انعم الله على السينغال بأنها لم تكو بالأنظمة العسكرية ولا بذاك الصنف من الحكام الذين لا يغادرون كرسي الرئاسة إلا إلى قبورهم أو السجن أو المنفى.
ليست المرة الأولى التي يستنشق فيها السينغاليون نسيم التغيير بعدما أزكمت أنوفهم روائح غبار السلطة الحاكمة .
فقد حكم البركماتيون ثلاث مرات واليوم يكرر اليمين الشعبوي تجربة العجوز واد ولكن بفارق السن والتوجهات فيوصل شابا في عقده الرابع إلى السلطة فأي بشائر وأحلام ينثرها بصير فاي على أسوار قصر الرئاسة السينغالي؟
أولى تلك البشائر قد تحقق تغيير الطبقة الحاكمة وصعود الشباب محل الشيوخ فجيل القرن 21 لا يمكن أن يحكم بأبناء القرن العشرين.
وعد الرجل بإتمام اسقلال سينغال واخراج قرارها من تبعية كاهن الأليز وهو قرار يحتاج الكثير من الحكمة والشجاعة فالسينغال هي كعبة فرنسا و إليها كانت تحج قوافل اتباعها في شبه المنطقة أيام الاستعمار ولم يبخل عليها الفرنسيون في التطوير والحماية الديبلوماسية وحتى في المصاهرة وهي شقيقة الجزائر التي "انتزعت " من حضن "أمها "كما يزعم الفرنسيون كذبا بعد ثورة فقد فيها مليون شهيد ،فهل جهز فاي نصف مليون لانتزاع سينغال من أحضان فرنسا.
فهل نسي أم يتناسى فاي أن فرنسا لم تضمد بعد جراحها في منطقة الساحل.
كما وعد بتحقيق العدالة الاجتماعية وهو أمر ليس بالصعب فسلفه لم يترك له تهميشا ولا اقصاء ولا شظفا في العيش وسيكون لزاما عليه فقط وضع بصماته في ذاك الميدان.
تعهد بمراجعة الاتفاقيات في مجالي التعدين والطاقة وهي عملية لن تكون سهلة وذات مخاطر قد تجعل المستثمرين يحجمون عن الاستثمار في بلد واعد.
أمام الفتى السينغالي تحديات ليست بالهينة:
ترميم الجبهة الداخلية فالفلان غاضبون من حرمانهم من التناوب الأثيني على السلطة وقد حاول ماكي صال انصافهم بترشيحه لأحد أبناء باه للسلطة.
استرضاء المشايخ الصوفية بعدما كسر الفتى الاسلاموي قواعد اسلافه في البحث عن دعوات وحمل طلاسيم المشايخ الصوفية التي طالما ساهمت في الوصول إلى القصر.
الموقع الذي سيختاره فاي في حلبة الصراع الدولي أيلتحق بثوار الساحل فيغضب ماما فرنسا أم تراه يحافظ على الولاء لفرنسا فهي لا تقبل انصاف الأتباع وبذلك يفقد أهم شعاراته التي أوصلته للقمة.
كيف سيتخلص من أبوة زعيمه الروحي سنوكو وخطابه الشعبوي فالرئاسة كالقطار لا يقاد بقاطرتين.
سيحسب للنخبة السينغالية أنها استطاعت أن تعبر بديمقراطيتها إلى مرحلة النضج بعدما كاد العجوز ماكي صال أن يدفنها في نزوات مراهقته السياسية.
فإلى أي مدى سيصل الصدى إلى الجارة الموريتانية وكيف سيقرأ غزواني ذاك التغيير.
شيخنا محمد سلطان.