شخصية مثالية تصدرت حلقة "موريتانيا الأعماق" البارحة وكانت تعود إليها الكامرا كل مرة لتتحدث عن قرية عرفات أبي تلميت
إنه فاعل الخير الذي لا يرجو من غير ربه جزاء إنه الكريم الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل أمته وقريته لقد كانت بصمات الرجل التي حكتها الكاميرا أكثر من مرة بمثابة الشاهد الحي والذي لا يتغير على أثر أبي القرية والذي هو منظرها ومعلمها وهو مربيها وطبيبها وساقيها في نفس الوقت.
ليست هذه كلمات مبالغة في حق الواثق بربه هذا وإنما هي قليل من كثير مما عرف به ، وبجهوده المتواضعة وبفكره الثاقب ، حيث أسس أول حنفية ضخت الماء العذب والزلال عبر أنابيب سلكت مسالكها في القرية فكان في ذلك مثال يحتذى به ، ضف إلى ذلك تأسيسه للمستوصف الذي كان يعمل به وعلى مدار الساعة في تلك البيئة الصحراوية الصعبة ثم لم يكتفى بذلك حتى خط خطته المحكمة لمكافحة الفقر آن ذاك فاستصلح الأرض للزراعة ثم أقام أول مشروع و أنشأ أول تعاونية بالقرية كما كانت سيارة التعاونية ملاذا يفزع إليه الأهل والأحباب.
ظل محمد الأمين مواظبا على خدمة المسلمين متقفيا بذلك أثر حبيبهﷺ ومن يتطابق اسمه مع اسمه جاعلا منه أسوة حسنة فآوى الضعيف وعالج المريض وأكرم الضيف وسعى سعيا حثيثا إلى إرساء مفهوم الأخوة والمحبة عبر ذلك المسلك الإسلامي الراقي فكانت أفئدة الناس تأوي إليه وتقصده من كل مكان ، ليجود بمابيده من خير عليها فيطعم اليتيم والقانع والمعتر في أيام المسقبة تلك وليسهر على تقديم ما بوسعه من خدمة للبسطاء ممن كانوا بحاجة إليه آنذاك ومنهم من لايزال يقر ، ومنهم من استغنوا عنها لاحقا وودوا للتاريخ أن لو لم يكن.
لم يكن الرجل ممن يريد جمع الدنيا وإنما كان ممن يقوم فينفق كلما عنده في لحظة واحدة وهذا هو السرفي تراجع ممتلكات الرجل وخصوصا في الآونة الأخيرة بعد أن كان في مقدمة من أغناه الله في ريعان الشباب ضف إلى ذلك ما أتاه الله من علوم الطب حتى صارت يده شافية وباعتراف الجميع.
لقبه الشيخ محمد بن بديدي بلقب "منافع المسلمين" وكان لا يناديه إلا بذلك الاسم إنه رحمة بين الناس تمشي في دنيا الناس وماعرفه حق المعرفة إلا من لقبه ذلك اللقب، وفي لقاء ضمني بالرجل ذات مرة حدثته قائلا: لقد أتعبت نفسك كثيرا في سبيل أمتك وأهدرت مالك وكل ما تملكه في سبيلها فهلا منحت نفسك حقها وعدت لتدبير شؤون ما بيدك من زاد الدنيا فرد علي قائلا: يكفيني من المال أن أظل بهذه القرية وكأنها هي كل شيء بالنسبة له وما ذاك إلا لحبه لما بذل فيه الغالي والنفيس وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرجل أسس أول صيدلية في القرية بمجهوده الخاص فكان يوزع الدواء بالمجان حتى غابت في سبيل ذلك فلم يجد لتمويلها من جديد سبيلا ، وهكذا حاله وهكذا يكون السخاء حينما يعطي الإنسان ما بيده ولا يحزن على فراقه بل تظل البسمة تعلوه ويظل وازع العطاء يتجدد ويتكرس لحظة بعد لحظة في وجدانه.
إنه الكريم بن الكريم: محمد الأمين بن محمد يسلم حفظه الله ورعاه
من صفحة الصحفي محمد المصطفى مبارك