ما يجمعنا أكثر و أكبر مما يفرقنا !!

بالطبع ما يجمعنا هو دين واحد و نعم الدين الإسلام.
و وطن واحد هو موريتانيا الحاضنة التي تزخر بكل الخيرات و الثروات و تتسع للجميع ،
فمصدر قوتنا و ثرائنا هو تنوعنا العرقي و الثقافي .
لا شك أن المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الشرائحية و بحكم بعده العربي والإفريقي يتقاطع تاريخيا و صيروريا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر و الممارسات الإجتماعية و الثقافية .
لا يمكن لأي كان نكرانها أو تجاهلها،
و إن كانت تتفاوت في أبعادها الإجتماعية و حجم أشكالها و أنماطها في بعض الحالات بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي لدي مكونة إجتماعية بعينها دون غيرها .
فظاهرة العبودية علي سبيل المثال المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا .
والتي سادت و عمت مناطق و شعوب العالم دون إستثناء تم تجاوز مآسيها و مخلفاتها داخل بعض البلدان علي مراحل و بشكل نهائي عبر مصالحات و تفاهمات وطنية أيضا .
ظهرت داخل مجتمعنا برمته كممارسة دنيئة و ظالمة في حق الإنسان أو بني آدم علي الأصح الذي كرمه و فضله الله تبارك وتعالي علي كثير من خلقه كما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء ( و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم .
نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي مكونات بعض الزنوج الموريتانيين بأشكال و صور و أساليب بشعة و خطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي البيظان وصلت لدرجة تجهيز مقابر خاصة للأسياد و عوائلهم و أخري للعبيد .
الشئ الذي ظل في حالة وضع صامت لا ينبغي التحدث أو الكلام بشأنه دون أيما إثارة من دعاة مناهضة العبودية أو منظمات حقوق الإنسان التي تنشط بشكل مستمر في المجال الحقوقي و علي نحو واسع داخل الوطن ،
في محاولة لطمس الحقيقة و توجيه اللوم و العتاب بدرجة أقل لمكونة الزنوج دون مكونة البيظان .
و هو ما يؤكد عدم سلامة و شفافية و نزاهة و صدق عمل الجمعيات الحقوقية الناشطة في هذا المجال ،
فمن شأن هذا أن يهيئ الأذهان و يمهد السبل لتسويغ و ترويج الشائعات و الأكاذيب المضللة و الإفتراءات المفتعلة بقصد الإضرار بسمعة مجتمع البيظان .
في الوقت الذي يتم فيه رفع الشبهات عن مكونات الزنوج ..
و إن كان ذلك لا يبرر إطلاقا ما موريس في السابق داخل أوساط البيظان من عبودية و ظلم و سطو و غبن و تهميش و تعذيب و إغتصاب..الخ
و بشكل فظيع و فاضح ضد شريحة لحراطين .
مما كان له الأثر الكبير في تجهيل و تفقير و تجويع أبناء هذه الشريحة ،
و خاصة في ظل غياب المساواة قبيل قيام الدولة المركزية و تقاعس نخبنا الوطنية و حب التربح لديهم علي كاهل المواطن البسيط و علي حساب القضايا الوطنية العادلة .
مما جعلنا اليوم نعيش هذا الواقع و الوضع الإنساني المر ،
و نتناقض مع أنفسنا في كل الأحوال و الأوقات و المناسبات
نتيجة إزدواحية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية و الحقوقية،
و التباين في الطرح و المقاربات و التعمد إلي الخلط بين العمل السياسي و الحقوقي .
و كأننا نسينا أو تناسينا عن قصد أوغير قصد مقاصد الآية الكريمة من سورة الرعد ( إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم .
بالتأكيد لسنا مسؤولين عن ممارسات العبودية في الماضي ،
بقدر ما نحن مسؤولون و مدعوون كل من موقعه للتخلص من رواسبها بشكل نهائي و مناهضتها و عدم التستر علي مرتكبيها و الوقوف إلي جانب ضحاياها و رفع الظلم عنهم و تمكينهم من تبوؤ مكانتهم المستحقة و اللائقة داخل المجتمع دون مزايدة .
ولا يتأتي ذلك إلا عن طريق التمييز الإيجابي الهادف و المنصف من الدولة .
في الوقت الذي ظهرت فيه أنماط و أشكال جديدة و معاصرة من العبودية أكثر خطورة من سابقاتها أستهدفت طبقات العمال الكادحة و أمتصت جهودهم و قوتهم الفكرية و البدنية و أضرت بعوائلهم و أرغمتهم علي العيش في البؤس نتيجة غطرسة و ظلم الإدارة و غياب العدالة الإجتماعية و جشع رجال المال و الأعمال و إكراهات الحياة حصل ذلك نهارا جهارا و بمسميات مختلفة عمال غير دائمين أو مؤقتين يتقاضون أقل الرواتب مقابل أعمال شاقة دون الحصول علي أبسط الحقوق في الترسيم أو التأمين الصحي أوالإستفادة من العلوات....الخ
ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضي هو سماع بعضنا البعض و إغتنام فرصة الحوار الوطني المرتقب الذي سبق و أن تعهد به فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
ضمن برنامجه الإنتخابي .
و الجلوس معا علي طاولة حوار وطني شامل وجامع جاد مبني علي المصارحة و المكاشفة و معالجة كل الإختلالات و الإشكالات و مواجهة القضايا الوطنية العالقة بالحلول لا بالتجاهل و النكران ،
و تقديم التنازلات المؤلمة من أجل مصلحة الوطن و ذلك بتغليب منطق المواطنة الصالحة و المخلصة علي تراهات المصالح الضيقة .
و ردم الهوة التي أنشأت بين مختلف مكونات المجتمع .
كما نحتاج أيضا إلي تقريب التباعد و بث رسائل التقارب و التصدي بكل قوة و حزم لما نلاحظه من حين لآخر من داخل البرلمان وفي الشارع و عبر منصات و وسائل التواصل الإجتماعي من إنتشار غير مسبوق لخطاب الكراهية و التحريض العنصري و إثارة النعرات العرقية بشكل لا يخدم أمن و إستقرار البلد ،
و لا التعايش الأهلي السلمي .
و ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان .
و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن ويقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية.
في الوقت الذي يجمع فيه كل المحللين و المراقبين للشأن الوطني علي ضرورة تهيئة الأرض المناسبة و الظروف الملائمة للتعايش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع.
إن لم يكن من أجلنا فمن أجل الأجيال القادمة .
تأسيسا لما سبق فإن ما يجمعنا هو ثوابت و قيم وطنية و دينية و أصول ثابتة تندرج ضمن روابط و قواسم كبيرة مشتركة وجامعة .
في حين يبقي ما يفرقنا هو حالات فرعية و خلافات آنية عابرة و قضايا تم تضخيمها و توظيفها بشكل سيئ و خاطئ أساء للوطن و خدم آجندات خارجية تتربص بوحدة و إستقرار البلد و النيل من ثوابته الوطنية .
لكن هيهات!!!

حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة .