
منذ تأسيسه، قدّم صالون مريم فاضل الثقافي والاجتماعي برئاسة السيدة مريم بنت فاضل ولد أخيار نموذجًا مختلفًا في الفعل الثقافي والاجتماعي، إذ اختار أن يكون منبرًا للتوعية والتقويم، لا للعرض والمجاملة. جاءت مبادراته مركّزة على معالجة سلوكيات اجتماعية أخذت منحىً مقلقًا في المجتمع الموريتاني، وعلى رأسها غلاء المهور، والإسراف في المناسبات، وانتشار العادات الدخيلة التي تُثقل كاهل الأسر وتشوّه القيم الأصيلة للمجتمع.
دعا الصالون مبكرًا إلى ترشيد الإنفاق في الأعراس والمناسبات العامة، وحثّ الأسر على العودة إلى البساطة والتكافل، معتبرًا أنّ المظاهر المبالغ فيها لا تعبّر عن مكانة اجتماعية بقدر ما تعكس خللًا في سلم الأولويات. كما خصّ الصالون جزءًا من نشاطه بدعم تمكين المرأة والشباب، وتبنّي خطاب يُعلي من قيم الوسطية والاعتدال في السلوك الاجتماعي والاقتصادي معًا.
ولم تمض فترة طويلة حتى بدأت مؤسسات الدولة تتقاطع في رؤيتها مع ما دعا إليه الصالون. فقد صدرت توجيهات رئاسية واضحة تدعو إلى الحد من البذخ وغلاء المهور، كما تمّ إطلاق حملات وطنية رسمية تهدف إلى إحياء القيم الأسرية الأصيلة ونشر الوعي بخطورة المظاهر الاستهلاكية التي لا تتناسب مع واقع المجتمع. كذلك برز اهتمام حكومي متزايد بقضايا الإدماج الاجتماعي وتمكين الفئات الهشة، وهو ما يتماشى مع الخطاب الذي تبناه الصالون في أكثر من مناسبة.
بهذا التوافق بين الدعوة المدنية والإرادة الحكومية، تحقّق قدر مهم من الانسجام في الرؤية العامة، حيث أصبحت فكرة “الإصلاح الاجتماعي” جزءًا من الوعي العام لا حكرًا على الفاعلين الثقافيين أو الرسميين. والجدير بالذكر أنّ نشاط الصالون أسهم في خلق نقاش وطني راقٍ حول أسلوب العيش، ومسؤولية الأفراد والمؤسسات في تصحيح السلوك الاستهلاكي بما يخدم استقرار الأسرة وتماسك المجتمع.
في المحصلة، يظهر أن صالون مريم فاضل الثقافي والاجتماعي لم يكن مجرد مبادرة نسوية أو مناسبة فكرية، بل كان نواة لحركة وعي اجتماعي التقت فيها إرادة المجتمع مع رؤية الدولة في سبيل مجتمع أكثر توازنًا ورشدًا.
