العلامة أحمد ولد بياه الجكني، رجل سبق زمانه مفكر وعلم من أعلام الفكر والصحافة، وهو شخصية فريدة جمعت بين التمكن من علوم القرآن الكريم والبراعة في اللغة العربية، حيث أتقن مفرداتها وأبحر في أسرارها حتى صار مرجعًا يشار إليه بالبنان. هذا العالم الفذّ، الذي وهب حياته للمعرفة والتعليم، لم يقف عند حدود البحث والتدريس، بل دخل ميدان الصحافة مبكرًا، واضعًا بصمته على المشهد الإعلامي لعقود طويلة، في زمن كانت الصحافة فيه شاقة وتتطلب ثقافة ومعرفة.
ورغم مسيرته الطويلة والمثمرة في خدمة الكلمة والدفاع عن القيم النبيلة، إلا أن تكريمه ظل غائبًا عن المشهد، لا لشيء سوى لمواقفه المستقلة التي لم تساوم ولم تخضع للإملاءات. فقد كان رجلًا ثابتًا على مبادئه، يصدح بالحقيقة مهما كانت التحديات، وهو ما أكسبه احترام القلة ممن يدركون قيمة الفكر الحر، وإن ظل بعيدًا عن أضواء التكريم الرسمي.
إن وجود هذا الفكر العميق بيننا حتى اليوم هو فرصة لا تُقدّر بثمن ينبغي أن تُستثمر؛ فالعقول من طراز أحمد ولد بياه الجكني نادرة في عصرنا، وإننا مدعوون إلى النهل من معين علمه، والاستفادة من تجربته التي تجمع بين البصيرة القرآنية، والتعبير الصحفي الجريء، واللغة الفصيحة التي تنساب كالنهر.
تكريم الرجال من أمثاله هو احتفاء بفكره والاستفادة من إرثه الغني، فهو مدرسة قائمة بذاتها، يقدم نموذجًا يحتذى به في الجمع بين الفكر العميق، والالتزام الأخلاقي، والشجاعة الإعلامية.
من صفحة البراء محمدن