لقد أدرك أهل الحضارة الهندية القديمة أهمية الأوطان و ضرورة الحفاظ عليها لما لها من أهمية في حياتهم اليومية. و قد سجلوا ذلك الإهتمام في تراثهم الثقافي عبر حكمهم الشعبية التي تري"أن حرمة بلدك كحرمة أبويك ". و هذه الحقيقة تتماشي مع قناعة راسخة لديهم مفادها أن" أجمل بقاع العالم هو المكان الذي ولدت فيه و ترعرعت و أتخذته وطنًا لك ولأحفادك من بعدك" و سواءً أتفقنا و أختلفنا مع هذا الطرح ، فالأكيد أن حب الأوطان و المحافظة علي إستمرارية عطائها حاضرًا و مستقبلًا و العمل علي تقدمها و إزدهارها و صون إستقلالها و سلامة أراضيها يحتل حيزًا مهمًا في تراثنا الإسلامي و في معتقداتنا الدينية ، لأن حب الوطن في النهاية هو دين و فطرة.
و هنا لا بد من الإشارة إلي أن حصول البلاد علي إستقلالها سنة 1960م لم يكن منحة من الإستعمار الفرنسي و إنما جاء نتيجة لستة عقود من النضال الوطني لم يتم التزحزح فيه قيد أنملة عن التأكيد علي هوية موريتانيا الدولة العربية الإسلامية الإفريقية المنفتحة علي جميع شعوب العالم و الغنية بتنوع أعراقها و مكوناتها الإجتماعية كافة و ذلك رغم كل التحديات و التجاذبات الإقليمية و الدولية.
و إن أبناء الوطن اليوم الغيورين علي مصلحته لمطالبون أكثر من أي وقت مضي بالوقوف صفًا واحدًا أمام كل من تسول له نفسه النيل من وحدة و إستقرار و مكتسبات البلاد و الإلتفاف حول رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني و التشبث بنهجه القائم علي ترسيخ قيم الديموقراطية و ضمان المساواة بين جميع المواطنين و التسامح و نبذ العنف و الكراهية و محاربة الغبن و التهميش و الإقصاء وهي كلها أمور تتنافي مع روح الإنتقام و التخريب و تهديد السلم الأهلي التي يرفضها العرف و يدينها الشرع و القانون و تأبي عنها المروءة. لأن لا شيىء يعوض خسارة الأوطان.
و قد عبرت الشاعرة العربية القديمة عن ذلك بصدق عندما أنشدت تقول:
خشونة عيشي في البادية أشهي:. إلي نفسي من العيش الظريف
فما أبغي سوي وطني بديلًا:. فحسبي من ذلك من وطن شريف