النقابات المركزية العمالية بين أهمية الدور و ضرورة التجديد

تكمن أهمية تجديد النقابات العمالية المركزية في قدرتها علي التكيف مع عالم العمل المتغير و حماية حقوق العمال بشكل فعال في وجه التحديات الجديدة ،
من خلال تحديث هياكلها و تعزيز مشاركة الشباب و النساء فيها .
و هو ما يقوي النقابات المركزية و يجعلها أكثر تمثيلا للتنوع الموجود في قوة العمل ،
و تجديد خطابها ليكون أكثر إستجابة لتطلعات العمال و بالتالي يؤدي إلي تحسين ظروف العمل .
فالتجديد ضروري لمواجهة تحديات البطالة و خصخصة كبريات الشركات الخدمية و التغييرات الإقتصادية و الإجتماعية.
مما يعزز دور النقابات كقوة فعالة في الدفاع عن العدالة الإجتماعية و المشاركة الديمقراطية و تحسين النظام السياسي عبر المشاركة في سن القوانين و المساهمة في خلق رؤي إستراتيجية تخدم المصلحة العامة ،
كما يشجع التجديد النقابي في إحداث تغييرات علي مستوي قيادات العمل النقابي من خلال الممارسة الديمقراطية داخل الهيئات و المركزيات النقابية و إعطاء الفرصة لأعضاء و نشطاء نقابيين جدد للمشاركة في إتخاذ القرارات النقابية و ممارسة حقهم في الوصول إلي المواقع القيادية للنقابات ،
حتي لا تبقي القيادة حكرا علي أسماء دون غيرها وفق مقاسات خاصة .
بما يتيح فرص للتغيير بضخ دماء جديدة و علي نحو يحقق مبدأ تدافع الأجيال و يكرس حرية الإختيار .
كما يهدف التجديد أيضا إلي توسيع قاعدة العضوية داخل الهيئات و المركزيات النقابية و خاصة بين العمال من فئات الشباب و النساء و العاملين في قطاعات العمل الجديدة و الحديثة التي ظهرت مع تطور عالم العمل إلي جانب المستجدات التي أنتجت مهنا جديدة في سوق العمل و داخل القطاع غير مصنف .
تحتاج لتمثيل نقابي و فرصة لإشراكها في تمثيل قطاعاتها العمالية الجديدة و حماية مصالحهم ضمن إطار العمل النقابي .
في حين يجمع معظم المراقبين لشأن العمال بأن النقابات المتجددة أكثر قدرة علي بناء التحالفات مع منظمات المجتمع المدني ،
مما يشكل قوة تأثير للدفاع عن قضايا أوسع مثل : العدالة الإجتماعية و الأمان الوظيفي و المشاركة الديمقراطية.
علي نحو يسمح بالإنخراط في الحركات الإجتماعية الجديدة و الدفاع عن قضايا من قبيل توفير فرص العمل اللائق و الحفاظ علي الخدمات العمومية و مواجهة الآثار السلبية للخصخصة و غيرها .
بالمقابل نجد ثمة تحديات كبيرة و كبيرة جدا تواجه النقابات في عملها لخدمة أعضائها بما ينسجم مع المتغيرات و المستجدات في بيئة و عالم العمل .
1.كالتغييرات السريعة داخل سوق العمل بإستحداث مهن و ظهور انواع عمل جديدة ،
مثل : انتشار العمل الحر غير مصنف ، العمل عن بعد ، الإقتصاد الرقمي .
مهن ضمن أخري شكلت تحديا للنقابات لطبيعتها و خصوصية مشاكلها و متطلباتها النقابية .
2.ضعف الوعي النقابي لدي العمال بأهمية النقابة و دورها في الدفاع عن حقوقهم .
3.عزوف معظم فئات الشباب و النساء عن المشاركة في العمل النقابي لأسباب متباينة .
4 .ضعف التشريعات و القوانين و غياب الرقابة و المتابعة لحماية العمال .
5 مماطلة الحكومات و أرباب العمل من خلال عدم التعاطي الإيجابي مع العرائض المطلبية للعمال المتمثلة في تحسين ظروف العمل و الأجور و الضمانات الإجتماعية، التي يرفعها ممثلو المركزيات النقابية و يسلموها للجهات المعنية كما جرت العادة كل فاتح مايو،
خيث كان التجاوب يتم معها في السابق بشكل جاد و موضوعي ،
أما اليوم فتختفي بإختفاء ملامح عيد العمال ،
دون رد رسمي علي العرائض المطلبية أو إستجابة لدعوات الحوار التي تطلقها النقابات المركزية أحيانا كشريك إجتماعي.
بشأن ظروف و حقوق العامل الذي لا يقل شأنا أو أهمية عن وسائل الإنتاج الأخري .
و بإعتبار أن العنصر البشري جزء من رأس المال .
6 . جشع رجال الأعمال و تجاهلهم لقوانين الشغل في ظل التمايز و التراخي الحاصل في تطبيق القانون .
7 . العمل التقليدي و محاربة التجديد ،
فبعض النقابات العمالية مازالت تسيطر عليها في كل الأوقات قيادات نقابية قديمة ذات ميول حزبي و سياسي ،
و هو ما أضعف إدارة برامجها و أنشطتها و قلص من خطواتها النضالية و قلل من فعاليتها و قدرتها علي إحداث التدخل المطلوب و المنوط بتحقيق مصالح العمال .
لا شك أن مظاهر التراجع و الضعف في أداء الحركة النقابية هو نتيجة حتمية لتدني مستوي روح النضال داخل اوساط العمال و لدي المسؤولين القائمين على شأن النقابات المركزية في ظل تراجع شعبية النقابات مما أدي إلي تراجع ملحوظ في تأثيرها و قدرتها علي ممارسة الضغط السياسي و الإجتماعي مقارنة بما كان عليه الحال قبل التسعينات .
حيث كانت النقابات تشكل قوة ضاربة و وازنة و حاسمة في مواجهة سياسات الحكومة و أرباب العمل .
قبل أن تميل ميلا و تستكين للهدنة .
رغم حجم فساد وظلم و غطرسة الإدارة الموريتانية ،
مما جعل البعض يتهمها بالتخاذل و التراجع عن دورها الأساسي.
لدرجة أن كل شئ أصبح يقاس بمقاس التربح .
ففي الوقت الذي تراجعت فيه قيم النضال و تغيرت معه مستويات التعبئة و التحضير للتجديد النقابي ،
فإن ثمة نقابات داخل المشهد مازالت تحافظ إلي حد ما علي مواقفها و مبادئها الثابتة و تؤدي دورها في الحراك الإجتماعي دون المستوي المعهود لها في السابق ،
ربما من باب ( الطبه )
فدخول الشركات الوسيطة علي خط العمل و تشغيل عمال لفترات طويلة برواتب منقوصة و بأقل الأجور دون عقود تحمي حقوقهم أو الإستفادة من التغطية الصحية
يعد جريمة لا تغتفر بحق الإنسان.
أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها عبودية معاصرة مقيتة .
كالعمال المؤقتين أو الغير دائمين داخل كبريات الشركات الوطنية و القطاعات الوزارية.
إلا ان قرار الترسيم الأخير الذي شمل آلاف العمال غير دائمين داخل قطاعات حيوية كالإعلام و الطاقة ( صوملك ) إلي جانب الزيادات التي حصلت خلال الفترات الأخيرة و أستهدفت الرواتب و المعاشات و رفع الحد الأدنى للأجور و التي جاءت إستجابة لعهود إنتخابية سبق و أن تعهد بها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال حملات إنتخابية سابقة .
و هو ما قطع الشك باليقين بأن ثمة إرادة جادة و صادقة لدي رئيس الجمهورية بشأن إصلاح تراكمات فساد الأنظمة السابقة في مجال حقوق العمال،
حيث جاء قرار الترسيم الصائب كحل دائم لمأساة و معاناة إنسانية أمتدت لأكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة. المركزية .
بهدف تعزيز الإستقرار الوظيفي و الدفع بمختلف فئات العمال للمساهمة بشكل فعال في بناء و تنمية البلد .
كخطوة إيجابية لوضع حد لمراحل الظلم و الإقصاء و التلاعب بحقوق العمال و المماطلة و الكذب .
فترسيم العمال يمثل جزءا من سياسات تحقيق العدالة الإجتماعية.
لكن كل هذه الخطوات الإيجابية سرعان ما يصاحبها بالمقابل زيادة موازية و كبيرة لأسعار المواد و السلع ،
نتيجة جشع التجار و سيطرة أصحاب النفوذ و رجال المال و الأعمال علي الأسواق و علي جميع مفاصل الدولة ،
فيلتهم الغلاء فرحة الترسيم و الزيادات .
بالتأكيد المطلوب من النقابات المركزية العمالية هو الدفاع عن حقوق العمال بكل مسؤولية و تعزيز مكاسبهم من خلال التفاوض الجماعي مع أصحاب العمل لتحسين الأجور و ظروف العمل و توفير بيئة عمل آمنة ،
بالإضافة إلي تقديم الدعم و المساعدة لأعضائها و منتسبيها و حماية حقوقهم في مواجهة أرباب العمل و الهيئات الأخري .
كما تشمل مهامها الأساسية ،
تعديل القوانين المتعلقة بالعمل لضمان الأمان الوظيفي و الرفاهية الإجتماعية للعمال .
فحينما تضيع قيم النضال النقابي و تقتل المبادئ يطغي كل شر ،
يسود الكذب و يعم النفاق و تكثر الخيانات ،
و ينتشر بالتالي الفساد !!!

تحية إحترام و تقدير لكل مناضل نقابي مخلص للوطن و المواطن .
اباي ولد اداعة .