البنكُ المركزيُّ معنيٌّ إجمالا بتطبيق السياسات النقدية، وتنظيم ورقابةِ المصارفِ والبنوكِ والمؤسسات المالية رقابةً تحفظ أموالَ المودِعين والمساهمين، وتحقِّق سلامةَ مراكزها المالية..
وثمةَ مهمةٌ اجتماعيةٌ وتنموية تندرجُ تحت تلك المهمات تتلخّص في : إتاحةِ الخِدْماتِ المالية لكلّ فئات المجتمع ( مؤسساتٍ وأوفرادا)، وتمكينها من تلك الخدماتِ بجودة مناسبة وبأسعار معقولة.
أو بمعنىً آخر: توفيرُ الخِدمات التمويلية للفئات الفقيرة التي لا تملك ضماناتٍ ماليةً، ونعني بتلك الخدمات : التمويل الأصغر والمتناهي الصغر ، وهي خدماتٌ لا توفرها البنوكُ عادة، وإنما يعهَد بها إلى مؤسساتِ تمويل خاصة.
وهذا كلُّه هو ما يعبَّر عنه ب "الشمول الماليِّ". وغايتُه - كما يظهر من معانيه- أن لا تبقى الخِدمات المالية دُولةً بين الأغنياء أو المؤسسات الكبرى وإنما تشملُ الفقراءَ وذوي الدخلِ المحدود، والمشروعاتِ المتوسطةَ والصغيرةَ، اللخ..
كيف يمكن تحقيق الشمول المالي في بلادنا؟
يتحقَّقُ الشمولُ المالي بجملة مسائلَ، من أهمها:
- وضعُ قواعدَ وتشريعات تنظّمُ وتيسّرُ المعاملات المصرفيةَ ، وتضبط مؤسسات التمويل الأصغر
- تحديثُ الخدماتِ الماليةِ، وتنويعُها، وتبسيطُها من خلال - مثلا- استخدام الهواتف المحمولة في الدفع الألكتروني والعمليات الماليــة الأخرى.
- نشرُ ثقافة مالية معاصرة تبيِّن حقوقَ المستفيدين وتعزِّز الثقةَ بالقطاع المصرفي.
- تفعيلُ عملِ "لجنة المطابقة مع ضوابط الشريعة" التابعة للبنك المركزي، وإبرازُها للعلن شارحةً وموجهةً لكي يقتنع المترددون في التعامُل مع القطاع لأسباب دينية.
- حوكمة المؤسسات المالية الإسلامية من خلال وضع "معاييرَ" شرعيةٍ تضبط الخدماتِ والمنتجات الماليةَ الإسلاميةَ، وتحدِّدُ معالمَ الرقابة والتدقيق في تلك المؤسسات.
- تنويعُ المنتجات والخدمات المالية، والخدمات المالية الرقمية.
- تعزيزُ الرقمنة المصرفية وحِمايتُها.
وهذه المسائل قد عمِل البنكُ المركزيُّ الوطنيُّ - مشكروا- على إنجاز بعضها.
ختاما: أدعو المصارفَ والمؤسساتِ الماليةَ الإسلاميةَ الوطنيةَ إلى أن تدخل ميدان "الشمول المالي" بجدية وعزمٍ صادق، فهو من صميم رسالتها المالية.
وأحسب أن: تنوّع خدماتها ومنتجاتها المالية، وسلامتَها، واطمئنانَ بعض الناس إليها، أمور مع أخرى ستنفعها في سباق نيل رضى المستهدَفين إن هي يسَّرتُ وابتكرتْ واقتربتْ.