في ذكري رحيل المرحوم حبيب محفوظ الكاتب و المبدع و الإنسان
كتبت المقال التالي تحت عنوان : -
حبيب محفوظ كاتب وشاعر ومفكر بحجم وطن.
كان لي الشرف والحظ الكبير أن أكون ضمن قائمة طلاب أستاذ اللغة الفرنسية المقتدر المرحوم بإذن الله حبيب محفوظ خلال مرحلة التعليم الثانوي شعبة عربية بمدينة انواذيب في أواخر الثمانينات و بداية التسعينات .
و أن أتعرف عليه عن قرب أيام الزمن الجميل قبيل تحرير الفضاء السمعي والبصري و انتشار الفضائيات بالحجم الحالي و اكتساح العولمة للبيوت و استباحة الأعراض و كشف المستور و تراجع الأخلاق و خروج البعض علي الثوابت و القيم المجتمعية .
حيث كان شخصا مرحا إجتماعي الطبع واثقا من نفسه قوي العزيمة وطنيا حتي النخاع فريدا من نوعه في قدراته اللغوية و الفكرية و الثقافية .
يقوم بإلهام الطلاب و تحفيزهم علي تحقيق طموحاتهم و العمل علي تطوير قدراتهم الفكرية و كسب العلوم و المعرفة بشكل ممتع وشيق يعيد إلي الأذهان نظم التعليم القديم.
Ancien Système pédagogique.
العنصر الغائب عن منظومتنا التعليمية حاليا.( جيل الأبناء)
بالإضافة إلي تفانيه في تقديم المعرفة و المعلومات بشكل شغوف مما عكس حبه للتعليم و نقل المعرفة .
جسد أخلاقيات أسمي و أرقي المهن في كل أبعادها .
مهنة التعليم مهنة بناء الإنسان و الأوطان .
خدم الوطن أيما خدمة من موقعه كأستاذ و ساهم في بناء أجيال وطنية مثقفة و متعلمة تدرج جلها لاحقا إلي وظائف هامة و مسؤوليات وطنية بارزة و متباينة إيمانا منه بأن بناء الإنسان أساس بناء الأوطان.
تمكن بجدارة من ناصية و أدوات لغة مولير و أسرارها .
بأسلوب لم يخل إطلاقا من مؤشرات بصماته الخاصة و انعكاس و تأثيرات محيط النشأة ( إكيدي ) و لا من كلام و تعابير مدلولات مجاز أدبيات قاموس أولاد ديمان الخاص ولو علي لسان مولير.
كرس أواخر حياته للكتابة و الإعلام و النشر .
رغم ضآلة هامش حرية التعبير أنذاك و خطورة قوانين تكميم الأفواه أيضا.
قارع الإستبداد و الأنظمة الفاسدة بطريقته و أسلوبه الخاص مقاوما بفكره
و كتاباته النيرة في قالب أدبي نقدي و بأسلوب سردي ساخر و مؤثر.
نحو تحقيق التأثير بتغيير التفكير ( العقلية ) .
في خطوة لتدارك الأخطاء و تصحيح المسار .
حمل رؤي واضحة و إيمانا قويا بموريتانيا كنموذج للعيش المشترك.
شق طريقه إلي عالم الإبداع و التميز إعلاميا و فكريا من خلال كتاباته المتكررة و روائع أدبه الخالدة و المنضوية تحت عنوان موريتانيد Mauritanide ضمن ركن ثابت من صحيفة القلم ذائعة الصيت في الوقت الذي كانت فيه صحافة الورق و الحبر ( المكتوبة و المقروءة ) تحتكر الإعلام و تتربع علي عرشه .
كانت عناوين موريتانيد بالطبع موضوع إثارة مستمرة و قصص تسلية و حكاية مسارات .....الخ. طالما انتظرها جمهور القراء
تطرق خلالها المرحوم لمختلف القضايا الوطنية العالقة من قبيل حرية التعبير .
الديمقراطية، السياسة ، حقوق الإنسان . المجتمع .الإقتصاد و الحكامة..... و أمور أخري متشابهة ....
مستهدفا دوما النخبة المثقفة من أبناء الوطن و مخاطبا أحيانا و تارات أخري المواطن البسيط .
قضايا لامست في عمومها و جزئياتها و تفاصيلها هموم المواطن و المجتمع و عكست معاناته.
فبرحيله خسرت موريتانيا قامة وطنيةإنسانية ثقافية عالية من معدن نادر
ترك فراغا وجدانيا يصعب ملؤه داخل الساحة الوطنية الثقافية الفكرية و الإعلامية.
قيل عنه بالحسانية بعيد رحيله ( عمرو ما اطوال يغير اعراظ ) بحكم حجم عطائه الفكري و الثقافي.
رحم الله استاذنا الفاضل حبيب محفوظ برحمته الواسعة و أسكنه فسيح جناته مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.
و ألهم أهله الصبر و السلوان و إنا لله وإنا إليه راجعون.
وصل اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد و علي آله و صحبه حق قدره و مقداره العظيم.
كامل الود
اباي ولد اداعة.