جاء الرد الصاروخي الإيراني المنتظر ضد إسرائيل و الذي أطلق عليه تسمية ( الوعد الصادق ) في إطار صراع النفوذ الثنائي داخل منطقة الشرق الأوسط و الخليج العربي ضمن مشروع التوسع الفارسي .
من خلال إطلاق حزمة صواريخ بالستية و مسيرات بالتزامن من داخل مناطق النفوذ الإيراني العراق ، اليمن ، سوريا ، لبنان ، بالطبع ايران نفسها .
و بآجندات إيرانية بحتة انتقاما لضحايا الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف قنصليتها بدمشق .
مما أسفر عن مقتل 16 شخصا من بينهم قائد كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري العميد محمد رضا زاهدي .
إضافة إلي سبعة ضباط آخرين .
دون أن يحدث هذا الهجوم رغم الضجة الكبيرة و الإستحواذ الإعلامي الواسع أي خسائر بشرية أو مادية في الجانب الإسرائيلي .
ربما محاكاة للهجوم الإيراني المماثل حينها علي قاعدتين جويتين بهما قوات آمريكية في العراق ردا علي اغتيال القائد العسكري البارز قاسم سليماني .
دون إصابة تذكر انذاك لأي جندي آمريكي أو خسائر هامة .
في حين تشير و تؤكد كل المعطيات الميدانية و الدلائل علي أن إيقاع هذا الهجوم كان بتنسيق و مقاس آمريكي مسبق
يحفظ لإيران علي الأقل ماء وجهها .
بدليل أن هذا الرد جاء علي نطاق ضيق.و بأقل الأضرار .
استهدف مناطق و منشآت و قواعد عسكرية علي الأطراف .
سهلة التغطي و التستر علي حجم خسائرها .
و بحجة أيضا الإستعداد المسبق و إعتراض و صد القوات الآمريكية و بعض حلفائها خاصة ابريطانيا و فرنسا للهجوم الإيراني و إسقاط عدد كبير من الصواريخ و المسيرات ضمن توقيت مناسب دفاعا عن إسرائيل .
إضافة إلي مشاركة دولة عربية في التصدي بداعي المخاوف من احتمال سقوط بعض الصواريخ الإيرانية علي رؤوس ساكنتها حسب البيان الرسمي الأردني مما أثار تشكيك البعض في مواقفها اتجاه القضية الفلسطينية .
و كذلك فتح بعض الدول مجالها الجوي لعبور الدول المشاركة في الدفاع عن إسرائيل.
الشئ الذي ساهم في الحد من الخسائر الإسرائيلية.
ما تخشاه إسرائيل اليوم في ظل تداعيات و تأثيرات عملية طوفان الأقصي و ما سببته من خوف و رعب و إرتباك حكومي إسرائيلي داخلي .
هو إستهداف المدنيين من داخل العمق الإسرائيلي و سقوط ضحايا بشرية في ظل التجاذبات و الصراعات السياسية و الرهان الإنتخابي و فشل حكومة نتانياهو في تحرير الأسري الإسرائليين المحجوزين لدي عناصر كتائب القسام رغم بشاعة و فظاعة إنتهاكات و جرائم الجيش الإسرائيلي .
لا شك أن تخاذل الشعوب العربية و مواقف حكوماتها الخجولة اتجاه القضية الفلسطينية .
مكن هذا الثنائي من استباحة الأراضي و الدم العربي و تحويل المنطقة إلي ميدان صراع .
بالتأكيد الهجوم الإيراني علي إسرائيل لم يكن انتصارا أو دفاعا عن القضية الفلسطينية أو مأساة غزة أو رغبة في تحرير الأقصي .
بقدر ما هو صراع مصالح داخل المنطقة
فلو كان الأمر كذلك لأستهدف العمق و لكانت الضربة موجعة و مؤلمة و مؤثرة و دموية و فاجعة .
خاصة أن صور الدمار الشامل و القتل البشع في قطاع غزة لم تعد
و سوف لن تكون بنفس درجة التأثير و التفاعل عالميا .
مقارنة بتلك القادمة من العمق الإسرائيلي و لو بأقل فظاعة .
هكذا شاءت الأقدار .
بالمقابل يجمع كل المحللين أن الرد الإيراني أمس لم يخدم إطلاقا القضية الفلسطينية و لا مأساة غزة بقدر ما حول إدانة العالم لإسرائيل بسبب عدوانها المتكرر علي القطاع و الوضع المأساوي في غزة إلي دعم .
و أتاح لإسرائيل في ضوء المستجدات فرصة تشكيل و بناء تحالف إستراتيجي ضد ايران .
في ظل المخاوف من أن تغطي تداعيات هذا الرد علي مآسي غزة و تقلل من شأن ما ترتكبه إسرائيل يوميا من مجازر في حق الفلسطينيين و يحجب كل الإنتهاكات الخطيرة .
ما جري أمس كشف المستور في العلاقات الإسرائيلية مع كل من آمريكا و ابريطانيا و فرنسا و أكد أنها ليست إلا أذرعا عسكرية للكيان الصهيوني تلبي النداء كلما دعت الضرورة .
كما بين أيضا التناقض الحاصل في مواقف الدول السبع فهي من جهة تدافع عن إسرائيل و تمدها بالعتاد و السلاح في حين تؤيد و تشجع إحقاق السلام بين الأطراف دون إخلاء المنطقة من السلاح فذلك لا يتماشى و مصالح صناع القرار و لا ملاك مصانع السلاح .
صحيح أن إطلاق صفارات الإنذار داخل المدن الإسرائيلية يعيد إلي الأذهان الهجوم الصاروخي العراقي التاريخي علي إسرائيل
صاروخ الحسين من طراز اسكود أرض أرض
في خطوة جريئة قام
بها القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله اتجاه أهداف داخل العمق الإسرائيلي شملت مدن تل أبيب ، ميناء حيفا ، و مناطق صحراء النقب ..الخ .
سمحت ومكنت من إختراق جدار الدفاع الإسرائيلي أو ما يسمي بالقبة الحديدية و تجاوز منظومة باتيريوت الصاروخية الإعتراضية الآمريكية المتطورة انذاك
مخلفا عشرات القتلي و الجرحي و مئات حالات الهلع و الفزع في الجانب الإسرائيلي .
لعل ما عمق هذا الأثر هو الحرب النفسية التي استطاع الإعلام العراقي و الدولي زرعها في الشخصية الإسرائيلية التي بدت في أعلي درجات الرعب و الخوف.
تلك الضربات الصاروخية مثلت حينها هزة كبيرة للشعوب العربية التي أعتبرت ما يحدث بأنه نصر كبير للقضية العربية التي أنهكتها الحروب الخاسرة و ترتيبات التسوية و التطبيع في ظل الخضوع بدل المواجهة .
مما أسس لمرحلة جديدة في التعاطي مع القضية الفلسطينية بعد محاولات إنهائها و تجاوزها .
و العودة بها من جديد نحو خط المواجهة .
قبل أن يتمالأ الغرب بقيادة الولايات المتحدة الآمريكية و حلفائها للتحضير لغزو عراق العز و إسقاط نظام صدام حسين بحجة إمتلاكه أسلحة دمار شامل غير معلنة و تهديده السلم و الأمن الدولين .
و ذلك بالتواطؤ مع إسرائيل و بعض الدول العربية في ظل إرتياح إيراني.
ليتم إسقاط النظام و انهيار الجيش العراقي و تدمير البنية العسكرية و المنظومة الصاروخية الضاربة و ما أحدثته من ثورة في التصنيع الحربي شكلت نقطة قوة و تحول و وسيلة ردع و توازن داخل المنطقة .
مما مهد الطريق أمام ايران للتوسع و بسط نفوذها و الإستحواذ علي العراق .
و كأن البلد قدم لها علي طبق من ذهب .
و بالتالي الهيمنة و السيطرة علي المنطقة .
ليتأكد لاحقا أن أسلحة الدمار الشمال المزعومة لم تكن موجودة أصلا .
و لينكشف زيف أكبر كذبة آمريكية أوهمت بها العالم .
و يتضح أنه تحامل كيدي و تهويل مفتعل في حق الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله.
هل قدمت ايران من خلال هذه الخطوة ما بجعبتها من قوة صاروخية ضاربة ؟
أم أن غدا لناظره قريب في ضوء التلويح بالرد و الرد المضاد عسكريا ؟ !
طابت أوقاتكم
اباي ولد اداعة .