كانت سينغال على موعد مع دور انتخابي رئاسي جديد وهي التي لم يذق ضباطها طعم الحكم من خلال الانقلابات وظلت واحة للديمقراطية في غرب إفريقيا تلك المنطقة ذات الإرث الانقلابي الثقيل .
على الرغم من تعقيد المشهد السينغالي ذي الأبعاد المتعددة فقد حافظت النخب السياسية السينغالية على قدرتها على إدارة خلافها والاحتكام إلى صناديق الاقتراع بدل الانقلابات والاقتتال الطائفي أو العرقي باستثناء ما يدور في إقليم كازماس.
السينغال بلد متعدد القوميات ،للطرق الصوفية فيه تأثير كبير على الحياة السياسية فلا يمكن لمرشح لأي منصب انتخابي أن لا يمر بتزكية أحد مشايخ الطرق الصوفية وخاصة القادرية والتيجانية كما أن للصراع الثقافي كذلك دور في تعقيد المشهد ،الصراع بين المعربين خريجي المحاظر والمعاهد الدينية والنخب الفرنكفونية المهيمنة على القرار السيادي منذ الاستقلال ، كما لا يمكن أن نتجاهل الصراع بين الأجيال السياسية بين جيل ما بعد الاستقلال وجيل القرن الجديد الذي يطمح إلى التحرر أكثر من النفوذ الفرنسي والذي تغريه تجارب مثلث العصيان على فرنسا في كل من مالي ، بوركينافاسو والنيجر.
إذن يمكن القول إن المشهد السياسي السينغالي تتنازعه ثلاثة عوامل تدفع به دفعا نحو التأزم وربما الصراع الدامي :
الطموح الدفين لدى قومية البولار في السيطرة على الحكم ومن خلال الانتخابات بعد ما استفادت من فشل تجربة إخوانهم العسكرية في موريتانيا في ثمانينات القرن الماضي و ما انجر عنها من ويلات على تلك القومية ،
وهو طموح مشروع بامتياز فقد حكم كل من سرير و ولف ومن الطبيعي أن يأتي الدور على قومية البولار والذين يشكلون أغلبية في سكان الضفة و لهم وجود قوي في دكار ، يرى البعض أن ماكي صال سعى إلى تعين الكثيرين من أقاربه في مناصب الدولة في مخطط يهدف إلى التمكن من السلطة كما هيأ مرشحه الحالي البولاري وهو ما سيزيد المشهد تعقيدا.
الصراع بين العرويين والفرنكفونيين وإن شئت بين العلمانيين والإسلاميين هو الآخر يغذي المشهد .
كما أن صراع الأجيال بين من واكبوا ميلاد الدولة ومغرمين بالغرب وبين الجيل الصاعد من السياسيين من ذوى النزعة التحررية من التبعية الفرنسية يلهب الصراع .
فهل وصلت نسائم الربيع الإفريقي إلى واحة الديمقراطية في إفريقيا ؟ أم إن فرنسا ستسطيع ضبط الإيقاع الديمقراطي في سينغال حتى لا ينفرط عقد ما تبقى من بلدان نفوذها ؟
شيخنا محمد سلطان.