هناك جملة من الأخطاء يتم ارتكابها الآن من طرف بعض الشباب المحسوب على المعارضة، وقد أصبح من الواجب التنبيه إلى تلك الأخطاء، وسيكون ذلك التنبيه من خلال طرح سؤال وتقديم الإجابة عليه.
السؤال الأول : من هم مرشحو المعارضة ؟
في ظل تعدد المرشحين فإنه يمكن القول بأن مرشحين المعارضة هم :
1ـ قائد من قادة المعارضة رشحه حزب معارض وهذه تنطبق بشكل واضح وجلي على محمد ولد مولود، كما أنها يمكن أن تنطبق بدرجة أو بأخرى على كل من بيرام ولد أعبيد وصمبا تام إن ترشح.
2ـ شخص غير معارض مدعوم من طرف أحزاب معارضة ويحمل برنامجا انتخابيا معارضا، وهذه الصفة تنطبق على المرشح سيدي محمد ولد بوبكر والذي يدعمه أكبر حزب في الوقت الحالي (تواصل)، هذا بالإضافة إلى حزبي حاتم والمستقبل.
السؤال الثاني : سياسيا وانتخابيا هل هناك مصلحة ما في توجيه النقد لأي من هؤلاء المترشحين؟
إن من الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها بعض الشباب الطامح للتغيير الانشغال بمعارك هامشية عن المعركة الأهم، أي المعركة التي يجب أن تخاض ضد مرشح النظام. ليس من النضج السياسي الانشغال الآن عن مرشح النظام بالتهجم على أي واحد من المرشحين المحسوبين على المعارضة.
على كل شاب طامح للتغيير أن يعلم بأن الهدف الأول الذي يجب على الجميع أن يعمل على تحقيقه هو السعي لفرض شوط ثان، ولن يكون هناك أي شوط ثان في ظل نتائج ضعيفة لهذا المرشح أو لذاك، ولذا فإن من أكبر الأخطاء التي يرتكبها بعض الشباب المعارض هو شن الحملات الهجومية على هذا المرشح أو ذاك والانشغال في المعارك الساذجة داخل فسطاط المعارضة. إن إضعاف أي مرشح من هؤلاء المرشحين سيزيد من حظوظ مرشح النظام في الفوز في الشوط الأول، وهو ما يعني خسارة لكل المرشحين المحسوبين على المعارضة. إن النضج السياسي لا يستلزم فقط عدم توجيه أي نقد في هذه المرحلة للمرشحين المحسوبين على المعارضة، بل إنه يستلزم أيضا عدم توجيه أي نقد لمولاي ولد محمد لغظف إن هو قرر أن يترشح، وذلك لأن ترشحه سيزيد من فرص عدم الحسم في الشوط الأول، والهدف الأول للمعارضة يجب أن يتمثل في جر المرشح غزواني إلى الشوط الثاني.
ثم إن الانشغال بالمعارك الداخلية بين داعمي مرشحي المعارضة سيزيد من صعوبة تحالفهم في الشوط الثاني إن وصل أحدهم إلى ذلك الشوط، ولذا فعلى كل من يدعم أي مرشح من مرشحي المعارضة يسعى للوصول إلى الشوط الثاني أن يعلم بأن من مصلحته أن يبتعد الآن عن التهجم على بقية مرشحي المعارضة، فالهجوم على أولئك سيصعب مستقبلا من عقد تحالفات في الشوط الثاني. خلاصة هذه الفقرة هي أن تحالفات الشوط الثاني يجب أن يتم تهيئة الأرضية له من الآن، ولن يكون ذلك من خلال الانشغال بالمعارك الداخلية بين أنصار المعارضة ومرشحيها.
السؤال الثالث : هل يعني الكلام أعلاه بأنه يجب أن لا يكون هناك أي تنافس بين مرشحي المعارضة؟
إن التنافس مطلوب بين مرشحي المعارضة، بل يجب أن يكون قويا، ومن حق كل مرشح محسوب على المعارضة أن يعمل بجد من أجل أن يكون هو من يصعد إلى الشوط الثاني مع مرشح النظام. إن التنافس بين مرشحي المعارضة مطلوب، بل وضروري جدا، من أجل فرض شوط ثان، ولكن ذلك التنافس يجب أن تحكمه الضوابط التالية:
1ـ أن هذا التنافس يجب أن لا يشغل عن التنافس الأهم، أي التنافس مع مرشح النظام، وذلك حتى لا تحسم المعركة الانتخابية في شوطها الأول.
2ـ أن هذا التنافس يجب أن لا يحول دون تنسيق المترشحين في كل ما من شأنه أن يساهم في شفافية الانتخابات، فالوقوف ضد التزوير الذي تمارسه عادة السلطة، هو مهمة مشتركة لكل مرشحي المعارضة، ولذا فيجب أن لا يشغلهم التنافس عن التنسيق فيما بينهم من أجل فرض انتخابات أكثر شفافية.
3ـ أن هذا التنافس الانتخابي يجب أن لا يعمي عن أهمية التكامل الانتخابي بين المرشحين، فلكل مرشح من هؤلاء المرشحين ساحته الخاصة به, والتي لا يمكن أن يجيد فيها اللعب غيره، فعلى سبيل المثال، فإن هناك طائفة من الشباب المعارض لن يستطيع أن يستقطبها إلا مرشح من زعماء المعارضة كما هو الحال بالنسبة لولد مولود، وهناك طائفة من الموالين لن يستطيع أن يخترقها إلا مرشح من رجال الدولة كما هو الحال بالنسبة لولد بوكر، وهناك طائفة من النشطاء الحقوقيين لن يستطيع أن يستقطبها إلا مرشح كبيرام، وهكذا..
وحتى يتم التنسيق بشكل جيد فإنه لابد من الخطوات التالية:
1ـ المسارعة إلي تنظيم لقاءات ودية بين مرشحي المعارضة المفترضين، وخاصة بين ولد مولود وولد ببوكر، ومن الأفضل أن يتم إعلان ترشحهما في حفل مشترك، وإن لم يكن ذلك ممكنا فعلى كل واحد منهما أن يقبل بأن يكون ضيفا شرفيا في حفل المرشح الآخر.2ـ العمل معا في كل ما من شأنه أن يساهم في فرض الشفافية. وهنا يمكن لمرشحي المعارضة أن يتوجهوا برسالة مشتركة تطالب بالمسارعة في إعادة تشكيل لجنة الانتخابات، كما يجب التنسيق والتعاون بين كل الأحزاب والحركات الشبابية الداعمة لمرشحي المعارضة في كل ما من شأنه أن يساهم في فرض الشفافية .3ـ وضع خطة محكمة من أجل تمثيل فعال في مكاتب التصويت، فمن المعروف بأنه لا أحد من مرشحي المعارضة سيكون بإمكانه أن يغطي ما يزيد على 4000 مكتب انتخابي بممثلين أكفاء، ولذا فإن التعاون سيكون ضروريا، ولن يكون التعاون ممكنا إلا في حالة بناء الثقة بين المرشحين وداعميهم، وذلك باعتبار أن معركتهم واحدة ، وأنهم يواجهون جميعا نفس الخصم السياسي، أي مرشح النظام.4ـ أن يطلق الشباب المعارض أنشطة تدوينية وميدانية من شأنها أن توقف هذه المعارك الدائرة بين أنصار المرشحين المحسوبين على المعارضة.
السؤال الأخير : من ذا الذي يقف وراء هذه المعارك الساذجة التي تدور في فسطاط المعارضة؟
هناك عدة جهات تقف وراء هذه المعارك وهي :
1 ـ بعض أنصار مرشح السلطة، وكذلك بعض العناصر المحسوبة على المخابرات والتي تنشط في مواقع التواصل الاجتماعي
2 ـ بعض النشطاء المحسوبين على المعارضة والذين يعملون دون وعي لصالح مرشح السلطة، هذا بالإضافة إلى طائفة أخرى من نشطاء المعارضة تتأثر في العادة بالمزاج الفيسبوكي العام، ولا يمكن أن تتحرر من ذلك المزاج حتى ولو علمت أن السير وفقا لذلك المزاج قد يسبب ضررا كبيرا للقوى الطامحة إلى التغيير .
3 ـ بعض النشطاء الذين يهاجمون عن وعي بعض المرشحين المحسوبين على المعارضة، ويعتقدون ـ خطأ ـ بأن ذلك الهجوم هو في صالح المعارضة.