غياب الوالد القاسي عن كثير من مشاكل أولاده ورغباتهم ومخاوفهم في البيت والمدرسة أو الشارع أو في أي مكان آخر قد يتواجدون فيه :
إن الخوف الكامن في نفس الطفل من عصبية مزاج والدهم لأتفه الأمور - ولكثرة غضبه وتكراره لأمور هي في أكثر الأحيان ليست ذات قيمة ولا تثير غضب أي إنسان آخر - حيث يجهل الأطفال الشرارة التي قد تشعل غضب والدهم الذي لا يحتاج أصلاً إلى شرارات - بل قد يشتعل دون وجود الشرارات -
انهم لا يعرفون كيف يُبقون عليه هادئا - وكيف يتحاشون ثورته التي لا يعرفون أو يتوقعون مجريات ثورته أو غضبه ؟
ولهذا يحاول الأولاد بل ومعهم والدتهم , أن يختصروا كل ما قد يثير غضبه وثورته التي تتنوع مضموناتها وردود أفعاله فيها - لكن ردود الفعل غالباً تكون مخيفة وسلبية تؤذي المشاعر على أقل تقدير , إن لم تتعدى إلى إيذاء الأجساد أوالأشياء المتواجدة في القرب منهم أو منه والتي تطولها يدا الوالد الظالم القاسي !
إنهم لا يعرفون كيف يحتملوا نكد والدهم وتوتره وغضبه في حياتهم اليومية إبان الطعام ومشاهدة التلفاز ولبس الملابس وإعداد كتب المدرسة وكتابة الوظائف وطلب نفقات المدرسة من أدوات ودفاتر وكتب - وأخطاء الأطفال حتمية الوقوع هنا وهناك ولو كانت بسيطة - وكل خطئ طفلي يتلوه محاضرة من الوالد وتعنيف من أحد الشكلين لفظياً كان أو جسدياً - وهذا ما يجعلهم يتحاشون البوح لوالدهم عن مخاوفهم من تبعات أخطاء وقعت معهم في المدرسة أو الشارع أو في مكان آخر - وقد لا يتسبب سكوتهم أحيانا بنتائج مؤذية وتمضي الأمور - لكن في غيرها قد يتسبب السكوت في دفع أثمان غالية كان من الممكن تحاشيها لو كان تعامل الوالد تربوياً تسوده الصراحة وتبادل الرأي والاستفادة من خبرات الوالد المتراكمة !
وليس الإخفاء في مجال السلبيات فقط - بل قد يخفي أخبارا سارة وأحداثاً تقع له - بل قد يكون ما يخفيه رغبات وهوايات قد تغير له مستقبله - وقد يخفي صداقاته وجماعات اللعب والفرق الرياضية التي ينضم إليها - لأنه لا يعرف رد فعل والده تجاه ما سيخبره فقد يكون صفعة أو صراخاً أو توبيخاً - وهو حتماً لن يسمع منه توجيهاً ونصحاً ونقداً بناءً - لأن هذه الأمور غير موجودة في قاموسه ؟
وهكذا يغيب دور الأب المصلح الموجه المرشد المنير لدرب أولاده والمصحح لما يرتكبون من أخطاء - ويغيب الأمن والأمان وتُختَصر المحبة والتقدير في خوف ورعشة من الرهبة كلما دخل الوالد البيت - وكلما نادى أحد أولاده باسمه ينتظرون المصيبة التي ستحل بمن ناداه ؟
وإلى قصاصة قادمة استودعكم الله - دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس
فريد حسن