بعد مؤتمر 1907 أتفق الغربيون على أن لا بقاء لريادتهم وتفوقهم إلا بابقاء أهم المناطق في العالم استراتيجيا ضعيفة ومتخلفة ومجزأة تلك المنطقة ليست سوى الوطن العربي لما يتمتع به من مكامن القوة وعوامل التوحد :
لغة واحدة.
دين واحد تقريبا.
تاريخ مشترك.
لا حدود طبيعية تقطع أوصال الوطن العربي.
نمو ديمغرافي متسارع تجاوز اليوم ثلاثمائة مليون نسمة.
إرث حضاري مفعم بالريادة والابتكارات العلمية.
قابلية احتواء الآخر دون الخشية من الذوبان فيه.
الإرث الديني الكبير حيث المنطقة مهبط الديانات السماوية.
المخزون الهائل لكل مصادر الطاقة (البترول والطاقات النظيفة ).
الموقع الجيوستراتيجي للعرب حيث يطلون على كل القارات، فمن يسيطر على العرب سيتحكم تجاريا في كل مناطق العالم من خلال المضايق البحرية (باب المندب،قناة سويس و جبل طارق ).
هذه العوامل وتلك الرغبة في السيطرة جعلت الغربيين يفكرون في زرع كيان وظيفي في المنطقة يضمن ثلاثة أهداف :
انفصال المشرق العربي عن المغرب العربي .
بقاء العرب في حالة سبات وتخلف.
ضمان ولاء هذا الكيان الوظيفي للغرب.
باطلاع اليهود على نتائج مؤتمر 1907 اتصلوا بالغربيين متعهدين بتجسيد تلك الأهداف مقابل حماية الكيان الوظيفي الوليد.
من هنا بدأت قصة إنشاء الكيان الصهيوني وزرعه في قلب الوطن العربي حيث أختيرت واسطة العقد العربي فلسطين لتجسيد المؤامرة.
حاول العرب في الخمسينات ومن خلال الزعامة الناصرية والتي كانت قد أدركت حقيقة الصراع كصراع وجود وأن الصهاينة ليسوا سوى مفرزة أمامية وبيادق للعدو الحضاري تؤمر فتنفذ المخططات.
انحاز عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتي فوجد الانفتاح والسلاح والدعم وعلى أرض فلسطين كاد العرب أن يفشلوا المخطط وينهوا دور الكيان الصهيوني :
توحدوا بجشيوش عربية موحدة القيادة في حرب اكتوبر 1973 وقبلها في معركة 1967 وحرب الاستنزاف.
فعلوا الجامعة العربية كأداة توحيد من خلال قرارات قممها وأجهزتها المتخصصة.
اتجه العرب لاكتساب العلوم العصرية فرأت الجامعات العصرية النور وبدأت البرامج النووية تنجز .
باختفاء التجربة الناصرية حدثت الانتكاسة وبدى وكأن جل الاقطار العربية التي تدار من طرف الرجعية العربية قابلة أن تندمج مع الكيان الصهيوني ليتحول قسم كبير من العرب إلى كيان وظيفي ضد مصالحه ومستقبل أبنائه وأمته كما تم الاجهاز على دول الممانعة فدمر العراق وليبيا وادخلت سوريا في وحل الارهاب والتمرد .
عندئذ نام الغربي على سريره مرتاح البال لأن العرب رجعوا إلى عصر الجاهلية ويكفي أن تحيى لهم من حين لآخر معركة داحس والغبراء وبصيغ متعددة وحسب الظروف والأزمنة:
الصراع بين الاسلام والعلمانية.
الصراع بين العروبة والاسلام.
الصراع بين السنة والشيعة.
الصراع بين العرب والبربر.
الصراع بين العرب والزنوج.
الصراع بين بلدان مصدر ومجرى الأنهار وبلاد المصب العربي.
سقط الآلاف موتى ودمرت الجيوش وشردت الملايين وكفر كثيرون من المغرور بهم بكل ما يمت إلى الوحدة العربية من مفردات (أمة العرب ،لغة العرب ،تاريخ العرب والمصير المشترك.....).
كان الكل يدرك المأزق ولكن يائس من امكانية التغيير.
بعد اخضاع العرب اتجه الغرب إلى الشرق فحوصرت إيران لكنها كانت عصية على الاخضاع وظلت تمانع وتتكئ أكثر على الشرق الاقصى ليدرك الغرب متأخرا حجم تطور قوى الشرق الأقصى الصين الهند ورأس الحربة روسيا فحاول استنساخ تجربة الكيان الوظيفي في الشرق الأقصى ليقع الاختيار على أوكرانيا والتي يتحكم اليهود في مفاصل الدولة بها فانغمس الغرب في حرب وجودية حفاظا على عرشه المتهاوي في مواجهة عسكرية مع روسيا ومن خلفها الشرق الصاعد (الصين الهند كوريا الشمالية) والدول الرافضة للهيمنة الغربية جنوب إفريقيا والبرازيل.
أمام العرب اليوم فرصة ذهبية للخروج من المأزق:
الخروج عن بيت الطاعة الغربي.
الانحياز إلى الشرق بشروط أهمها المساعدة في تطوير برامج تسلح تقليدية متطورة وبرامج نووية عسكرية وشراء رؤوس نووية جاهزة وصواريخ حاملة لها.
لن يكون التفاوض صعبا إذ أن الشرق بحاجة إلى قواعد مطلة على أوروبا وأمريكا إذا ما تطورت الحرب إلى حرب عالمية ثالثة حيث ستكون السيطرة على مصادر الطاقة هي الهدف الأول للغرب الذي يفتقر إليها.
عدم الانخداع بوعود الغربيين حتى لا نكرر تجربة الحرب العالمية الثانية .
الانخراط في مبادرات السلام العالمية وإدماج الصراع مع العدو الصهيوني في أي حل دولي ولن يتم ذلك ما دمنا خارج دائرة التأثير.
الانضمام إلى منظمة البريكس جماعيا حتى نبقى قوة مؤثرة فيها.
التحرر من عبودية الدولار وتنويع سلة العملات أثناء التبادل التجاري الدولي.
إنشاء سوق إقتصادية عربية مشتركة.
إنشاء عملة عربية موحدة ولتكن الدينار العربي وحبذا إن كان ذهبيا لما يمتلكه العرب من مخزون كبير من هذا المعدن.
إلقاء تأشيرات الدخول بين البلدان العربية.
التطبيع مع الجيران من فرس وأتراك وفق علاقة ندية.
إعادة الاعتبار للهوية العربية.
مالم نتوحد لن نؤثر في الصراع القائم بل سنكون إحدى أدواته وأهم ساحاته.
شيخنا محمد سلطان.