على المتعلّمين و أشباه المتعلّمين

بقلم_السفير_حمود ولد عبدي

على المتعلّمين و أشباه المتعلّمين،ساكنة هذا الفضاء الفيسكوبي وغيره،من عوالم شبكة النت هذه،أن ينتهوا عن هذا التشاؤم المفرط غير المبرر،بوجود هذا الإقليم و قابليته للاستمرار والتقدم.
وليثقوا،في أرضهم المعطاء وشعبهم،من العرب والهالبولار والسوانك و الوولف المتعايشين،هنا،منذ قرون،عاضّين،بالنواجذ،على الدّين القويم الخاتم ؛به يأخذون وإليه يحتكمون.
إن بلدنا-يا هؤلاء-ليس بدعا،من البلدان والناس،فيه،كالناس،في كل مكان،إن لم يزيدوا ،عليهم،فهم،عنهم لا ينقصون...
صحيح أننا مجرّد جزء،من دوائر وجودنا المكاني والزماني والحضاري:عربا وأفارقة ومسلمين وتتجاذبنا انتماءاتنا التي لم تقم،لأي منها،بعد،قيّامات حقيقية،لنلحق،بها وينتهي الإشكال.
لقد أعطت أجيالنا السابقة فكانوا وراء قيام كيانات ودول،في غانا وآوداغوست وبرماحهم،انطلقوا،من رباطهم،في شواطئنا،ليقيموا مراكش ودولة المرابطين ولينتصروا،في الزلاقة ويعطوا عمرا ثانيا،للوجود العربي،في الأندلس .وفي شبه حدودنا الحالية،أقاموا،بعد ذلك إمارات بسطت سيطرتها،على الصحراء الكبرى،بلا منازع.
وقبيل دخول الاستعمار،جرت محاولات جادة،لتوحيد هذه الكيانات،في كيان واحد.ومن قرأ عن اجتماع تندوجة الذي دعا،إليه الشيخ سيديا الكبير،الأمراء أو راجع بعض إنتاج الشيخ محمد المامي وكتابه:"البادية "،يمكنه تتبع ذلك المسار التوحيدي.
ولم يرضخوا للاستعمار وقاوموه،عسكريا وثقافيا،طيلة العقود الأربعة التي دخل ،فيها،الإقليم،باستحياء،لا، لاستعماره المباشر،كما،في البلدان الأخرى،ولكن لأغراض الربط ،فقط،بين وجوده في الشمال والجنوب.
وكتبوا،منذ تلك الفترة،والعالم العربي والإسلامي،في سبات الانحطاط، أسفار أفذاذ الشناقيط التي ما يزال الانبهار والقبول،بأصحاب أقلامها متواصلا،إلى اليوم،أحمد ولد أمين ومحمد محمود ولد التلاميد و محمد الأمين ولد زيني و آبّ ولد اخطور،إلى محمد سالم ولد عدود و بدّاه ولد البصيري وحمدا ولد التاه و الشيخ عبد الله بن بيه،رحم الله من قضى،منهم وحفظ ومن ينتظر .
لقد استلم أبناء هذا المصر لاشيء،من المستعمر،إن لم يكن توقف مسار التوحد والتوق ،لدولة تجمع أهله. ومنذ وقتها، وموريتانيا،كغيرها،من البلدان الوليدة،تسلك مسار كل جاءٍ جديدٍ، للحياة:تحركت و بدأت تحبو،أولا ثم وقفت،على قدميها،قبل أن تواصل المسير.
وفي كل مرحلة،كما أحسن قول ذلك رئيس الجمهورية،في خطاب افتتاح حملته الانتخابية الأولى ،وضع كل من نيطت به مسؤولية البلاد،ما استطاعه وأتاحته،له ظروفه وما يمتلكه،من حرية الفعل وروح البدار،من لبنات،في البناء المستمر،لموريتانيا الحديثة.
وهناك طرق عديدة،لتحقيب تاريخ البلد؛ولكن الأكيد أنه،لله الحمد،يسير،من أحسن،إلى أحسن وليس العكس،كما يروّج له،باعة الشؤم ،فقد تجاوز في عقدي الاستقلال ،مرحلة الشك في الوجود واستعاد،في نهاية تلك الفترة، استقلاله السياسي والاقتصادي،مع تأميم ميفرما والاستغناء،قبل ذلك،عن الدّعم الميزانوي،من فرنسا. ودخل،في الجامعة العربية والتقت النخبة الملتزمة،مع الحكم التي ظلت تعارضه.
وفي العقود الموالية،أتاح تولي أبناء الجيش؛باعة المهج للوطن ،كما،في بلدان كثيرة،باعتبارهم صمّام الأمان،إذ هم المؤسسة الوحيدة المكتملة الولاء والتاطير، للدولة والشعب، في غياب غاليبة الشعب،بسبب الجهل والأمية والفساد المستشري،في النخبةالمتشكلة دون وجود رأي عام يراقبها ،خروجا،من حرب الأشقاء ومن نظام الحزب الواحد الأحادي البغيض وحظر الاسترقاق وحراكا و مشاركة أوسع،للموريتانيين؛وإن تفاوتت الأنظمة التي تتالت،في تلك الفترة،في إيجابية عملها الوطني .
وفي العقود الوالية الأخيرة،من ثمانيات القرن الماضي،إلى الآن،دخلت البلاد،في النظام الديمقراطي التعددي،فكان تعزيز الوجود والهوية الوطنية،في عهد معاوية؛ ومع دومسات،بدأت العصرنة و أدواتها من كهرباء وماء شروب ووسائل الاتصال الحديثة تصل داخل البلاد الذي بقي ،قبل ذلك،في أوضاع ما قبل الأزمنة الحديثة.
وفي عهدها الحالي، تملك موريتانيا أمرها،بالكامل.وتواصل البناء والتشييد، وهي،في استثناء صار عنوانا،لها،في كل منصّات دنيانا الإعلامية ، تنعم،بالسكينة والأمن والأمان والاستقرار والعافية،في عالم يفور،حولها،من كل جانب وتهتز أركان أكثر دوّله وتنقطع عرى بناءاتها ومرتكزاتها... و هي لا تكتفي ،بما تحقق؛بل تضع، لها ،برامج،قيد الإنجاز والإعداد، وفق طموح وطني كبير، يجعله أول الموريتانيين من انتخبوه،بشفافية،لمأمورية ثانية، تسمية لتعهداته،لخدمة الوطن والمواطن.
وإذا كانت ندرة الموارد وشحّ الإمكانات،في برزخنا النائي،قد حدّت ،في هذه الفترات،من سرعة الإنجاز ،فإن الآفاق الواعدة،اليوم،تفتح أمام موريتانيا والموريتانيين أكثر من أمل.
والعاقبة،للمتقّين.والخيريتسابق و سيتلاحق،بشرى،للمتفائلين مصدّقي الصّادق المصدوق المستجيبين ،لأمره،صلى الله عليه وسلم الخالد:" تفاءلوا بالخير تجدوه "...