
لا يمكن أن يكون التعبير عن حرية الرأي عبر قنوات فضاء خارجية أجنبية وسيلة للإساءة إلي الوطن و الإفتراء عليه أو التعدي علي سيادته و كينونته .
و عند ما يكون الأمر كذلك فإننا مدعوون جميعا إلي مواجهة من يريد أن يتأبط شرا ببلدنا و يسعي للإساءة لسمعته و زعزعة أمنه و إستقراره .
هذا و قد أثارت مقابلة النائب الموريتاني خالي جالو التي بثتها قناة تلفزيونية سينغالية موجة غضب واسعة داخل الأوساط المحلية و عبر منصات و وسائل التواصل الإجتماعي.
انتقد خلالها الأوضاع المعيشية الصعبة لموريتانيا و بين أيضا حالات فساد كبيرة طالت قطاعات حيوية .
فالنائب من حقه أن ينتقد من موقعه داخل البرلمان لكن ليس من حقه أن يعادي الوطن ويسعي لتشويه صورته .
كما سبق و أن أدلي بتصريحات معادية للوطن أمام منظمات أجنبية نعت و شبه النظام الحاكم في موريتانيا بنظام التمييز العنصري لابارتايد ، بشكل حمل الكثير من المغالطات و المعلومات الكاذبة و المضللة في ظل التحامل الكيدي و التهويل المفتعل علي الوطن و إستهداف وحدة و تماسك شعبه ،
مسعي صنف حينها بالتحريض و نشر الكراهية .
متناسيا عن قصد أو غير قصد أن أحوال حكومات و شعوب المنطقة متقاربة .
و أن موريتانيا لا تخضع لوصية أي كان .
فالنائب خالي جالو علي ما يبدو شغوفا بحب الظهور و الهرطقة عبر وسائل الإعلام الأجنبية ،
بالمزاعم الكاذبة و الإفتراءات المسيئة للوطن و الحقيقة .
علي نحو خدم آجندات حركة افلام الإنفصالية العنصرية.
تصريحات أثارت في عمومها مخاوف كبيرة و أحدثت إنقاساما في الرأي العام ،
ما بين مؤيد يعتقد أن ماقام به النائب هو من إختصاصه و كأن صلاحياته تتجاوز حدود الوطن و أن ما تحدث عنه عبر القناة المذكورة أقتصر علي الفساد و كشف مكمن الخلل و هو واقع مر لا يمكن تجاهله علي الإطلاق .
في حين عارضت أعداد كبيرة من مختلف النخب الوطنية و أبناء الوطن الخطوة و نددوا بحماقة و خطورة هذا التصرف المدان غير وطني مؤكدين بأن ما أقدم عليه النائب يعد من جهة حقا أريد به باطل و من جهة أخري إفتراء و تعدي سافر علي الوطن مرفوض جملة و تفصيلا .
الأكيد أن إختيار موعد و مكان المقابلة لم يأت إعتباطيا .
و إنما جاء وفق ميول و رغبة حركة أفلام .
فمتي كنا نراهن علي دول الجوار في عرض و كشف هموم المواطن أو التشاور في حلحلة مشاكلنا الداخلية ؟
حيث يأتي هذا السلوك كرد فعلي علي إبعاد و ترحيل السلطات الموريتانية لمهاجرين أفارقة غير شرعيين في خطوة تجسد السيادة و أمن الوطن .
فمن حق أي دولة أن لا تقبل أن يقيم علي أراضيها إلا من يحترم قوانينها.
و ما تلي ذلك لاحقا من إنتقادات أصحاب النوايا السيئة ذات النزعة الإفريقية العنصرية للخطوة،
حيث وصفوا قرار ترحيل المهاجرين بأنه إستهداف للون شرائحي واحد .
في محاولة يائسة لتشويه صورة الوطن و النيل من سمعته .
في الوقت ذاته شكلت هذه المقابلة إستفزازا و إستخفافا بالتوجهات الوطنية .
لكون السينغال كانت دوما خصما لموريتانيا في العديد من المواقف و المناسبات الإقليمية و الدولية ،
تعود أسبابها و تداعياتها للفترة الإستعمارية و مكر المستعمر.
زادت من حساسيتها التوترات والأزمات اللاحقة التي مر بها البلدان طيلة العقود الماضية .
رغم الجهود المبذولة الآن في تعزيز و تطوير العلاقات الثنائية في مختلف الجوانب .
مما دفع البعض إلي المطالبة برفع الحصانة عن النائب خالي جالو ،
إزاء ما قام به من إساءة و تشهير بالوطن و مؤسساته ،
و خيانته للثقة التي منحت له ليكون نائبا للشعب في البرلمان الموريتاني .
بينما يري بعض المراقبين للشأن الداخلي أن ماحصل و جري يدخل ضمن تقاسم الأدوار و المهام بين نشطاء و قادة حركة افلام الإنفصالية العنصرية التي طالما أختارت و أستخدمت الأراضي السينغالية منطلقا لتدبير و ترتيب شؤونها السياسية و التنظيمية و رسم المخططات و المكائد إتجاه بلدنا و بدعم بعض الأطراف السينغالية منذ أمد طويل .
حيث سبق و أن أعلن و صرح رئيس حركة أفلام تيام صمبا .
بالتزامن مع ما شهده قطاع غزة من تطهير عرقي و إبادة جماعية ممنهجة من طرف الكيان الصهيوني .
أمام مرأي و مسمع من العالم .
أن الوضع الحالي للفلسطينيين يعادل و يشبه وضع السود الأفارقة الموريتانيين خلال تسعينات القرن الماضي .
لكن أين هي أوجه المقارنة حسب دعوي تيام صمبا ؟!
مما كشف المستور و أظهر الموقف الخجول لقادة و أعضاء حركة افلام إتجاه القضية الفلسطينية العادلة .
و أظهرت الحقد الدفين لموريتانيا و من خلالها الشعوب العربية ،
بما يخدم الآجندات و المصالح الغربية و الإسرائيلية بشكل خاص .
لذا ينبغي أن يدرك جيدا دعاة الفتنة و التفرقة و إثارة النعرات العرقية و ركوب الأمواج أن الزحم و التعاطي الإعلامي و إعداد المؤتمرات الصحفية و إجراء المقابلات المتلفزة و المباشرة ،
لا يمكن أن يضفي أو يعطي الحق أو الشرعية لقضية لا حق لها في الأصل ،
و أن صناعة الحدث و التاريخ و تحقيق العدالة و التحلي بسلوك المواطنة الصالحة لا تتأتي من تعكير أجواء شهر رمضان الكريم و محاولة تكدير صفو السلم الإجتماعي،
و بالتالي الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية .
تأسيسا لما سبق يجمع كل المحللين و المراقبين علي أن ما يحاك للوطن من مكائد هو نتيجة حتمية للتغافل الحاصل و التساهل و التسامح و عدم اللامبالاة .
في الوقت الذي انتشرت فيه علي نحو غير مسبوق خطابات التحريض و الكراهية و العنصرية و إثارة النعرات العرقية و التحامل الكيدي و المفتعل علي الوطن .
علنا من تحت قبة البرلمان و في الشارع و عبر منصات و وسائل التواصل الإجتماعي.
دون مساءلة لأي كان
في ظل التراخي و التفاوت في تطبيق القانون .
ما تحتاجه موريتانيا اليوم أكثر من أي وقت مضي هو فرض هيبة الدولة بالعدل و قوة القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن و يقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية.
و يؤسس لمرحلة جديدة تمهد لقطيعة تامة مع الفساد و يتم من خلالها إسترجاع أموال الشعب المنهوبة .
مع ضرورة التصدي بكل حزم و قوة لدعوات التحريض و الكراهية و إثارة النعرات العرقية و معاقبة أصحابها و تقديمهم للعدالة .
و تدارك الوضع قبل فوات الأوان ،
فالقادم لا قدر الله قد يكون أعظم و أخطر !
بلادي و إن جارت علي عزيزة
و أهلي و إن ضنوا علي كرام .
حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة .


