عملية طوفان الأقصي المباغتة.
قراءة في الأحداث و المآلات.
شكلت عملية طوفان الأقصي النوعية الغير مسبوقة نقطة تحول في مسار المقاومة الفلسطينية و أكبر هجوم للمقاومة في صراعها مع الإحتلال الصهيوني .
أشبه ما يكون من حيث التخطيط و التوقيت المباغت و دقة و سرعة التنفيذ و حجم الأضرار المادية و الخسائر البشرية و القدرة الفائقة علي اختراق الأجهزة الأمنية و المخباراتية و الجدار الألكتروني .
بهجمات 11 سبتمبر 2001 م بالولايات المتحدة الآمريكية انذاك.
رغم تباين أوجه المقارنة في بعض الحالات و في جوهر القضية.
إن هذه العملية النوعية أعادت القضية الفلسطينية إلي الواجهة من جديد رغم الشعور بالخذلان العربي الحاصل بحق القضية الفلسطينية في ظل موجات التقارب و التطبيع المتكررة مع الكيان الصهيوني و تقاعس بعض حكومات و شعوب المنطقة العربية و الإسلامية .
حيث و ضعت سمعة منظومة الاستخبارات الإسرائيلية و الآمريكية و مواقف المجتمع الدولي اتجاه القضية الفلسطينية علي المحك.
كما أنها أعادت للشعب الفلسطينية الأبي الإبتسامة الغائبة منذ أمد طويل و الشعور بالفخر و نشوة الإنتصار.
و أحيت فيه روح التفاؤل و القتال بصمود و عزيمة و إصرار لا تلين امام أعتي قوي الشر الصهيونية.
في حين لاقت عملية طوفان الأقصي ترحيبا و ارتياحا واسعين داخل الشارع العربي و الإسلامي المحتج أكثر علي همجية الكيان الصهيوني المحتل.
عكسه حجم التجاوب الكبير و التعاطي مع المظاهرات العفوية الحاشدة داخل مختلف العواصم و المدن و المسيرات المؤيدة و الداعمة للمقاومة و لأهالي غزة.
رغم المواقف الخجولة للحكومات العربية مع إستثناءات محدودة.
تم بالفعل تنفيذ الهجوم المباغت و الخاطف رغم الإمكانيات البسيطة للمقاومة الفلسطينية في غزة.
بالتزامن مع الذكري 50 لحرب 6 أكتوبر و ما لذلك من دلالات رمزية عميقة.
وفق تكتيك مدروس دقيق قامت به عناصر المقاومة من كتائب القسام الجناح العسكري لحماس.
فالحرب خدعة قبل أن تكون عتادا و قوة.
استهدفت المستوطنات الإسرائلية و المواقع العسكرية و مراكز الشرطة المحاذية لطول شريط غزة داخل الجانب الإسرائيلي و في النقب بالجنوب.
حيث يعد هذا الهجوم أسوأ إختراق لدفاعات المنظومة العسكرية الإسرائيلية المتطورة منذ اندلاع حرب أكتوبر 1973 م .
و قد أدي إلي مقتل أكثر من 700 اسرائيليا و جرح الآلاف بعضهم في حالات خطيرة و حرجة.
بالإضافة إلي أسر ما فوق 100 أسير من بينهم قادة و ضباط عسكريين سامين .
فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها.
حصيلة ثقيلة ستلقي بظلالها علي مشهد الصراع العربي الإسرائيلي.
و ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع القضية الفلسطينية وفق مستجدات الساحة و ستجبر المحتل المتغطرس إلي مراجعة حساباته و المجتمع الدولي الداعم له النظر في مواقفه.
فبغض النظر عن ما ستؤول إليه الأوضاع لاحقا من إطالة الحرب او تقصيرها أو اتساع دائرتها لتشمل مناطق أخري أو دول جوار أو وقف الهجوم الإسرائيلي الغاشم علي قطاع غزة و استهداف المدنيين .
بحكم الهيمنة العسكرية الإسرائيلية و تجاهلها لقرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي .
و الإرتهان إلي الدعم الآمريكي الثابت لها و دول الغرب.
إن المقاومة الفلسطينية تمكنت من خلال هذه العملية النوعية من تحقيق مكاسب مادية و معنوية بالإضافة إلي مزايا استراتيجية و سياسية.
سيكون لها الأثر الكبير في مجريات الأمور ميدانيا.
1 ‐ كسر هيبة دولة إسرائيل و مؤسساتها العسكرية و الأمنية رغم القوة الضاربة.
2 ‐ أظهرت عملية طوفان الأقصي الفشل الإستخباراتي و العسكري السريع لقوات الإحتلال.
3 ‐ خلق هذا الهجوم ارتباكا غير مسبوق داخل إسرائيل و أفقد العدو توازنه .
4 ‐ اتساع حالات اللا أمن واللا استقرار داخل العمق الإسرائيلي و الآثار النفسية و الإقتصادية.
5 ‐ وضع قد يؤجج الصراعات الداخلية و يتسبب في أزمات سياسية و حالات احتقان بدأت تداعياتها تلوح في الأفق ستضع حدا للنظام الحالي و تطيح بالإئتلاف الإسرائيلي الحاكم.
6 ‐ تسببت هذه الهجمات في نزوح مئات العائلات من المستوطنين الإسرائليين
و بثت الرعب و الخوف في نفوسهم مما سيشكل عائقا و مانعا لديهم في رحلة العودة إلي المستوطنات من جديد بعد انتهاء الحرب .
7 ‐ ضربة لمساعي التطبيع و قطع الطريق أمام الوافدين الجدد .
8 - انقسام مجلس الأمن بشأن هجوم المقاومة الأخير.
9 - فشل مساعي الولايات المتحد الآمريكية في خلق إجماع دولي بشأن الدعوة إلي إدانة حازمة للهجوم المباغت.
10 - بدأ المشاورات بشأن التحضير لإجتماع طارئ لوزراء العرب لبحث الأوضاع في غزة و محاولة الوصول إلي بلورة موقف مشترك داعم للقضية الفلسطينية.
11 - كسب رهان الشارع العربي و الإسلامي من خلال تزايد الأصوات الداعمة للمقاومة و لأهالي غزة
عبر الإنتشار الواسع للمظاهرات الحاشدة و المسيرات المؤيدة و ما لذلك من تداعيات علي المشهد الدولي.
12 ‐ ارتفاع عدد الأسري الإسرائيين : ورقة رابحة ستمكن المقاومة الفلسطينية من تعزيز موقعها و الدخول مستقبلا في مفاوضات حول الأسري الفلسطينيين من موقف قوة.
13 ‐ قوة المقاومة الصاروخية الضاربة و مستوي تحسين القدرات القتالية يعكس عمق العلاقة مع دولة ايران الإسلامية.
لاشك أن الإستخدام الإسرائيلي المفرط للقوة ضد ساكنة قطاع غزة و استهداف المدنيين و هدم المنازل فوق رؤوسهم و قتل الشيوخ و الأطفال و النساء بدم بارد يمكن أن يصنف و يعد ردا مناسبا و متكافئا و متوازنا لهجمات طوفان الأقصي فالرد ينبغي أن يكون من داخل ميدان المعركة لحظة الهجوم المباغت ليس إلا.
ما عدي ذلك فهو عمل إجرامي إرهابي و انتهاك لحقوق الإنسان ترتكبه إسرائيل علي مرأي و مسمع من المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكنا.
لخروجها علي القوانين و المواثيق الدولية .
و تجاهلها قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي .
لقد اتضح جليا أن القانون الدولي لا يطبق إلا علي الضعيف.
يينما تتجاهله الدول العظمي و حلفاؤها و تنتهكه كما تشاء و متي تشاء لأنها تمتلك قانون أسمي قانون القوة العسكرية و الإقتصادية و الدبلوماسية.
أما إسرائيل رغم فظاعة جرائمها فإنها خارج القانون و ستظل كذلك ما دامت الدول الراعية للديمقراطية و حقوق الإنسان ترفض فكرة مساءلتها أمام المحاكم الدولية.
تأسيسا لما سبق فإن بيان الخارجية الموريتانية حول الموقف الرسمي من تداعيات عملية طوفان الأقصي جاء مطابقا للموقف الشعبي الثابت و الرافض للإحتلال و الداعم للمقاومة و لأهالي غزة.
حيث يري أن ما يجري نتيجة حتمية للإنتهاكات المتكررة بحق الشعب الفلسطيني و حرمة الأقصي.
و يدعو إلي الحيرة و الإستهجان و الإستنكار و بقوة.
ذلك ما سيتجلي إن شاء الله خلال فعاليات مهرجان الحشد الشعبي الكبير المرتقب هذا المساء و الذي ستنظمه الأحزاب السياسية الموريتانية نصرة للقضية الفلسطينية و لأهالي غزة.
فكما قال الشاعر : -
وقتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر.
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر.
التطبيع ظلم و وصمة عار في حق القضية الفلسطينية العادلة.
حفظ الله فلسطين.
اباي ولد اداعة
.