أنعم الله على الموريتانيين بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ويتجلي ذلك في المديح الشعبي وفي الموروث الثقافي حتى على مستوى الناس البسطاء بل وفي اللغة العامية، فما بالك بالتراث الضخم نظما ونثرا، الذي خلفه العلماء والمحبون والصالحون في هذه الربوع المباركة.
لذلك لا عجب إن انتفض الموريتانيون نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعبيرا عن سخطهم على الذين يؤذون الله ورسوله، وعلى الذين غلبت عليهم شقوتهم فسلكوا طريق خسران الدنيا والآخرة.
نعم لا معنى ولا طعم للحياة إذا أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرحمة المهداة، السراج المنير، الشفيع الرحيم الذي يقول: أنا لها، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، في ذلك الموقف الذي تشيب له الولدان.
أحسن الذين عبروا عن غضبهم لله ورسوله محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما لشأنه، وطرق التعبير كثيرة تلتمس في مراتب تغيير المنكر الواردة في الحديث الشريف.
فالشعر والنثر والتسجيل الصوتي والدروس العلمية والمواعظ التي تستنكر أفعال وأقوال المسيئن لأنفسهم، كل ذلك من الأساليب الحميدة التي يمكن أن يعبر بها المسلمون عن محبتهم ونصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك هناك طرائق قد يظنها بعضهم تعبيرا عن المحبة والنصرة وقد يصدق عليها قول الإمام الشافعي:
رام نفعا فضر من. غير قصد** ومن البر ما يكون عقوقا.
فليس من الطرق السليمة، حسب تصوري، تصنيف الناس بين محب ومتخاذل ومتخلف ومداهن ومنافق.. وهذا كتب وذاك لم يكتب، وهذا دون وغيره لم يدون.
ولا يشترط في المحبة أن نحدد للناس طرق التعبير،،
وليس من المحبة ولا النصرة إساءة الظن بالمسلمين واتهامهم بالتقصير في محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه فقط لأنهم لم يعبروا بالطريقة التي نراها.
وليس من النصرة ولا من المحبة فتح معارك جانبية بين المسلمين تشغل عن الموضوع الأساسي..
بعض المحبين طالبوا بالكشف عن هوية المسئ/المُسيئة على سبيل التشهير به ولينال ما يستحق من عقوبة وليكون عبرة وعظة لغيره..
وبعض المحبين لا يطيقون سماع اسمه ولا رؤيته ولا الحديث عنه، ليس شفقة ولا رأفة به وإنما بغضا له.
اتفق الفريقان في محبة النبي صلى الله عليه وفي الدعوة الى تنفيذ حكم الشرع في المسئ ولكنهما اختلافا في جانب من التفاصيل.
علينا أن ندرك أن طرق التعبير عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ولعل أفضلها التأسي به صلى الله وسلم في جميع شؤون الحياة والتخلق بأخلاقه والاستقامة على سنته وشريعته عليه الصلاة والسلام ..
وما أدراكم فلعل الصمت يكون أحيانا أبلغ أساليب التعبير.
قلما ينطق الشجي ولكن ** لي مع الصمت لو علمتم شؤون
فربما فاتنا أن بعض المحبين يتمثلون قول القائل:
وَاللَه ما طَلَعَت شَمسٌ وَلا غَرُبَت**إِلّا وَحُبُّكَ مَقرونٌ بِأَنفاسي
وَلا جَلستُ إِلى قَومٍ أُحَدِّثُهُم**إِلّا وَأَنتَ حَديثي بَينَ جُلّاسي
وَلا ذَكَرتُكَ مَحزوناً وَلا فَرِحاً**إِلّا وَأَنت بِقَلبي بَينَ وِسواسي
وَلا هَمَمتُ بِشُربِ الماءِ مِن عَطَشٍ**إِلّا رَأَيتُ خَيالاً مِنكَ في الكَأسِ
وَلَو قَدَرتُ عَلى الإِتيانِ جِئتُكُم**سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الرَأسِ
وَيا فَتى الحَيِّ إِن غَنّيتَ لي طَرَباً**فَغَنّنّي واسِفاً مِن قَلبِكَ القاسي
مالي وَلَلناسِ كَم يَلحونَني سَفَهاً**ديني لِنَفسي وَدينُ الناسِ لِلناسِ
فلنعبر عن محبتنا دون أن ننصب أنفسنا أوصياء على المسلمين.
ولنعبر عن نصرتنا دون ظلم غيرنا..
اللهم إني أبرأ إليك من كل الذين يؤذون الله َرسوله عليه الصلاة والسلام.
اللهم إنا نعوذ بك من حالهم..
اللهم لا تهلكنا بذنوبنا ولا بذنوب الأشقيأء...
أما وقد صدرت فتوى العلماء فعلى الجهات المختصة تنفيذ ما صدر عنهم بشأن موضوع الإساءة حتى ينال من أساء عقوبته المقررة شرعا.
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء
رب اغفر لي ولوالدي ولوالديهم ولجميع المسلمين والمسلمات
والصلاة والسلام على الحبيب الشفيع سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الهادي محمد المختار النحوي