بوركينا فاسو.. "سانكارا الجديد" في عين العاصفة

ما زالت محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في بوركينا فاسو تكتنف تفاصيلها الغموض، وهي أول محاولات الانقلاب في عام 2024 داخل إفريقيا التي طوت العام الماضي بـ4 محاولات، نجح منها اثنان وفشل الآخران.

وينقل محلل سياسي من بوركينا فاسو الخشية في البلاد على حياة الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري، مع توالي محاولات الانقلاب، خاصة أن البعض يراه امتدادا للزعيم البوركيني، توماس سانكارا، الذي تعرّض للاغتيال في أثناء انقلاب عسكري في 1987.

تأتي محاولة الانقلاب الجديدة بعد أقل من 4 أشهر على محاولة انقلاب في أواخر سبتمبر 2023، قال المجلس العسكري الحاكم حينها إن ضباطا وآخرين تورّطوا فيها بهدف "نشر الفوضى".

وقبلها بسنة، نفّذ إبراهيم تراوري نفسه انقلابا على الكولونيل بول هنري داميبا، ووصل به إلى الحكم.

المحاولة الجديدة

وفق ما نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، الإثنين، فقد تم القبض على 4 عسكريين يوم 13 يناير، بينهم رئيس الأركان السابق لقوات الدرك الوطنية، المقدّم إيفرار سومدا، ووُجهت تهم لهم بالتخطيط لاغتيال تراوري.

وسومدا فُصل من منصبه بداية أكتوبر الماضي؛ بعد اتهامه بالتورط في قضية "زعزعة الاستقرار" الخاصة بمحاولة انقلاب سبتمبر.

سياسات تحررية

يُعلّق المحلل السياسي البوركيني، عثماني أويدروغو، على محاولة الانقلاب الجديدة، بقوله إن الكشف عن إفشال مخطط انقلاب أو محاولة لاغتيال الرئيس تراوري "أصبح خبرا شبه معتاد لدى الشعب، لأن الرئيس الشاب تعرّض في عام واحد لسبع محاولات اغتيال وانقلاب، أبرزها ما حدث في سبتمبر، وأعقبها تغيير في صفوف الجيش".

ويخشى أويدروغو من أن يتعرض رئيس بلاده لمحاولات اغتيال أخرى، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه "يحظى بشعبية كبيرة"؛ لأنه "يأخذ منحى معارضا للنفوذ الفرنسي في البلاد، وأخرج القوات الفرنسية منها، وألغى عقود شركات فرنسية، وأنشأ أول مصفاة للذهب للاستفادة من الثروات الوطنية، ويدعم الزراعة، خاصة القمح، لتوفير الغذاء محليا دون الاعتماد على الخارج".

ولذلك، يتابع المحلل السياسي، فإن البعض في بوركينا فاسو باتوا يسمّونه "سانكارا الجديد"، في إشارة إلى توماس سانكارا الذي قاد مسيرة تحديث البلاد، ودعَّم حركات التحرر في بلاد أخرى، لكنه اغتيل عام 1987 بعد 4 سنوات من الحكم في انقلاب عسكري.

2023 عام الانقلابات

عادت الانقلابات في 2023، لتضرب 4 من دول إفريقيا، حيث نجح منها انقلابان في النيجر والغابون، بينما فشل آخران في سيراليون وغينيا بيساو.

ويشرح الأكاديمي والباحث في الشؤون الإفريقية الدكتور محمد تورشين، لـ"سكاي نيوز عربية"، الأسباب التي أعادت حمّى الانقلابات بقوة إلى القارة:

الانقسام في صفوف المؤسسات العسكرية، كما ظهر في الانقلاب الفاشل بغينيا كوناكري.
الأزمات الاقتصادية المتتالية، وسط اضطراب أمني وفقد السيطرة على الحدود.
تمديد فترات الحكم لآجال مفتوحة، وهناك زعماء تخطّت فترة حكمهم 40 عاما.

وعن ثقل الدول التي شهدت الانقلابات في السياسة الدولية، يُشير تورشين إلى أن النيجر على سبيل المثال تلعب دورا كبيرا في استراتيجية فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، إضافة لدورها في الحد من الجريمة المنظّمة والاتجار بالبشر، وأدّى الانقلاب لتغيير خطط بعض هذه الدول؛ لأنه تسبّب في انسحاب فرنسا من النيجر، وتدرس ألمانيا جدوى وجودها.

والغابون، التي أزاح الانقلاب فيها أسرة علي بونغو من الحكم بعد قرابة 5 عقود، من الدول المهمة بموقعها على المحيط الأطلسي وثروتها النفطية والمعدنية.