامعيين والأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين والطلبة والشباب والجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني .
ويعتبرهذا الحضورالجماهيري المتميز، الذي يتوحد من خلاله المواطنون الموريتانيون في كل سنة ، تعبيرا رائعا عن امتنان هذا البلد للدورالكبير الذي لعبه الشهيد صدام حسين في الدفاع عن موريتانيا في سنة 1989، فضلا عن ما قدمه لهذا البلد في مجالات الصحة والتعليم ، والإعلام والكهرباء ، مع ما أسداه للأمة العربية من إنجازات كبرى .
ذلك أن صدام حسين وهب حياته ومواهبه الفذة في سبيل قضايا الأمة المصيرية وسعى إلى تحقيق اهداف الامة العربية كلها ، وتمسك بالنضال من اجل الوحدة العربية ، وكان بينه وبين المواطنين العرب علاقة تليدة ومتجددة .