
في زمن الفوضى الإعلامية، لم يعد المعيار هو القيمة الفكرية أو الإضافة المعرفية، بل باتت الإثارة والسطحية هما العنوان الأبرز. الإعلام، الذي كان يفترض أن يكون منصة للوعي وصوتًا للنخبة المفكرة، تحوّل إلى مسرحٍ للترفيه الفارغ وتضخيم التفاهة، بينما يتم تهميش العقول الجادة وإقصاء الأصوات الواعية.
إن أخطر ما في الأمر هو أن هذا التوجيه ليس عشوائيًا، بل يخدم أجندات تسعى إلى تغييب الوعي الجماعي وإضعاف التأثير الحقيقي للنخب الفكرية والسياسية. عندما تُفتح المنابر لمن لا يملكون سوى الصخب، وتُغلق أمام المفكرين والمصلحين، فإن النتيجة الحتمية هي مجتمعات سطحية، سهلة التوجيه، وضعيفة في مواجهة التحديات المصيرية.
إن مواجهة هذا الواقع تتطلب موقفًا جادًا من النخب نفسها، بتقديم خطاب جديد قادر على اختراق هذا الطوفان الإعلامي، والتواصل مع الجمهور بلغة أكثر تأثيرًا. فالإقصاء الذي يمارسه الإعلام لا ينبغي أن يكون مبررًا للعزلة، بل دافعًا لاستعادة دور النخبة في قيادة الرأي العام، حتى لو كان الطريق صعبًا ومليئًا بالعوائق.
د.محمدعالي الهاشمي