
بداية،
إن موقف الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد بن سلمان موقف أصيل يستحق الثناء, ذكرنا بمواقف فيصل، وهو موقف أربك البيت الأبيض بشكل جدي، وتسعى الدولة العميقة في أمريكا لاستيعابه وتكييف تصرفها معه، وهو تقدير موفق ودفاع عن شرف المملكة ووزنها الاستراتيجي كماهو وفاء لأسلاف أفذاذ ضحوا بالغالي والنفيس من أجل القضية الفلسط..ينية.
إن موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من رفض التهجير من غ.زة وتوفير متنفس لسكانها موقف ثمين وتاريخي شجاع، ومطلوب، لم يكن ترامب يتوقعه لأنه يسمع بأذن واحدة ويرى بعين واحدة هما أذن وعين النتن.. ياهو..
وموقف مصر في احتضان الشعب الفلسطيني هو دفاع عن أمنها الاستراتيجي ورسالتها التاريخية.
أما موقف ملك الأردن فهو موقف جريء لإثبات وجود أمام تحد كرامة. وهو صحيح ولامناص منه، لأن الأردن يغامر بوجوده إن قبل تهجير الفلسطينيين إليها، لقوة الارتباط بين الشعبين. وثقل فاتورة التهجير أمنيا وسياسي واقتصاديا واجتماعيا.
لكن ما يجب على هذه الدول الثلاث المحورية بعد سقوط سوريا في هوة الانهيار الاستراتيجي الذي نتمنى أن يكون مؤقتا؛
هو أن تطور رأس الجسر الدبلماسي بدخول لعبة توازن جديدة تفتح بوابة استراتيجية على الروس والصين والدول الإسلامية القوية، في ظل الاحتقار العنصري البغيض من طرف اترامب ويمينه المتطرف للعرب، أمة وزعماء، وأرضا وسماء، وتتمد إهانتهم سرا وعلانية.
لماذا أدعو لصرف الانتباه شرقا عن أمريكا؟
- لأن لم تعد مجدية، بل شديدة الضرر مع اترامب الذي هو أكثر رجل اليوم أعداء في جميع أنحاء العالم.
- لأن اترامب ليس مستعدا لإنفاق فلس واحد في الشرق الأوسط أو العالم العربي.. إلا للنتن.. ياهو.
- لأنه لن يحارب في الشرق الأوسط بعد استزاف قوته وماله في حرب إبادة غ.زة.. فقد خاضت أمريكا ومعها الغرب، حربها الخاسرة بسواعد إسرائيلية أكثر كفاءة وخبرة من أي سواعد أمريكية، وخابت وهزمة، فلا جديد تحت الشمس لدى أمريكا لتستخمه.. بعد تدمير غز..ة أكثر ألف مرة مما دمرت هيروشيما وناكازاكي بالقنبلة الذرية.
- لأن اترامب يصارع أشباح السيادة الكونية دون أن يوفر لها من الأسباب إلا التهديد والابتزاز والعجرفة الجوفاء.
- لأنه حالة منفلتة ميؤوس منها عالميا.
- لأنه يريد سيادة بالمجان بعملية أخذ مجانية من العرب خاصة، دون مقابل تحت التهديد والوعيد.
- لأنه مصاب بهوس المبالغة تأييد النتن.. ياهو.
- لأن كل من يسايره في وجهته العقيم سيبعد عن شعبه بقدرما يتقرب من اترمب، ويضحي بمصالح نظامه وشعبه تحت وابل من الشتائم، دون طائل.
- لأن التاريخ والقانون البشري العرفي، سيلفظه ويلفظ حلفاءه ويرمي جهلهم وغطرستهم في سلة مهملاته، لقيامها على الجور والعنجهية وتدمير فطرة البقاء البشري وكرامة الإنسان.
- لأن التحالف مع اترامب باهظ التكلفة ماديا ومعنويا، فهو يريد أخذ الجزية من العرب عن يد وهم صاغرون بكل احتقار وجشع.
- لأن مفهوم تأمين الأنظمة والأرض أصبح متاحا في أماكن أخرى من العالم بتكلفة أقل، وبشروط ميسرة وعروض مغرية، ونجاعة أكثر.. فحتى تأييد اترامب والخضوع له يشكل أزمة اقتصادية وأمنية وسياسية وقانونية للزعماء.
فالخسران معه والربح مع غيره، أيا كان.
- لأن كل العالم سيحارب الترامبية الغاشمة حتميا دفاعا عن ذاته سرا وعلانية لأنها ترغم الجميع على ذلك، كما حارب النازية، وسيهزمها بالضرورة مهما كانت سطوتها الاستعراضية كما هزم هتلر وغوبلز.
وفي الأخير، ثمة مسلمتان يجب أن يستحضرهما حكامنا ومدبروا أمورنا، ونخبنا الواجفة، وهما:
- أن الخسارة مع اترامب والربح مع غيره على كل المستويات.
- أن المواقف الثلاثة المشرفة للسعودية ومصر والأردن قد رفعت شعبية حكامها بصورة مفاجئة وغير مسبوقة في ظرف قياسي.
وإن تطورت المواقف في هذا الاتجاه فسيأتيكم اترامب جاثيا على ركبتيه طلبا للصفح. صدقوني.
فاعتبروا يا أولي الألباب، واعلموا أن العالم قد انقلب رأسا على عقب، ورعاية المصالح هي مربط الفرس، فلا تكونوا أسفل سافلين في الدنيا والآخرة. واترامب ليس هو ربكم الأعلى.