لم يكن الحوار السري بين النظام وأطراف من احزاب المنتدى إلا مؤذنا بمستوى من شعور الطرفين بضرورة إحداث انفراج في واقع الاحتقان الذي تشهده الساحة السياسية منذ زمن .لكن هذا الحوار وظرفه وتوقيته يطرح أكثر من تساؤل ... هل سيؤدي إلى نتيجة متوقعة ،وهل سيضيق الفجوة بين النظام والمعارضة اليسارية التي كثيرا ما قاطعت الانتخابات ،ونأت بنفسها عما تحسبه تلاعب النظام بالعملية السياسية برمتها ،وخاصة ما يتعلق منها بالانتخابات وآلية ضمان نزاهتها ،أم إن الهدف من هذا الحوار هو فقط تفجير المنتدى من الداخل بواسطة اختبار التفرقة بين إرادات وقناعات محاوريها مع النظام ؟ .
وأيا كانت الأسباب المباشرة لهذا الحوار المفاجئ والسري والذي اعلن عن فشله ،فإن الساحة السياسية بحاجة إلى تفاهمات أو مبادرات ومساعي تزيح عنها تراكمات الركود والاحتقان ،والتجاذبات وتفضي بها إلى مرحلة سياسية جديدة وتوافقية .فهل إن اللاعبين السياسيين مؤهلان في هذه المرحلة إلى تدشين عهد جديد ؟!
الواضح أن كلا من المعارضة والنظام فاشلان إلى الآن في التلاقي والحوار ولكل منهما مواقفه المتصلبة التي تراوح مكانها منذ فترة بعيدة عن فرص التحاور والتشاور واليوم يأتي الحوار السري ليكشف النقاب عن حقيقتين وضرورة : الحقيقة الاولى هي أن طرفي الحوار ليسا مؤهلين في الوقت الراهن ،والحقيقة الثانية هي أن جبهة المعارضة ليست متفقة على التحاور مع النظام .أما الضرورة فهي الحاجة والوله إلى التعاطي مع الجديد والمفيد من تفاهمات وحوارات ولقاءات ودية تمضي بالبلاد إلى المستقبل الآمن ديمقراطيا وهو ما تسعى ربما إليه مساعي النظام والمعارضة من خلال الحوار المذكور ..
ومن هنا يكون الحوار السياسي لازمة وضرورة وهو مشروع وأمل منتظرين ليس من طرف النظام فقط ،ولكن ايضا من طرف المعارضة والمجتمع المدني وهذا شيء طال انتظاره منذ سنوات وطالبت به كل الجهات ،سواء وطنية أو دبلوماسية .
فالحوار السياسي المطلوب هو ذلك الذي يتأسس على قاعدة الحكامة الرشيدة والشفافية ،ويقضي إلى التوافق على تشكيل لجنة مستقلة وأجندة انتخابية ،فالمعروف أن اللجنة الوطنية للانتخابات الحالية – كما تنتقدها أطراف معارضة – مشحونة بالزبونية والعلاقات الشخصية والوسائط الضيقة ولن يكون بمقدورها أن تؤمن انتخابات توافقية ،ترضي الطرفين المتحاورين .
وبهذا يكون الحوار منتظرا ولازما فهل سيوجد ام يتم الإكتفاء بهذا المستوى من الحوار الذي فشل؟