« لقد نُقِشت طيبتكم في ضميري…. »

خلال الـ 498 يومًا التي قضيتها بينكم، تعلّمت معنى أن يكون الإنسان رجلًا، وأن يكون بطله نقيًا، وأن يحترم الإنسانية والقيم، رغم الاعتداءات والإجرام الذي كنتم ضحاياه.
كنتم المحاصَرين الأحرار، وكنتُ الأسير، وكنتم حراس حياتي.
اعتنيتم بي كما يعتني الأب الرحيم بأطفاله.
حافظتم على صحتي وكرامتي وشرفي، ولم تسمحوا للجوع أو الإذلال بأن يمساني، رغم أنني كنت في قبضة رجال يقاتلون من أجل أرضهم وحقوقهم المسلوبة، ويواجهون حكومة بلادي التي تمارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية ضد شعب محاصَر.
« لم أكن أعرف معنى الشرف حتى رأيته في أعينكم، ولم أدرك قيمة التضحية حتى عشتها بينكم، وأنتم تواجهون الموت بابتسامة، وتقاومون بأجسادكم العارية عدوًا يملك كل أدوات القتل والتدمير. »
مهما بلغت فصاحتي وقدرتي على التعبير، فلن أجد كلمات تنصف عظمتكم، ولا تعبر عن دهشتي وإعجابي بأخلاقكم السامية.
هل هكذا تعلّمكم ديانتكم معاملة أسراكم؟
يا لها من ديانة عظيمة تلك التي جعلت منكم رجالًا بمكانة رفيعة، تتهاوى أمامها كل القوانين البشرية لحقوق الإنسان، وتنهار أمامها كل البروتوكولات في التعامل مع الأعداء!
لقد طبّقتم العدل والرحمة في أصعب اللحظات، لا بشعارات زائفة، بل بواقع عشناه، وتمسّكتم بمبادئكم حتى في أحلك الظروف.
صدقوني، إن كُتِب لي أن أعود إلى هنا يومًا، فلن أعود إلا مقاتلًا في صفوفكم، فقد عرفت الحقيقة من خلال أهلها، وأدركت أنكم لستم فقط أصحاب الأرض، بل أيضًا أصحاب المبدأ والقضية العادلة.
— ساشا تروبّانوف، أسير المقاومة الفلسطينية، أُطلِق سراحه هذا السبت 15 فبراير 2025.