تعيش العاصمة انواكشوط هذه الأيام في ظل موجات حر كبيرة و بداية موسم خريف لم تتشكل بعد ملامحه لقلة التساقطات المطرية علي وقع أزمة عطش حادة غير مسبوقة و علي نطاق واسع.
تفاقمت لدرجة انعدامها في مناطق و أحياء شعبية مختلفة.
تعود أحيانا في آخر ساعات الليل عندما يكون السكان نياما و بقوة ضخ ضعيفة و كمية ماء لا تكفي لتعبئة برميل خاصة أن معظم المشتركين اعتادوا الارتباط بالشبكة مباشرة منذ بدء تشغيل مشروع آفطوط الساحلي مؤخرا نتيجة لقوة الدفع والضخ أنذاك .
مما أرغمهم علي التخلي عن وسائل و آليات تخزين الماء القديمة كالخزانات والبراميل داخل المنازل ظنا منهم بأن عهد الإنقطاعات قد ولي في ظل دخول المشروع الوليد مراحل التشغيل الفعلي و تزويد العاصمة انواكشوط بالماء الشروب علي مستويات واسعة مقارنة بما كان يحصل في العقود الأخيرة .
أمام صمت القائمين علي شأن الشركة الوطنية للماء في بداية تداعيات أزمة العطش الحالية و ما صاحبها من أصوات مستاءة مطالبة بالتدخل الفوري و وضع حد لهذه الأزمة و اخذ الحيطة قبل فوات الأوان و اتساع دائرة المعاناة دون استجابة تذكر من جهات الشركة الإدارية أو الفنية المختصة .
و الإكتفاء بتقديم إعتذارات متتالية خجولة عبر منابر إعلامية لا تناسب حجم المعاناة من قبيل أن العجز الحاصل مرده تراجع كميات الإنتاج علي مستوي مصادر منشآت آفطوط الساحلي دون الإفصاح أو توضيح المزيد .
في حين أكد المدير العام للشركة الوطنية للماء السيد محمد محمود ولد جعفر في خضم لقاء مع قناة الموريتانية حول موضوع أزمة العطش أن انقطاع المياه عائد إلي تراجع انتاج المياه القادمة من آفطوط الساحلي بمستوى عال تجاوز عتبة 50% بسبب الارتفاع المفاجئ الكبير لمنسوب الطمي في مياه النهر .
مما خلف موجات عطش هي الأوسع من نوعها داخل العاصمة انواكشوط منذ الإنطلاق الفعلي لمشروع آفطوط الساحلي.
دون أن يحدد سقفا زمنيا لتجاوز الأزمة أو سبل التغلب عليها و التعامل مستقبلا مع هكذا حالات.
ربما اكتفي بالإرتهان إلي مسوغات تطبيق ألكتروني تم إعتماده من طرف الشركة من أجل تقريب الخدمة من الساكنة تحت مسمي ( سقاية مواطن) .
قد لا يسقي من عطش في ظل شبكة مياه خاوية علي عروشها و فروعها.
و كأنه نسي أو تناسي عن قصد أو غير قصد أن فاقد الشئ لا يعطيه .
بينما لم يستوعب بعض المراقبين للشأن الوطني غياب و تجاهل مختلف الجهات و الهيئات المنتخبة موالاة و معارضة من عمد و رؤساء جهات و نواب ( صوت الشعب ) لحجم أزمة العطش و عمق معاناة الساكنة و عدم التعاطي مع الحدث .
و كأنهم يغردون خارج السرب.
حيث أستغل بعض التجار ولا غرو الشح الحاصل و تربحوا.من المعاناة من خلال الارتفاع المذهل للأسعار دون ضوابط قانونية بعدما حاصرت أزمة العطش الأحياء و العائلات .
يرون بأنهم يقدمون خدمة مقابل سعر يحدده قانون العرض و الطلب أمام شح موارد مياه طالت في عمومها حنفيات شحن صهاريج لم تشهد ابدا حالات انقطاع بهذا المستوي منذ أمد بعيد.
تأتي زيارة التفقد و الإطلاع الأخيرة لوزير المياه بمقاطعة كرمسين لمنشآت آفطوط الساحلي التي تزود العاصمة انواكشوط بالماء الشروب انطلاقا من نهر السينغال ضمن جهود و مساعي الحكومة للوقوف علي حيثيات و ابعاد الأزمة و التأكد من سير الإجراءات المقام بها للحياولة دون تفاقم الأزمة قبيل العودة المرتقبة للأسر و العائلات من موسم الكيطنة و الخريف و العطل الصيفية.
مؤكدا أن قطاعه يواكب عن قرب توزيع الكميات المنتجة حاليا بشكل عادل يخفف من وطأة العطش داخل مختلف مناطق العاصمة .
في إطار تبني سياسة تقشف في التوزيع ضمن الحلول المتاحة .
بالإضافة إلي تهيئة اسطول من الصهاريج كحل مؤقت لسد النقص الحاصل في التوزيع من خلال سقاية النقاط الحساسة و تزويد المناطق الهشة غير مغطاة بشبكة توزيع بمياه صالحة للشرب.
خطوة صنفها البعض بالهامة عكست هموم المواطن البسيط و ساهمت في خلق سقاية كان لها الأثر الإيجابي في تخفيف المعاناة .
لكنها لم ترتق بعد لمستوى التحديات و لم تلامس سقف مطالب ساكنة انواكشوط في إيجاد حلول مستديمة لمشكل المياه في الأفق القريب و في حدود آجال محددة سلفا.
في انتظار الولوج لمراحل انتاج تغطي و تلبي حاجات المواطن من الماء الشروب فإن ما تحتاجه ساكنة انواكسوط اليوم هو صلاة إستسقاء جماعية مقبولة تعيد المياه إلي مجاريها الطبيعية ليس إلا.
سقانا الله و إياكم من حوض نبيه الكريم محمد صلي الله عليه وسلم.
اباي ولد اداعة.