في إطار مدارس الأطر / سيدي علي بلعمش

 

البورجوازية الجديدة في موريتانيا ، هي أكثر مصادر تخلخل المجتمع و تهديد استقراره و انتهاك حرماته ..

البورجوازية الجديدة إما منتقمة من الفقر و إما منتقمة من المجتمع و إما منتقمة من الاثنين ..

البورجوازية الجديدة ، أكثرها من السماسرة و المزورين و المحتالين و أصحاب الغش التجاري و باعة المخدرات و الأدوية المزورة و المواد الغذائية منتهية الصلاحية ..

هذه البورجوازية المنحرفة من غير المتعلمين عادة ، الناقمين على الطبقة الوسطى التقليدية التي بنت ثرواتها و أمجادها بطرق أنبل و صبر أطول و كفاح أجمل ، هي اليوم من تربك المجتمع و تقوده إلى ما في أنفسهم من شرور..

و لأنها بلا محرمات و لا ثقافة و لا أخلاق ، تعانق البورجوازية الجديدة كل الظواهر الدخيلة المُطَعَّمَة عادة بإغراءات مادية مرسومة بدقة في ثياب موضة تافهة آسرة الغرائز الوحشية ، هي أكثر ما يؤثر عادة في البسطاء من أمثالهم .

لن تسحب البورجوازية الجديدة أبناءها من مدرسة الأطر لأنها الطريق الأمثل لتأطيرهم على الغش .. لأنهم أطر (قبل البلوغ) بتأطيرهم و إعدادهم لعقلية "الشطارة" و معادات الغش في دولة "حَوَاصَة" ..
لأنها هي الطبقة المستهدفة على معايير قائمة بذاتها لتقبل هذا الانحراف المُعَدّ على مقاسها..
لأن أبناءهم يدرسون فيها الفرنسية التي يعتبرونها (لجهلهم) ، الضامن الأوحد لتميز أبنائهم ، قفزا على سلم رقي اجتماعي ، يخادعون الزمن في حرق مراحله..

و لأن فرنسا تعلن عاليا قيادتها العالمية لعداء الإسلام ..
لأن 70٪؜ من وقت برامجها الإعلامية مخصصة لتشويه الإسلام و تجريم الاحتشام و تطرف العرب و المسلمين و توزيع الامتيازات على أصحاب الشذوذ و عملاء العداء لكل ما يمت إلى الإسلام بصلة ، وجدت هذه البورجوازية الجديدة بعضَ نقمتها في تعلم اللغة الفرنسية ..

و ليست لدينا أي مشكلة مع تعلم الفرنسية ؛ إن مشكلة اللغة الفرنسية على أرضنا في من يحولونها إلى ديانة و من يحولونها إلى معشوقة جماهير تستمد قدسيتها من قدسية المستعمر ..
و في من يربطونها بثقافة مسيحية لا يفهمون منها غير الشذوذ الجنسي ..

على الشعب الموريتاني اليوم (لا أن يعاقب مدارس الأطر لأن هذه هي مهمتها) ، بل أن يعاقب من يسجلون أبناءهم فيها تحديا للمجتمع و لدينه و ثقافته ..

و احتراما لحرية المعتقد (لا إكراه في الدين) ، عليهم فقط أن لا يصلوا في مساجدنا و لا نصلي على أمواتهم ، مع حفظ بقية حقوقهم ..

على ردة فعل المجتمع أن تكون صارمة و صادقة و صادمة ، لا ينطفئ وميضها بعد أيام فقط من إثارة الموضوع كأن شيئا لم يكن ، لكن عليها أن تكون ردة فعل متحضرة ، تتفهم أن من بين ذوي التلاميذ من لا علم لهم و من بينهم من لا يفهم خطورة الوضع و من بينهم من ستأخذه العزة بالإثم و من بينهم من سيكابر في تحديه للمجتمع و يعلن (بالفعل أو القول) ، رفضه لحديث تعصب هذا المجتمع البدوي المتخلف..

لقد كشفت مدارس الأطر عن وجهها الحقيقي و علينا فقط أن نكشف لها عن حقيقة موقفنا منها بلا لبس و لا مجاملة ..

و ليس من حقنا أن نأخذ عليها أكثر من هذا و لا أن نعاملها بغير ما اختارت لنفسها ..

أما من يحاولون اعتبار الموضوع أمرًا لا معنى له ، لا يستحق كل هذا اللغط التافه و هذه التأويلات المهولة ، فهم الأخطر لأنها هي "النخبة" المُعدة و المُجهَّزة للدفاع عن هذا الاستفزاز المُتَعَمَّد و المُمَرَّر بذكاء ، في وقت مختار و طريقة مختارة و شحنة تجريبية على المقاس..

و تثير هذه القضية اليوم جريمة التعليم الحر في وقت يتعثر فيه مشروع "المدرسة الجمهورية" التي أرعبت التعليم الحر قبل أن يتكشف أنها مجرد مشروع تجاري فاشل مثل كل الشعارات التمويهية الجميلة .