يعتبر اليوم عصر عولمة بامتياز , فلا تكاد تظهر آخر صيحة في أي موضع من العالم في أي مجال من المجالات ,إلا واقتناها السائر من البشر في أقاصي الأدغال الإفريقية على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية, و يعزى الأمر لتطور الوسائل والإمكانات لاستجلاب هذا الشيء أوذاك . ولا يعتبر المواطن الموريتاني بمنئا عن ذلك التحول و الطموح القاضي بالتلون بثوب الحداثة على علاتها , حيث يدخل ضمن دائرة المهتم بما استحدث حول العالم من وسائل الحياة الضرورية والكمالية وخاصة الطيف النسوي الذي قفز من محافظة رهيبة إلى حرية مفرطة , ومن حياء كان زينتهن إلى سفور مستنكر . باختصار شديد من مجتمع بدوي إلى مجتمع شبه متحضر , يقبل كل وسائل المدنية في ثوب مخشوشن بآثار البداوة .
والنسوة من العينات المقصودة في هذا الإطار سائحات على وجوههن بلا نذير من عذاب أو بشير بمغفرة بعد طول تماد, عامدات لتغيير خلق الخالق بوسائل تافهة لا الشارع يحلها ولا التقاليد العتيقة والعادات الضاربة في التاريخ تحبذ ها ولا راضية عنها .
و لاشك أن الحديث عن موضوع بهذه الخطورة يستوجب تعاونا تاما بين مختلف الفاعلين في الأسرة والمؤسسات الدينية والتربوية لتبيان مخاطره في الدنيا وعلى الدين من أجل الوصول للنتائج المرجوة , وهي اقتناع بناتنا بحتمية الإقلاع عن هكذا مواد وهكذا سلوك بغيض- يغير خلق الخالق جل جلاله – وأن مصلحتهن في الترك, وإلا فإنهن في مفترق طرق أقل مساوئه قبح في الدنيا وعذاب في الآخرة , ذلك أن التغيير في البشرة فعل يراد منه دوام لون غير لون الشخص الذي فطره الله عليه بلا حجة إعاقة أو إزالة مرض.
وقد وضحت النصوص القرآنية وأكدت على تحريم تغيير خلق الله , والإخبار بأن ذلك من أوامر الشيطان وأوامره التي يضل بها الإنسان , كما قال تعالى :” وإن يدعون إلا شيطانا مريدا . لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمر نهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا “{سورة النساء- 117-118} .
وفي السنة ورد التحريم باستقاه العلماء من حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :” لعن الله الواشمات الموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ” رواه البخاري ومسلم .
وقوله (المتفلجات للحسن) فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن , وفي ذلك إشارة واضحة أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن , وهو بالضبط ما هو سائد بين قاصدات هذا النهج الأعرج والسلوك المتخلف من بناتنا .
والرواية أعلاه تدل على أن الّأمور المذكورة من تغيير خلق الله وبالتالي تحريمها شرعا .
وبين تحريم شرعنا الحنيف ونبذ تقاليدنا الأصيلة لهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا الفتي تبقى المسئولية ملقاة على عاتق كل فرد قادر على تبيين مخاطرها الصحية , وهي ما علينا فعلا إبرازها في هذا الجهد المتواضع . حيث تتنوع هذه البضائع (النفايات) الرخيصة إلى قسمين بتصنيف الأطباء العالميين :
قسم أكثر خبثا وضررا (كريمات التفتيح ) السائد استعماله من لدن بناتنا , وهو النوع الذي لا يجب استعماله إلا في حالة إشراف طبي مدقق , ويتمخض عن استعمال هذا القسم حسب أطباء البشرة عدة مخاطر مشوهة في بعض الأحيان وقاتلة في أحايين كثيرة . حيث أن الاستخدام الخاطئ أو العشوائي في تقرير الجرعات المضبوطة وتجاوز استخدامها إضافة لاستخدامها دون إشراف طبي يؤدي لمشاكل صحية مثل :
– تبييض دائم للبشرة
– ترقرق الجلد
– احمرار وتهيج شديد في البشرة
– خسارة غير متساوية في لون البشرة والتي تظهر في صورة بقع جلدية كبيرة .
– أمراض الكبد
– خلل في .
وتحتوي بعض كريمات تفتيح البشرة على الزئبق , وهو ما يشكل خطرا كبيرا على الجسم , إذ يؤدي إلى الإصابة بالتسمم والذي تظهر أعراضه في العديد من المشاكل النفسية , و العصبية, كما يؤدي لحدوث خلل في وظائف الكلى , وتضرر الجنين لدى المرأة الحامل وبالتالي قتل نفس بريئة عن سبق إصرار بغير وجه حق .
وفي ذكر مخاطر هذا الفايروس تجدر الإشارة إلى أن الاستعمال الدائم لهذه المواد يؤدي لظهور علامات تقدم في السن بشكل مبكر , إضافة لسرطان الجلد الذي تكون نسبته كبيرة عند التعرض لأشعة الشمس .
أما القسم الثاني والأقل وطئا فيعمل على تقشير الجلد بادئ الأمر لتجديد خلايا وفي النهاية يشرف على سحقها ولكم للقارئ تخيل حجم المخاطر .
ولكي نخرج من هذه الدوامة التي تعصف بنسائنا شيبا وشابات يتعين على المثقفين والكتاب والأطباء والنخبة الدينية لعب الدور المنوط بهم في هذا المجال , فلا يكفي أن نعهد بالحل لصفحات الجرائد والمجلات ونحن نعلم نسبة الأمية فينا وغياب التطلع وحب الثقافة – بل يجب الولوج للميدان في مختلف معانيه لتقريب الخطر المحدق من سمع وبصر كل عاقل يتحين الفرصة لإنقاذ نفسه من براثن الهلاك .
ولنصل لتك المرحلة يبقى السؤال مروحا حول شكل ودرجة التجاوب منوطا بالتعامل من لدن الفاعلين , وتعد الأسرة في هذا الإطار المسئول الأول الذي يجب إشعاره بتفريطه في مسئوليته وتأنيبه عليها ليأخذ زمام المبادرة والله المستعان .
اللهم إن هذا جهدي في سبيل إصلاح مجتمع وعليك التكلان .