
باتت منصات و وسائل التواصل الإجتماعي خاصة التيك توك و مثيلاتها أو ما يسمي بالإعلام الإجتماعي البديل نظرا لما يقوم به من أدوار متعددة الأبعاد منها ماهو سياسي إجتماعي أو ثقافي أو ترفيهي ... الخ
مؤثرة في المجتمعات في ظل التطور المتاح و المتسارع لإستخدام التكنولوجيا الرقمية في ضوء عولمة عارمة غزت البيوت و استباحت أعراض الناس و كشفت المستور و تجاوزت القيم .
بالإضافة إلى ما شهده العالم من تحولات إجتماعية كبري و تغيير أيضا في المفاهيم ،
في الوقت الذي انتشر فيه تطبيق تيك توك علي نطاق واسع إلي جانب تطبيقات أخري لا تقل خطورة دون أي رقابة أو مساءلة بشكل يروج للإباحية و انحلال الأخلاق و إستخدام المخدرات و التفاهة .. ..الخ
حيث تعد الأكثر إستقطابا لجميع الفئات العمرية ،
مما يعرض الناشئة لخطر مباشر علي قيمهم و سلوكهم .
ولما تتمتع به هذه الوسائل من شعبية كبيرة و مستخدمين و متابعين حول العالم .
لدرجة أنها أصبحت تؤدي دورا رئيسيا في بناء الوعي وصارت ركنا أساسيا للتواصل اليومي و استقبال المعلومات .
كما أنها باتت أيضا بيئة حاضنة لنشر محتويات هدامة غير لائقة تهدد القيم و الثوابت الدينية و الوطنية و مصدر تهديد للأمن الوطني للدول و المجتمعات و ملاذ آمن للتقول و التهويل وبئة خصبة للعنف اللفظي و نشر خطابات الكراهية و الحقد الدفين و إثارة النعرات و الفتن و التفرقة و الترويج للشرائحية و الطائفية و إستهداف الشخصيات الوطنية السياسية و الثقافية و الدينية.....
و التشهير بهم و النيل من سمعتهم
في ظل لجوء البعض إلي توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات و إشاعة الأكاذيب المغرضة و المغالطات المضللة تارة بحجة حرية التعبير أو بدوافع خاصة أو مصالح ضيقة .
نظرا لما تحمله هذه التطبيقات أو المحتويات من معاني السخرية و الاستهزاء بالمبادئ و القيم .
مما يسهم بشكل أو بآخر في إعاقة أصول التربية السليمة و الصحيحة لأبنائنا و بناتنا
وبما أن مساحة حرية الطرح في مواقع التواصل الاجتماعي واسعة و كبيرة .
فإننا نري معظم صناع محتويات التفاهة يتصدرون المشهد الوطني من خلال محتوي أو منشورات مواقع التواصل الإجتماعي او صور أو فيديوهات أو مقاطع صوتية بودكاست أو حتي أعمال ادرامية أو ترفيهية رمضانية و غيرها عبر الفضاء الأزرق أو من خلال الإعلام المرئي .
تعرف تقنية صناعة المحتوي أو إنشاء المحتوي بأنها المساهمة في نشر معلومات في سياقات محددة عن طريق وسائط الإعلام الرقمي للتعبير عن الذات و التوزيع و التسويق أو النشر .
و ذلك لفائدة المستخدم النهائي أو المتقبل و هو الجمهور .
إلا أن فئة كبيرة من شرائح المجتمع تستغل الجانب السلبي لهذه التقنيات و الخدمات مما يشكل إساءة لهم و لمحيطهم و للمجتمع بشكل عام .
حيث أضحت تلك التقنيات و الخدمات أداة لهدم الأخلاق و الثقافة المجتمعية و السلم المجتمعي .
علي نحو يهدد تماسك المجتمع و يقوض مفهوم الدولة .
بدليل ما نشهده اليوم داخل الساحة الوطنية من جنوح غير مسبوق نحو التطييف و الإستثمار في الشرائحية و إشاعة خطابات الكراهية و التفرقة من بعض أبناء الوطن و نشطاء التواصل الإجتماعي ،
بهدف تكريس الطائفية و تعزيز الإنقسام الداخلي.
و علي نحو غدا فيه كل مكون إجتماعي يعرف بإنتمائه الطائفي و الشرائحي و العرقي.
لا بدوره السياسي و أو الإجتماعي أو الثقافي داخل الوطن الجامع و الحاضن .
مما قد يساهم بشكل أو بآخر في العودة القوية للدور المتعاظم للقبيلة و الشريحة في إذكاء العصبية و إثارة النعرات الضارة بين مكونات الشعب،
و التي تعيق نهوض و تقدم الوطن .
و هو ما يعد خروجا صريحا علي دولة القانون و المواطنة .
يقوض مفهوم و هيبة الدولة .
قد يشكل خطرا حقيقيا علي السلم الإجتماعي و التعايش الأهلي و الإستقرار السياسي.
من جهة أخري ظهرت
عادات سيئة و ثقافة هابطة و مستويات أخلاقية منحطة و رديئة من قبل بعض التافهين الذين يسمون أنفسهم اليوم بالمشاهير أو النجوم .
في ظل ما يروجون له من تفاهات و سخافات و انحطاط أخلاقي لا حدود له .
فباتوا بذلك يتصدرون المشهد و يقودون جيل الشباب كقدوة بحثا عن الحضور و الشهرة و المال و المنصب بأي شكل و بأي طريقة كانت
فالمهم لديهم هو الحصول علي مرادهم .
في حين نجد القنوات الفضائية و التلفزية تتسابق لإستضافتهم .
و يحتفي بهم في مناسبات إحتفالية و علي هامش مهرجانات توزع فيها الألقاب و الجوائز و المكافآت .
إذ يصنفون علي أنهم مشاهير الفضاء الإفتراضي و صناع المحتوي الترفيهي
إنه زمن السخافة و الوقاحة فإن لم تستح فأفعل ما شئت !
تجدهم يرفعون شعار كل شئ ممكن و كل شئ مباح بغرض زيادة عدد المتابعين و حصد المزيد من الإعلانات بغية تحقيق نسب مشاهدة عالية.
فكلما زادت تفاهتهم زادت نجوميتهم .
ضاربين عرض الحائط كل القيم و الأخلاق و المبادئ و الثوابت الدينية و الوطنية .
فصناع التفاهة حسب الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دونو مؤلف كتاب < نظام التفاهة >
la médiocratie
يدعم بعضهم البعض ليرفع كل منهم الآخر و لتقع السلطة في الأخير بيد جماعة تكبر بإستمرار و لا تمتلك أي مقومات سوي هاتف محمول يشمل تطبيقات يبثون من خلالها تفاهاتهم و سخافاتهم ليس إلا .
ليتأكد لديه أن صناعة التفاهة هو النظام الإجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين علي معظم مناحي الحياة .
بموجب ذلك يتم مكافأة الرداءة و الوضاعة و التفاهة ..
بدلا من الجدية و المثابرة و الجودة في العمل .
مما أثار تساؤلات كثيرة حول دور الدولة و الأسرة و المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة السلبية ،
تأسيسا لما سبق يبقي الوعي بخطورة تطبيق التيك توك و صناعة التفاهة و المحتويات الفارغة و أثرها داخل المجتمع و علي المنظومة الأخلاقية و القيمية خير سبيل للتحصين ضد هذه الآفة المقلقة الطارئة و المدمرة .
و ضرورة النظر في إيجاد حلول سريعة و فعالة للحد منها علي نحو تجريم الفعل قانونيا و معاقبة مرتكبيه أو تعليق الخدمة و حظر التطبيق كنوع من التدابير الوقائية كفيلة بحماية المعتقدات و القيم المجتمعية أو الوقاية من وقوع جرائم أكثر خطورة و فتك .
نزولا عند روائع احمد شوقي الشعرية الخالدة .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .
فإنهيار القيم المجتمعية عامل لسقوط الأمم .
إننا أمام منعرج خطير و خطير جدا ،
ينبغي للقائمين علي شأن البلاد و العباد تدارك الأمور قبل فوات الأوان،
أو الإنزلاق لا قدر الله نحو دوامة من العنف و العنف المضاد .
حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة .


