سياسات الإغتيالات الإسرائيلية بين رغبة الإنتقام و مغالطة الرأي العام

تأتي عمليات الإغتيالات الإسرائيلية الواسعة الأخيرة لزعماء و قادة و كوادر تنظيمات المقاومة الفلسطينية و حزب الله اللبناني .
فضلا عن قيادات عسكرية و إستخباراتية إيرانية تم إستهدافها داخل مواقع و مناطق متباينة في اليمن والعراق و منطقة الشرق الأوسط .
ضمن تداعيات عملية طوفان الأقصي الضربة المباغتة الموجعة للكيان الصهيوني عسكريا و أمنيا التي أثارت الرعب و الخوف في صفوف الساكنة و من داخل العمق الإسرائيلي و بينت للعالم سهولة إختراق المقاومة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية و هشاشة منظومة الدفاع و ما صاحب ذلك من أرتباك لمختلف القيادات الحاكمة .
مما حرك الشارع الإسرائيلي في إتجاه قلب النظام و معارضة و إسقاط حكومة المجرم القاتل نتنياهو حينها .
إلا أن عودة إسرائيل إلي سياسة الإغتيالات في ظل حرب الإبادة علي غزة و الأراضي الفلسطينية بحجة تحقيق مزاعم أمنية هو نوع من الهروب إلي الأمام في محاولة يائسة للتغطي علي فشلها عسكريا في تحرير الرهائن المحجوزين لدي حماس داخل غزة بعد كل هذا الدمار الهائل و الشامل .
و في خطوة غير مسبوقة لتجاوز حجم المآسي الإنسانية و التستر علي جرائم قتل الأبرياء المدنيين من أطفال و رضع و نساء و شيوخ و بشكل بشع و جماعي .
قصد لفت أنظار العالم عن ماجري و يحدث من إنتهاك مستمر لحقوق الإنسان داخل قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية.
دون أن يحرك أحد ساكنا .
رغم أن إسرائيل لا تخشي لومة لائم في ظل تطاولها علي العالم و تجاهلها للقانون الدولي و لقرارات الأمم المتحدة و الإتفاقيات و المواثيق الدولية .
يحدث ذلك أمام مرأي و مسمع من المجتمع الدولي بمافيه دعاة الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان .
يعتمد و يتبني الكيان الصهيوني سياسة الإغتيالات عادة بهدف : -
‐ الإنتقام و تعزيز الردع للتأكد علي أن إسرائيل قادرة علي أخذ الثأر من أي كان و تحت أي ظرف .
‐ رفع الروح المعنوية للإسرائليين و إشعارهم بأن الحكومة مهتمة بأمنهم و الدفاع عن مصالحهم .
‐ إضعاف المقاومة و إخضاع قياداتها لعوامل التأثيرات النفسية تحت ضغط الإستهداف في أي وقت .
‐ حرمان المقاومة من الشخصيات القوية من أصحاب الكفاءات العالية و الخبرة و المعرفة التراكمية التي من الصعب أن يتم تعويضها في وقت وجيز .
‐ الإرتهان إلي ما قد يسببه غياب القائد الفذ القوي من فراغ قد يحدث خلافات و إنشقاقات داخل صفوف المقاومة و يؤخر مسألة الإتفاق و الإجماع حول قائد واحد جديد .
‐ خطف انتصار عسكري علي وجه السرعة من خارج قطاع غزة لكسب تأييد الإسرائليين و قطع الطريق أمام إحياء الذكري الأولي المخلدة لعملية طوفان الأقصي7 أكتوبر .بطعم الفوز علي إسرائيل .
صحيح أن الإختراق البشري كان عنصرا أساسيا في نجاح مهمة الإغتيالات الإسرائيلية علي مر الزمن .
بفضل تجنيد إسرائيل لمخبرين و عملاء خونة من أبناء الوطن العربي تم الزج بهم في الصفوف الأمامية للمقاومة .
إضافة إلي تخاذل و تقاعس الحكومات و الشعوب العربية و الإسلامية إتجاه القضية الفلسطينية.
لاشك أن إغتيال الكيان الصهيوني لقائدين بارزين قل نظيرهما في زمن تلاشت و تراجعت فيه المبادئ و القيم و انتشرت خلاله الخيانة و التخاذل وبيع الضمير و الأوطان .
من أمثال الشهيدين:
السيد اسماعيل هنية و السيد حسن نصر الله تغمدهما الله بواسع رحمته .
لهو خسارة كبيرة و كبيرة جدا سيكون لها ما بعدها علي أمن و إستقرار المنطقة و ضربة موجعة للمقاومة و للقضية الفلسطينية العادلة لكونها مظلومية شعب و مسألة مقدسات .
بالتأكيد ليست هذه الإغتيالات وليدة اللحظة بقدر ماهي إمتداد لجرائم قتل سابقة أستهدفت قادة التنظيمات و فصائل المقاومة الفلسطينية صيروريا .
منذ اللحظة الأولي لقيام الكيان الصهيوني.
لكن رغم ذلك كله لم يتمكن الكيان إطلاقا عبر مختلف سلسلة إغتيالاته المتكررة من قتل القضية الفلسطينية أو وأد المقاومة و إختزالها في شخص دون غيره .
بل ظلت الإغتيالات بإستمرار محفزا لتقديم قائد أو رمز جديد كلما دعت الضرورة
و لنا علي مستوي الحركات و الفصائل
الفلسطينية و حركة حماس و حزب الله
شواهد تاريخية
تؤكد الإستمرارية علي نفس النهج و فرض خيار المقاومة كشعار للصمود و الإنتصار .
بدليل أن أي مقاومة صامدة و مترسخة و ولادة من الغباء التفكير بهزيمتها و لو بقطع رؤوس قادتها و جنودها .
في حين يجمع كل المراقبين و المحللين إلي أن إسرائيل تمكنت عبر إغتيالاتها و تصفياتها الجسدية من إذكاء الصراع الطائفي السني الشيعي لصالحها .
فعقب مقتل إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد اسماعيل هنية دون إعلانها رسميا
داخل الأراضي الإيرانية و في ظروف غامضة .
ساد إحتقان طائفي مواقع و وسائل التواصل الإجتماعي
ظهرت خلاله أصوات تهاجم المذهب الشيعي و تتهم إيران و حزب الله بإغتيال السيد هنية .
بالمقابل برزت أصوات شيعية و صفت هي الأخري أهل السنة بنعوت خطيرة من قبيل التحالف مع إسرائيل .
ففي ضوء الإدانة الواسعة و التعاطف مع عناصر المقاومة اللبنانية إثر إغتيال السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله .
أبدي آخرون شماتتهم و دخلوا في جو من الإحتفالية و خلق ظروف فرح علي غرار الإسرائليين
وصل الأمر بهم إلي حد إصدار فتاوي شرعية تجيز الإحتفال بهلاكه و مقتله .
فهل وصلت بنا الكراهية و الحقد إلي هذا الحد من القطيعة و البغض ؟!
حسبنا الله ونعم الوكيل .
في الوقت الذي تحتاج فيه الشعوب العربية أكثر من أي وقت لتوحيد الصفوف و المواقف إزاء القضية الفلسطينية و المجتمع الإسلامي إلي تحقيق التآلف و الأخوة الدينية و نبذ الخلاف علي أساس دين واحد و قضية واحدة و مصير واحد .
فيا معشر العرب و المسلمين أين أنتم من الآية الكريمة من سورة آل عمران ؟
( و أعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ) صدق الله العظيم .
كما أين انتم أيضا من مضامن و مقاصد الحديث النبوي الشريف ؟
( لا يومن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري و مسلم .

حفظ الله الإسلام والمسلمين .
و نصر أهل فلسطين .
اباي ولد اداعة .