هل سيطرد "ترامب" الموريتانيين "Aliens " في حال نجح في الانتخابات الرئاسية

تناولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو جديد للمرشح ترامب تحدث فيه عن تصميمه على طرد "الأغراب" أو من سماهم "الكائنات الغريبة" Aliens " القادمين من بلد يبعد 6000 ميل ويعيش ظروفا قاسية ولا يتكلمون الانجليزية.
والواقع أن ترامب لم يسمينا بالاسم لكنه كما يقول الشيخ" ولد سيدي يحي" گلعنا بالمارة"، وهو ما يثير التساؤل حول مدى قدرة "ترامب" الفعلية على تنفيذ ما تعهد به من طرد وترحيل اللاجئين عير الشرعيين واعادتهم إلى بلدانهم؟ هل حقا يستطيع ذلك، أم أن الأمر مجرد دعاية سياسية
الحقيقة أن نجاح ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية قد يمنحه القدرة على متابعة تعهداته المتعلقة بترحيل اللاجئين غير الشرعيين، ولكنه سيواجه قيودًا قانونية وسياسية تحول دون تنفيذ تلك الوعود بشكل كامل، وهنا نستعرض بعض النقاط التحليلية التي تساعد على فهم توازن السلطات في النظام الأمريكي
1. الصلاحيات الرئاسية: يتمتع الرئيس الأمريكي بسلطات واسعة في مجال الهجرة، بما في ذلك إصدار الأوامر التنفيذية التي قد تحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين أو تعزز الترحيل. ولكن، أي إجراءات جديدة ينبغي أن تتماشى مع القوانين الأمريكية، وإلا ستواجه تحديات قانونية.
2. المحاكم والقضاء: لقد كانت المحاكم الأمريكية عاملاً مؤثرًا في تعطيل أو تقييد بعض سياسات الهجرة التي حاولت إدارة ترامب السابقة تنفيذها، مثلا حظر السفر لبعض الجنسيات، وهو ما يعني أن أي إجراء قانوني غير مدعوم بقوانين واضحة سيواجه دعاوى قضائية من جمعيات حقوق الإنسان وغيرها من الجماعات الضاغطة.
3. الكونغرس: لضمان استمرارية أي قرارات تتعلق بالهجرة، سيحتاج ترامب إلى دعم الكونغرس الأمريكي لتمرير قوانين جديدة تتوافق مع سياسات، فإذا كان الكونغرس يسيطر عليه الديمقراطيون، فسيجد صعوبة في تمرير سياسات متشددة.
4. التحديات اللوجستية والمالية: ترحيل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين يتطلب موارد ضخمة للتنفيذ، سواء من ناحية الموارد المالية أو الإمكانيات اللوجستية، خاصة إذا كان الترحيل يتضمن إقامة مراكز احتجاز وتخصيص وسائل لنقلهم إلى بلدانهم.
5. الدعم الشعبي والضغوط الدولية: قد يواجه ترامب ضغوطًا شعبية وأخرى من المجتمع الدولي، خاصة من الدول التي سيتأثر مواطنوها بالترحيل، وهو ما من شأنه أن يحد من قدرته على المضي قدماً بهذه السياسات بشكل كامل، و لا يتوقع منه في نفس الوقت التركيز على ترحيل حاملي جنسية محددة خاصة إذا تعلق الأمر بعدة آلاف فقط كما هو الحال بالنسبة موريتانيا.
بالمجمل، فبينما يتمتع ترامب ببعض الأدوات التنفيذية التي يمكنه استخدامها لتعزيز الترحيل أو تقييد الهجرة، إلا أن تحقيق وعوده بشكل شامل قد يظل محدودًا.
قد يقول قائل: لكن ترامب سبق وأن تصرف بما يتنافى مع قوانين الهجرة الأمريكية حينما اتخذ قرارا بإعادة العابرين للحدود الجنوبية دون اخضاعهم للمحاكمة اوحتى النظر فيما إذا كان لديهم خوف مبرر، وهو إجراء يتنافى مع القوانين الأمريكية ولم تتمكن جماعات الضغط ولا المحاكم الأمريكية حينها من الوقوف في وجه قراراته
فنقول: صحيح، فخلال رئاسته السابقة، اتخذ ترامب عدة إجراءات بخصوص الهجرة عبر الحدود الجنوبية، مثل سياسة "ابقَ في المكسيك" التي أجبرت طالبي اللجوء على الانتظار خارج الولايات المتحدة حتى يتم النظر في طلباتهم. وقد تجاوزت بعض هذه الإجراءات المعايير القانونية المتبعة عادةً في الولايات المتحدة، مما أثار جدلًا كبيرًا وانتقادات واسعة.
ولكن هناك عدة عوامل ساهمت في تمكّن ترامب من تنفيذ تلك السياسات بشكل مؤقت، ومنها:
1. الأوامر التنفيذية والتوجيهات الاستثنائية: يعتمد الرؤساء الأمريكيون، بما في ذلك ترامب، على الأوامر التنفيذية لتنفيذ سياسات معينة بسرعة دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس. ترامب استفاد من صلاحيات الطوارئ والتنظيمات الإدارية لتعليق بعض القوانين مؤقتًا، مستندًا إلى مبررات أمنية وصحية، خاصةً أثناء جائحة كوفيد-19.
2. بطء النظام القضائي: العديد من سياسات ترامب الهجومية على المهاجرين واجهت دعاوى قانونية. إلا أن النظام القضائي الأمريكي قد يستغرق وقتًا طويلًا للبت في القضايا، وهو ما سمح لترامب بتطبيق بعض الإجراءات لفترات قصيرة قبل إيقافها لاحقًا. وبالفعل، تم نقض العديد من سياساته في وقت لاحق بعد معارك قضائية مطولة.
3. المزاج الشعبي والدعم السياسي: ترامب استفاد من دعم قاعدة شعبية واسعة كانت تؤيد سياساته المتشددة بخصوص الهجرة، مما جعل معارضة هذه السياسات أمرًا حساسًا بالنسبة لبعض المؤسسات والحكومات المحلية.
4. توسيع مفهوم الأمن القومي: ترامب وسّع مفهوم الأمن القومي ليشمل الهجرة بشكل مباشر، مستخدمًا مصطلح " تهديدات أمنية وصحية" كمبرر لسياساته. هذا التوسع جعل البعض من القضاة والمحاكم يتردد ن وقتها في التدخل السريع، خاصةً حينما يتعلق الأمر بقرارات رئاسية حول الأمن.
مع ذلك، ورغم ما قد يظهر أنه سلطة واسعة للرئيس الأمريكي في هذا المجال، فإن السياسات التي تتعارض بشكل واضح مع القانون أو الدستور عادة ما تواجه معارضة فعّالة، وإن تأخرت قليلاً.

من صفحة عبد الله مون