قد يتصور البعض لأول وهلة أن اختيار رئيس الجمهورية ولاية تكانت لتكون أولى محطات زيارته لبعض مناطق الشمال هدفها هو الاطلاع على احوال الناس وتفقد المشاريع المرفقية والخدمية التي تشرف عليها الحكومة الحالية والتي تسابق
الزمن من اجل انجازها في الوقت المناسب حتى تحقق سعادة المواطنين في هذه المنطقة. وقد يتصور البعض ان الرئيس قد يمرر رسائل الى الشعب من خلال هذه الزيارة..
صحيح ان رئيس الجمهورية مسكون بحب البسطاء وهو مولع بتفقد احوالهم ومعرفة مدى نجاعة الخدمات المقدمة لهم .. و بغض النظر عن هذه التصورات وما راج وسرب عن مضامين الخطاب الذي سيلقيه رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة الهامة إلا أن كثيرين قد لايعرفون ان دلالات وابعاد هذه الزيارة قد تتجاوز الحاضر الى التاريخ القديم وربما الوسيط..
ان اختيار رئيس الجمهورية لولاية تكانت بالتزامن مع الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال الوطني هي رسالة الى المشككين في تاريخ موريتانيا والى من يزعمون بان استقلال موريتانيا الدولة كان بمثابة هبة سخية من المستعمر الفرنسي..
ففي ولاية تكانت يوجد ضريح مؤسس دولة المرابطين الامير المجاهد ابوبكر بن عامر اللمتوني وهو الضريح الذي يوجد هناك منذ اكثر من إلف سنة مما يؤكد أصالة هذه الدولة التي امتد اشعاعها الى شمال وجنوب القارة..
وفي هذه الولاية وعلى غير العادة يوجد موقع الحامية العسكرية التي قتل فيها اول متزعم للغزو الاستعماري الفرنسي لموريتانيا المدعو كزافييه كبولاني في مدينة تجكجة مايو من العام 1905.وهو المغامر الاستعماري الفرنسي الشهير الذي قتل على ايدي مجاهدين من خارج الولاية مما يعزز جذور الوحدة الوطنية ومتانة الروابط بين المجموعات والجهات الوطنية والعشائرية يومها..
كما يوجد في هذه الولاية أيضا ضريح الشهيد المجاهد البطل الأمير بكار ولد اسويداحمد احد ابرز أعمدة المقاومة الموريتانية الشريفة التي خاضتها ببسالة كل الإمارات والعشائر الموريتانية يومها في كل ربوع هذه البلاد دون تردد أو نكوص.
ولايجهل كثيرون عشرات المعارك والبطولات المجيدة التي خاضها المقاومون الموريتانيون بكل اصنافهم وقبائلهم وجهاتهم على ارض هذه الولاية ضد جحافل الغزو الفرنسي لموريتانيا مثل معركة انيملان ومعارك الرشيد وغيرها من المواقع والمعارك التي لا زال الراي العام يجهل عنها الكثير..
اليوم تتنزل زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لولاية تكانت في خضم الانبعاث الوطني الذي أعاد له الروح و ليزيح غبار النسيان عن صفحات مضيئة ومشرقة من التاريخ الوطني المقاوم والشريف للمويتانيين الذين قدموا الشهداء ودفعوا الثمن غاليا من دمائهم الزكية حتى نالوا الاستقلال والحرية والكرامة..
النشرة المغاربية وهي تتذكر شهداء الوطن وما اعد لهم الله من جزاء جسن لقوله تعالى
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ فانها تذكر الغافلين انها ستعد قراءها بدراسة مفصلة عن تاريخ المقاومة الوطنية الشريفة معززة بوثائق تثبت حجم التضحيات التي بذلت في سبيل حرية موريتانيا واستقلالها..
محفوظ الجيلاني