أن تكون موريتانياً فهذا يعني أن قلبك في المغرب العربي وعقلك في المشرق، إن نواكشوط التي تقع على شاطئ الأطلسي بحكم الجغرافيا، تقع على ضفاف الشرق بحكم التاريخ.
يكتب ثلث الموريتانيين الشعر، ويقوم الثلث الثاني بالاستماع والتقييم، وهكذا تصيغ موريتانيا مصطلحاً آخر إلى جوار «الأغلبية الديمقراطية» وهو «الأغلبية الإبداعية»، حيث ثلثا السكان ما بين شاعر وناقد.
مضت المائة يوم الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على نحو هادئ وواثق، فالرجل الذي قاد فصيلة مشاة عام 1981 ينجح اليوم في قيادة البلاد وسط آمال تفوق التحديات.
شهد الرئيس سنوات الغليان، حين كانت موريتانيا على وشك الخروج من التاريخ، حركات متطرفة، وتنظيمات إرهابية وعاصمة غير آمنة.. أجانب يتساقطون ومواطنون خائفون.
لا يعرف العالم الكثير عن تلك الحقبة المروعة، والتي لو استمرت قليلاً لبقيت كثيراً، ولو أنها بقيت كثيراً لكانت نقطة البداية في السطر الأخير للدولة والمجتمع.
كان الرئيس الغزواني مع الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز في ذلك العمل الأسطوري، الذي أوقف احتمالات أن تكون موريتانيا «صومالاً جديدة»، فكان تصحيح المسار، والعودة إلى الحياة.
لكن الاقتصاد الموريتاني لم يكن على ما يرام فيما مضى، فكان هناك من أوجه الخلل والفساد، ما كان واضحاً للجميع، حيث تمت حماية الأمن من دون حماية الاقتصاد، ولقد أحسن الرئيس الغزواني، إذ اختار لتقديم مشروعه السياسي الطموح أثناء حملته الانتخابية، جملة حاسمة تتشكل من كلمتين اثنتين: الأمن والتنمية.
تحدث صاحب المشروع، وكان التأكيد على كلمتين هما جوهر الفكر والسياسة: «إن عائد الغاز سيكون في خدمة التنمية».
تحتاج موريتانيا إلى موارد مالية لبدء عملية التنمية، وكان لا بد للعمل الجاري في مجال استكشافات الغاز أن يمضي دون توقف، واليوم فإن موريتانيا التي تتقاسم مع السنغال حقل الغاز الشهير «السلحفاة الكبير» ستبدأ التصدير منه عام 2021، ثم كانت المفاجأة الكبرى قرب سواحل نواكشوط، إنه حقل موريتاني جديد تصل احتياطاته إلى 8 أضعاف حقل السلحفاة المشترك.
لقد أصبحت موريتانيا في موقع متقدم في مجال المشروعات الجديدة المقترحة لإنتاج الغاز المسال عن طريق المنصات العائمة، وحسب تقرير الاتحاد الدولي للغاز لسنة 2018، فإن موريتانيا تحتل المرتبة السادسة عالمياً من بين 24 دولة.
بعض الموريتانيين في قلق من مآلات الثروة المقبلة، لكن سياسات ورؤى الرئيس الغزواني خلقت حالة من الطمأنينة والثقة، واليوم يعتقد أغلب الموريتانيين أن القيادة التي نجحت من قبل في معركة الأمن، سوف تنجح اليوم في معركة التنمية.
موريتانيا بلد ديمقراطي، فيها معارضة وطنية قوية، لكن البعض يريد استغلال ذلك في إرباك الحاضر بالماضي، وتشويش المستقبل، لكن لم يعد سهلاً ذلك الإرباك أو التعطيل.. ببساطة موريتانيا قد بدأت المستقبل بالفعل.