قمة الأطراف العالمية للعمل المناخي بدبي. و الإنتهاكات الإسرائلية المتكررة . العنصر المسكوت عنه

يأتي انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ cop28 لهذا الموسم بدولة الإمارات العربية المتحدة.
بعد ردح من الزمن شهد ظواهر جوية متطرفة و تحطيم أرقام قياسية لدرجات الحرارة.
وسط تطلعات لتقدم ملموس في العمل المناخي .
يفترض أن يدفع الدول إلي تسريع وتيرة الإنتقال للطاقات النظيفة.
في ظل وضع جيوسياسي مضطرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة و تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير و المستمر علي قطاع غزة.
قطعتها هدنة إنسانية قصيرة بواسطة قطر و مصر.
سرعان ماعاودت إسرائيل تكرار العدوان الهمجي بالتزامن مع انطلاق فعاليات المؤتمر حيث ألقت القضية الفلسطينية بظلالها مناخيا علي أجواء القمة مما أجج المشاعر من داخل الكواليس .
و تعالت الأصوات المطالبة عربيا من داخل المؤتمر بضرورة حياة كريمة لسكان غزة و وقف العدوان الإسرائيلي
و ما تلي ذلك من انسحابات و غيابات في يوم الإفتتاح و إدانات واسعة علي وقع الحرب.
دون أن يمنع أو يعيق رئيس الكيان الصهيوني من إلقاء كلمته علي مرأي و مسمع من الجميع دون تردد أو غضاضة.
انطلق المؤتمر بمن حضر و بمشاركة دولية كبيرة و حضور بارز للقادة و رؤساء الحكومات و الأمراء.
كان من بين أبرز الغائبين عن هذا الحدث الهام الرئيس الآمريكي جو بايدن و الرئيس الصيني شي جينبينغ .
عملاقي الصناعة و الإنبعاثات الحرارية في العالم .
لكن البلدين كانا ممثلين بحضور رفيع المستوي و علي نطاق واسع.
بينما لم تتأخر الإمارات البلد المضيف و المنظم للقمة في الإعلان عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليارا دولار للحلول المناخية علي مستوي العالم و لسد فجوة التمويل المناخي .
بلغت مساهمة دولة الإمارات لوحدها 100 مليون دولار كمرحلة أولي.
كما اهتمت قمة المناخ نسخة دبي و لأول مرة في تاريخ المؤتمرات بإنشاء جناح للإيمان تحت مسمي جناح الأديان يستضيف مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة الدورة و تحالف من الشركاء الدينيين من انحاء العالم .
ربما في إطار التوجه الإبراهيمي الجديد .
في حين يري بعض المراقبين لهذا الشأن أن قمة المناخ أضحت مناسبة موسمية اقتصادية صرفة و محطة إبرام صفقات نفط و غاز ليس إلا .
و إن كان آخرون يرون من زاوية أخري أن الانظار تتجه صوب تمويل الفئات الأكثر ضعفا و تضررا لمواجهة التحديات و الأضرار الناجمة عن التغير الحاصل في المناخ .
و في إطار المشاركة الموريتانية الهامة و المميزة علي مستوي القمة و التي تضمنت عقد لقاءات ثنائية لرئيس الجمهورية مع بعض قادة العالم.
إضافة إلي تدشين مبني السفارة الموريتانية الجديد ضمن المنجز خارج الديار بمناسبة الذكري 63 لعيد الإستغلال الوطني المجيد بعد اكتمال الأشغال فيه بالمعايير الفنية و المواصفات المطلوبة دوليا مما سيعزز و يحسن من أداء و صورة واجهة سفاراتتا في الخارج .
فعلي هامش القمة تم ايضا الوصول إلي إتفاقيات و تفاهمات اقتصادية كبيرة بين الجانب الموريتاني و بعض الشركاء الدوليين في مجال الطاقة و الغاز ومجالات أخري حيوية.
بينما ألقي رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني علي مستوي افتتاح القمة خطابا هاما لامس تطلعات شعوب مناطق كبيرة من العالم و منظمات دعاة الحفاظ علي البيئة.
عكس رؤية متبصرة توحي بأنه علي دراية بما يجري .
حيث قال في مستهل كلامه : إن مواجهة التغيرات المناخية هي معركة الجميع و لاسبيل لكسبها إلا بتضافر الجهود و التعاضد و التضامن معتبرا أن هذه المعركة يجب أن تخاض علي مسارين .
أحدهما مسار تعزيز القدرة علي التكيف و الصمود في وجه الإنعكاسات السلبية للتغيرات المناخية علي الأنسجة الإقتصادية و الإجتماعية خاصة في الدول الأقل نموا.
اما الثاني فيتمثل في الحد التدريجي من الإنبعاثات الغازية و بناء مسارات تنموية ضئيلة الإعتماد علي الكربون و التوسع في استخدام الطاقات المتجددة النظيفة .
و لن تكون النتائج علي اي من المسارين يضيف رئيس الجمهورية .
إلا بقدر التعاون و التضامن الدولين .
و أضاف أنه من الملح و الضروري زيادة التمويلات الموجهة للتكيف و التحول البيئي بشكل كبير .
و دفعها علي نحو لا يفاقم مديونية الدول النامية .
و أكد في هذا الإطار أن بلادنا من أكثر الدول تأثيرا بالتغيرات المناخية و ما ينشأ عنها من تصحر و جفاف و إضطراب في التساقطات المطرية من حيث الندرة و الغزارة .
و في ضوء جلسة عمل رفيعة المستوي مخصصة لنقاش موضوع * التصنيع الأخضر في إفريقيا *
كان رئيس الجمهورية من اوائل و أبرز المتحدثين في هذا المجال حول التحديات والآمال المرتقبة.
حيث أوضح بأنه لا يري أي تعارض أو تناقض بين تطوير موارد الغاز لدي بلادنا و طموحها لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر.
و أن ليس من الإنصاف إطلاقا حرمان البلدان النامية من استغلال مواردها من الطاقة بسبب تكلفة انتقال الطاقة.
معتبرا بأن الإنتقال الطاقوي هو المصطلح
المناسب لأنه يعني انتقال من أجل تحقيق تحول .
حيث انحصرت نقاط التلاقي والإختلاف علي مستوي قمة دبي للمناخ
حول مستقبل الوقود الأحفوري و الفحم و النفط و الغاز الذي يتم حرقه دون تكنولوجيا لإلتقاط انبعاثاته الصادرة.
بالمقابل لا يزال تصنيف عامل أثر الحروب علي البيئة و تغير المناخ بالأقل أهمية و الأكثر تجاهلا علي الرغم من خطورتها و فداحة أضرارها بل أضحي العنصر المسكوت عنه علي غرار ما يحصل في
قطاع غزة و في الأراضي الفلسطينية علي العموم .
إن العدوان الإسرائيلي الغاشم علي غزة و حرب الإبادة الجماعية سيؤثر سلبا علي الجهود الدولية من أجل إنقاذ و حماية البيئة و تخفيف تأثيرات التغير المناخي الذي يؤثر بصورة كبيرة و متسارعة علي مناطق العالم و قطاع غزة .
في ظل الموقف الإتساني الخجول للمجتمع الدولي إزاء العدوان الإسرائيلي القائم و المستمر و حجم الدمار و المآسي الإنسانية .
إضافة إلي خذلان بعض حكومات الدول العربية و الإسلامية و العجز عن إيجاد موقف خاص أو دولي موحد يلزم إسرائيل وقف العدوان و الحرب الهدامة غير متكافئة و عمليات التطهير العرقي الواسعة اتجاه الشعب الفلسطيني الأعزل.
لخروج إسرائيل علي القوانين و المعاهدات و الإتفاقيات الدولية و تجاهلها قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي.
و الإفلات الدائم من العقاب دون مساءلة من أي كان و بدعم مباشر و حماية من قوي الشر و المجتمع الدولي .
في ظل استباحة استخدام أشكال الأسلحة و الطائرات و القنابل العنقودية الممنوعة و المحرمة دوليا و التلويح من بعض القادة الإسرائليين بإستخدام أسلحة دمار شامل في عدوانها علي غزة و ما قد يترتب علي ذلك من آثار مدمرة للبيئة و للإنسان.
حيث أن الحرب علي غزة ترتقي إلي جرائم الحرب علي البشرية و البيئة و سيكون لها تأثير علي النواحي الصحية والبيئية و الإجتماعية و علي ساكنة غزة و فلسطين و ما حولها .
و هذا يتناقض مع القانون الدولي الإنساني و حق الفلسطينيين في العيش الكريم في بيئة آمنة و نظيفة و صحية .
بالاضافة لإنتهاك الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و تدمير البيئة الطبيعية و التدهور البيئي لكافة مناطق فلسطين .
تأسيسا لما سبق يتأكد جليا أن صناع الأسلحة و دعاة الفتن و الحروب همهم الوحيد هو التربح من وراء مآسي الإنسان.
كما ان الأسلحة و الحروب لها الأثر العميق علي تغير المناخ و الإحتباس الحراري الذي يهدد أمن و إستقرار العالم من كافة النواحي.
و إن الحد من الصراعات المسلحة يساعد في توفير تكاليف و جهود كبيرة في خفض الإنبعاثات الحرارية و المساهمة في مكافحة تغير المناخ و يساعد في بناء عالم أكثر استقامة و استدامة.
لذا يظل من الضروري التفكير مليا بحلول دبلوماسية و سلمية للصراعات و النزاعات الدولية للحد من الآثار البيئية الضارة و الحفاظ علي صحة و ديمومة الكون و الكائنات.

حفظ الله أهل غزة و فلسطين.
اباي ولد اداعة.